السبت، 17 يناير 2009

نظرية المؤامرة























صاروخ للمقاومة ينطلق من أحد أحياء غزة








و القوات الأسرائيلية تضرب الموقع الذي انطلق منه الصاروخ !










اعتاد معظم العرب إن لم يكن جميعهم على استحضار نظرية المؤامرة في معظم قراءاتهم السياسية إن لم يكن كلها أيضاً. فإهمالنا ومصائبنا وبلاوينا مؤامرة ومن ورائها متآمرون، مطالبة حكوماتنا بالديمقراطيات والحريات وإيقاف النهب ومنع فواحشه مؤامرة ومن ورائها أناس بطّالون. جوعنا وفقرنا وأزمات الطعام والغذاء وطوابير الخبز والوقود عندنا مؤامرة أمريكية بامتياز القادم فيها أخطر مما مضى.
اختلاف العرب مؤامرة بالتأكيد ومن خلفها المشاريع الأمريكية والصهيونية ومن شدّ على أيديهم، وهو كلام قالته وتقوله لنا حكومتنا مذ كنا أطفالاً، وقاله الرفاق ومازالوا يقولونه في اجتماعات عروبية خصوصاً رغم أنه كلام فقد فاعليته وزال بريقه وقد أمسينا كهولاً.
نظرية المؤامرة من الناحية العملية فيما نعتقد تريح أصحابها من الأعباء والعمل وبذل الجهد والسعي نحو التنمية، كما أنها نظرية واسعة قادرة على استيعاب الكثير من قضايانا إن لم يكن كلها، وقابلة لأن نعلّق عليها تخلفنا وانحطاطنا، والأهم أنها ترمي بالمسؤولية على الآخر غرباً وشرقاً، عرباً وعجماً، أمريكا وأوروبا، خصومنا ومعارضينا، ونستبعد أنفسنا وذواتنا. باختصار، نحن فيها القادرون على اتهام الدنيا كلها إلا نحن، ونتناسى قل هو من عند أنفسكم. وهكذا فنحن الأطهر والأنظف والأنقى والأقدر في اختراع الأعذار على ما نحن فيه من مشاكل وتخلف وقمع واستبداد.
إننا ابتداءً وإن كنا نعتقد بشيء من نظرية المؤامرة لأسباب مختلفة، منها أنه كتب علينا أن نُخلق في عصر كثرت فيه مؤامراته وصفقاته في ظل أنظمةٍ استبدادية قامعة تستمد شرعيتها منها وتتطلع إلى الاستمرار بواسطتها، فإننا انتهاءً لسنا من أنصارها ولا من المروجين لها.
فإن مما لاشك فيه أن لأمريكا ولكل دول العالم أجنداتها واستراتجياتها التي تمضي بها إلى إمضاء مصالحها والحفاظ عليها ولايجادل أحد أحداً في شيء من هذا. ولكن ألاّيكون لنا أجندات واستراتيجيات وإن وجدت فهي مصالح ضيقة وشخصية وعائلية، وديكتاتوريات ظالمة باطشة، ونهب لمقدرات العباد وثروات البلاد، واعتبار الأوطان مزارع خاصة لأناس بعينهم، وتياسـة على الآخر، فهو الجهل بنفسه والعمى بعينه. وأن نكل أمورنا إلى اللصوص والسفهاء ولكل ماخلق ربي من عاهات، ثم نرمي بمصائبنا على الدول الكبرى ومجلس الأمن والأمم المتحدة، ونتوهم المؤامرات من الآخر، فهو من سـوء التدبير وضيق الأفق وتوهم الأعداء، وتعليق مصائبنا على الغير.
إن ماعندنا من المصائب والإعاقات والبلاوي والحماقات لوجاءت أمريكا بحالها أو فرنسا تخطط وترتب لتدمير وتخريب دولة ما من دولنا، لما استطاعت أن تحدث دماراً وخراباً في بنية المجتمع ومنظومة قيمه كما فعل ويفعل السفهاء والمعوَّقون ذهنياً من أبناء جلدتنا وبني قومنا ممن عميت عن مصالح أوطانهم بصائرهم، فالأحمق يفعل بنفسه كما يفعل العدو بعدوه.

ليست هناك تعليقات: