السبت، 17 يناير 2009

نظرية المؤامرة























صاروخ للمقاومة ينطلق من أحد أحياء غزة








و القوات الأسرائيلية تضرب الموقع الذي انطلق منه الصاروخ !










اعتاد معظم العرب إن لم يكن جميعهم على استحضار نظرية المؤامرة في معظم قراءاتهم السياسية إن لم يكن كلها أيضاً. فإهمالنا ومصائبنا وبلاوينا مؤامرة ومن ورائها متآمرون، مطالبة حكوماتنا بالديمقراطيات والحريات وإيقاف النهب ومنع فواحشه مؤامرة ومن ورائها أناس بطّالون. جوعنا وفقرنا وأزمات الطعام والغذاء وطوابير الخبز والوقود عندنا مؤامرة أمريكية بامتياز القادم فيها أخطر مما مضى.
اختلاف العرب مؤامرة بالتأكيد ومن خلفها المشاريع الأمريكية والصهيونية ومن شدّ على أيديهم، وهو كلام قالته وتقوله لنا حكومتنا مذ كنا أطفالاً، وقاله الرفاق ومازالوا يقولونه في اجتماعات عروبية خصوصاً رغم أنه كلام فقد فاعليته وزال بريقه وقد أمسينا كهولاً.
نظرية المؤامرة من الناحية العملية فيما نعتقد تريح أصحابها من الأعباء والعمل وبذل الجهد والسعي نحو التنمية، كما أنها نظرية واسعة قادرة على استيعاب الكثير من قضايانا إن لم يكن كلها، وقابلة لأن نعلّق عليها تخلفنا وانحطاطنا، والأهم أنها ترمي بالمسؤولية على الآخر غرباً وشرقاً، عرباً وعجماً، أمريكا وأوروبا، خصومنا ومعارضينا، ونستبعد أنفسنا وذواتنا. باختصار، نحن فيها القادرون على اتهام الدنيا كلها إلا نحن، ونتناسى قل هو من عند أنفسكم. وهكذا فنحن الأطهر والأنظف والأنقى والأقدر في اختراع الأعذار على ما نحن فيه من مشاكل وتخلف وقمع واستبداد.
إننا ابتداءً وإن كنا نعتقد بشيء من نظرية المؤامرة لأسباب مختلفة، منها أنه كتب علينا أن نُخلق في عصر كثرت فيه مؤامراته وصفقاته في ظل أنظمةٍ استبدادية قامعة تستمد شرعيتها منها وتتطلع إلى الاستمرار بواسطتها، فإننا انتهاءً لسنا من أنصارها ولا من المروجين لها.
فإن مما لاشك فيه أن لأمريكا ولكل دول العالم أجنداتها واستراتجياتها التي تمضي بها إلى إمضاء مصالحها والحفاظ عليها ولايجادل أحد أحداً في شيء من هذا. ولكن ألاّيكون لنا أجندات واستراتيجيات وإن وجدت فهي مصالح ضيقة وشخصية وعائلية، وديكتاتوريات ظالمة باطشة، ونهب لمقدرات العباد وثروات البلاد، واعتبار الأوطان مزارع خاصة لأناس بعينهم، وتياسـة على الآخر، فهو الجهل بنفسه والعمى بعينه. وأن نكل أمورنا إلى اللصوص والسفهاء ولكل ماخلق ربي من عاهات، ثم نرمي بمصائبنا على الدول الكبرى ومجلس الأمن والأمم المتحدة، ونتوهم المؤامرات من الآخر، فهو من سـوء التدبير وضيق الأفق وتوهم الأعداء، وتعليق مصائبنا على الغير.
إن ماعندنا من المصائب والإعاقات والبلاوي والحماقات لوجاءت أمريكا بحالها أو فرنسا تخطط وترتب لتدمير وتخريب دولة ما من دولنا، لما استطاعت أن تحدث دماراً وخراباً في بنية المجتمع ومنظومة قيمه كما فعل ويفعل السفهاء والمعوَّقون ذهنياً من أبناء جلدتنا وبني قومنا ممن عميت عن مصالح أوطانهم بصائرهم، فالأحمق يفعل بنفسه كما يفعل العدو بعدوه.

الأربعاء، 14 يناير 2009

عمرو خالد لا يستجيب

* تبذل مجموعة الصدام داخل الحكم جهداً متواصلاً لدفع عمرو خالد إلى ما يريدون، ولكن الرجل لا يستجيب، منعته من التليفزيون المصرى، ومن النوادى، ومن مسجد الحصرى، ومن جميع اللقاءات العامة، بهدفٍ واحد، وهو إرغامه على سلوك سبيل العمل السرى، ولكنه لا يستجيب، ما رست عليه أبشع أنواع الضغوط بسبب تفكير زوجة رجل مهم فى إرتداء الحجاب حتى غادر البلاد وأقام فى الخارج سنين عددا، إذ كيف ستكون صورة الأسرة المالكة وبينها محجبة ؟ إعتقدوا أنه بعد أن يعود إلى مصر سوف يستجيب لهم، ولكنه لم يفعل .كانت آخر هذه الضغوط هو وقف ومنع مشروعه الجديد، الذى يتلخص فى محاربة الفقر والتسرب من التعليم ومواجهة البطالة، وذلك عن طريق مجموعات من الشباب المتطوع تنتشر وتجوب القرى والنجوع وتلتقى بالأسر الفقيرة وتبدأ معهم مشروعات متناهية فى الصغر كتربية جاموسة، أو نول خياطة، أو تسيير توك توك، فى مقابل أن تبذل تلك الأسر جهداً فى إعادة أطفالها المتسربين من التعليم، ويستمر العمل وتستمر المتابعة شهوراً لضمان حسن التنفيذ . * وبمجرد أن أعلن عمرو عن مشروعه، تجمع حوله الشباب من كل قرى مصر ومدنها، من مختلف الأعمار والأفكار، المسلم منهم والقبطى، حتى زاد عددهم على سبعين ألفاً، الكل مؤمن بالفكرة، ومستعد للعمل، العمل على محاربة الفقر والبطالة والتسرب من التعليم .. * وفجأة توقف المشروع، أو بالأصح تم منعه، وحال أدبُ عمرو عن ذكر أسباب منعه، وعلت الدهشة وجوه الجميع، وترددت على الألسنة آلاف الأسئلة، بغير إجابات، وليست جهينة وحدها من يملك الخبر اليقين .. * إن الخبر اليقين يكمن فى فكر وعقل وسلوك مجموعة الصدام، إذ لا يهم الصداميون الفقراء ولا العاطلين ولا المتسربين من التعليم، إنهم لا يهمهم إلا شعبية عمرو، وانتشار عمرو، ونجاح عمرو، الذى سبق وأن حققه ولازال فى علاج العشرات والمئات من المدمنين، إنهم لا يهمهم إلا دفع عمرو إلى العمل السرى، ليسهل حصاره، وضربه، وإبطال مفعوله .. * إنها تلك الخطة التقليدية القديمة الحديثة، وهى الدفع بالناجحين المجدين ذوى الأفكار والشخصيات الجاذبة، لأنها صادقة، الدفع بهم إلى سلوك سبيل العمل الحركى التنظيمى السرى، بعيداً عن الأضواء، وعن القانون، فأمثال عمرو يجب أن يتجهوا لتكوين أسرة أو خلية صغيرة، ثم شعبة، ثم مكتب إدارى، ثم .... وهكذا، وعليهم أن يدرسوا منهجاً تربوياً يقوم على السمع والطاعة، فى المنشط والمكره، يقسم المجتمع إلى قسمين، منا وعلينا، ثم يتقابلوا سراً، فى اجتماعاتهم، ومعسكراتهم، وبذلك يسهل اصطيادهم وضربهم والقبض عليهم، وإحالتهم لنيابة أمن الدولة العليا، وتوجيه تهمة قلب نظام الحكم والاشتراك فى تنظيم غير مشروع، ثم حبسهم، ثم إحالتهم إلى المحاكمات العسكرية، إحالة أولى، وثانية، وثالثة، والطريف فى الموضوع أنهم ربما سيكونون حينئذٍ سعداء بذلك، إذ سيعتقدون أنهم على الحق، ألم يأتهم الابتلاء الذى هو سنن الأنبياء والرسل ؟ إذاً هم على الحق إن شاء الله، وعليهم الصبر والثبات ! * وهكذا، وفقاً لتفكير مجموعة الصدام، يظل الفريقان المتصارعان يسيران على خطين متوازيين، فريق يزداد تحكماً وتسلطاً وفساداً وسيطرةً على البلاد يوماً بعد يوم، وفريق يعزف أناشيد الصبر والثبات ويعتقد أنه على الحق، وأن الابتلاء هو سنن الدعوات، ولذلك فعلى جميع أفراد الصف انتظار دورهم فى السجون، وهو آتٍ لا محالة، هكذا يسير الفريقان، والمصريون يدفعون الثمن ..! * بيد أن عمرو خالد بذكائه وألمعيته وتجربته، لم يستجب، ولم ولن يتجه إلى العمل السرى الحركى التنظيمى، فعلى الرغم من كم اليأس والإحباط المتولدين فى نفوس الشباب الملتف حوله، بسبب مجهودهم المتواصل فى إعداد المشروع والتهيئة له، ثم إلغائه فجأة، أو منعه، بدون سابق إنذار، على الرغم من ذلك، فإن عقولهم المتفتحة وأفكارهم المتجددة، وروحهم المتوثبة، سوف تخرجهم من تلك التجربة الأليمة حتماً بفائدة .. * إن مصر تحتاج إلى هذه النوعية من الشباب، شباب يرفض أن يساير المجموعة الصدامية، ويرفض أن يعمل تحت الأرض فى تنظيم سرى فيصبح رقماً لا إنساناً، ويقبل فقط أن يكون مشاركاً وفعالاً ونشطاً فى حل مشاكل بلاده ومجتمعه، المتمثلة فى الفقر والبطـالة والإدمان، شباب يصنع الحياة بحق، ويعرف كيف يحيا .. ويظل السؤال الأهم : أين الناقدون اللائمون لعمرو ؟ أين المتابعون له، فى حركاته وسكناته وهنَّاته ؟ ألم يؤرقهم منعه ؟ عصام سلطان

الأحد، 11 يناير 2009

التحالف الغادر: التعاملات السريّة بين إسرائيل وإيران والولايات المتّحدة الأمريكية

التحالف الغادر: التعاملات السريّة بين إسرائيل وإيران والولايات المتّحدة الأمريكية

تقديم وعرض: علي حسين باكير

120928

"التحالف الغادر: التعاملات السريّة بين إسرائيل و إيران و الولايات المتّحدة الأمريكية". هذا ليس عنوانا لمقال لأحد المهووسين بنظرية المؤامرة من العرب، و هو بالتأكيد ليس بحثا أو تقريرا لمن يحب أن يسميهم البعض "الوهابيين" أو أن يتّهمهم بذلك، لمجرد عرضه للعلاقة بين إسرائيل و إيران و أمريكا و للمصالح المتبادلة بينهم و للعلاقات الخفيّة.

 انه قنبلة الكتب لهذا الموسم و الكتاب الأكثر أهمية على الإطلاق من حيث الموضوع و طبيعة المعلومات الواردة فيه و الأسرار التي يكشف بعضها للمرة الأولى و أيضا في توقيت و سياق الأحداث المتسارعه في الشرق الأوسط و وسط الأزمة النووية الإيرانية مع الولايات المتّحدة.

 

الكاتب هو "تريتا بارسي" أستاذ في العلاقات الدولية في جامعة "جون هوبكينز"، ولد في إيران و نشأ في السويد و حصل على شهادة الماجستير في العلاقات الدولية ثم على شهادة ماجستير ثانية في الاقتصاد من جامعة "ستكوهولم" لينال فيما بعد شهادة الدكتوراة في العلاقات الدولية من جامعة "جون هوبكينز" في رسالة عن العلاقات الإيرانية-الإسرائيلية.

 

و تأتي أهمية هذا الكتاب من خلال كم المعلومات الدقيقة و التي يكشف عن بعضها للمرة الأولى، إضافة إلى كشف الكاتب لطبيعة العلاقات و الاتصالات التي تجري بين هذه البلدان (إسرائيل- إيران – أمريكا) خلف الكواليس شارحا الآليات و طرق الاتصال و التواصل فيما بينهم في سبيل تحقيق المصلحة المشتركة التي لا تعكسها الشعارات و الخطابات و السجالات الإعلامية الشعبوية و الموجّهة.

كما يكتسب الكتاب أهميته من خلال المصداقية التي يتمتّع بها الخبير في السياسة الخارجية الأمريكية "تريتا بارسي". فعدا عن كونه أستاذا أكاديميا، يرأس "بارسي" المجلس القومي الإيرانى-الأمريكي، و له العديد من الكتابات حول الشرق الأوسط، و هو خبير في السياسة الخارجية الأمريكية، و هو الكاتب الأمريكي الوحيد تقريبا الذي استطاع الوصول إلى صنّاع القرار (على مستوى متعدد) في البلدان الثلاث  أمريكا، إسرائيل و إيران.

 

يتناول الكاتب العلاقات الإيرانية- الإسرائيلية خلال الخمسين سنة الماضية و تأثيرها على السياسات الأمريكية وعلى موقع أمريكا في الشرق الأوسط. و يعتبر هذا الكتاب الأول منذ أكثر من عشرين عاما، الذي يتناول موضوعا حسّاسا جدا حول التعاملات الإيرانية الإسرائيلية و العلاقات الثنائية بينهما.

يستند الكتاب إلى أكثر من 130 مقابلة مع مسؤولين رسميين إسرائيليين، إيرانيين و أمريكيين رفيعي المستوى و من أصحاب صنّاع القرار في بلدانهم. إضافة إلى العديد من الوثاق و التحليلات و المعلومات المعتبرة و الخاصة.

 

و يعالج "تريتا بارسي" في هذا الكتاب العلاقة الثلاثية بين كل من إسرائيل، إيران و أمريكا لينفذ من خلالها إلى شرح الآلية التي تتواصل من خلالها حكومات الدول الثلاث و تصل من خلال الصفقات السريّة و التعاملات غير العلنية إلى تحقيق مصالحها على الرغم من الخطاب الإعلامي الاستهلاكي للعداء الظاهر فيما بينها.

وفقا لبارسي فانّ إدراك طبيعة العلاقة بين هذه المحاور الثلاث يستلزم فهما صحيحا لما يحمله النزاع الكلامي الشفوي الإعلامي، و قد نجح الكاتب من خلال الكتاب في تفسير هذا النزاع الكلامي ضمن إطار اللعبة السياسية التي تتّبعها هذه الأطراف الثلاث، و يعرض بارسي في تفسير العلاقة الثلاثية لوجهتي نظر متداخلتين في فحصه للموقف بينهم:

أولا: الاختلاف بين الخطاب الاستهلاكي العام و الشعبوي (أي ما يسمى الأيديولوجيا هنا)، و بين المحادثات و الاتفاقات السريّة التي يجريها الأطراف الثلاث غالبا مع بعضهم البعض (أي ما يمكن تسميه الجيو-استراتيجيا هنا).

ثانيا: يشير إلى الاختلافات في التصورات والتوجهات استنادا إلى المعطيات الجيو-ستراتيجية التي تعود إلى زمن معين و وقت معين.

ليكون الناتج محصلة في النهاية لوجهات النظر المتعارضة بين "الأيديولوجية" و "الجيو-ستراتيجية"، مع الأخذ بعين الاعتبار أنّ المحرّك الأساسي للأحداث يكمن في العامل "الجيو-ستراتيجي" و ليس "الأيديولوجي" الذي يعتبر مجرّد وسيلة أو رافعة.

بمعنى ابسط، يعتقد بارسي أنّ العلاقة بين المثلث الإسرائيلي- الإيراني – الأمريكي تقوم على المصالح و التنافس الإقليمي و الجيو-استراتيجي و ليس على الأيديولوجيا و الخطابات و الشعارات التعبوية الحماسية...الخ.

و في إطار المشهد الثلاثي لهذه الدول، تعتمد إسرائيل في نظرتها إلى إيران على "عقيدة الطرف" الذي يكون بعيدا عن المحور، فيما تعتمد إيران على المحافظة على قوّة الاعتماد على "العصر السابق" أو التاريخ حين كانت الهيمنة "الطبيعية" لإيران تمتد لتطال الجيران القريبين منها.

و بين هذا و ذاك يأتي دور اللاعب الأمريكي الذي يتلاعب بهذا المشهد و يتم التلاعب به أيضا خلال مسيرته للوصول إلى أهدافه الخاصّة و المتغيّرة تباعا.

 

و استنادا إلى الكتاب، وعلى عكس التفكير السائد، فإن إيران و إسرائيل ليستا في صراع أيديولوجي بقدر ما هو نزاع استراتيجي قابل للحل. يشرح الكتاب هذه المقولة و يكشف الكثير من التعاملات الإيرانية – الإسرائيلية السريّة التي تجري خلف الكواليس و التي لم يتم كشفها من قبل. كما يؤّكد الكتاب في سياقه التحليلي إلى أنّ أحداً من الطرفين (إسرائيل و إيران) لم يستخدم أو يطبّق خطاباته النارية، فالخطابات في واد و التصرفات في واد آخر معاكس.

وفقا لبارسي، فإنّ إيران الثيوقراطية ليست "خصما لا عقلانيا" للولايات المتّحدة و إسرائيل كما كان الحال بالنسبة للعراق بقيادة صدّام و أفغانستان بقيادة الطالبان. فطهران تعمد إلى تقليد "اللاعقلانيين" من خلال الشعارات و الخطابات الاستهلاكية و ذلك كرافعة سياسية و تموضع ديبلوماسي فقط. فهي تستخدم التصريحات الاستفزازية و لكنها لا تتصرف بناءاً عليها بأسلوب متهور و أرعن من شانه أن يزعزع نظامها. و عليه فيمكن توقع تحركات إيران و هي ضمن هذا المنظور "لا تشكّل "خطرا لا يمكن احتواؤه" عبر الطرق التقليدية الدبلوماسية.

و إذا ما تجاوزنا القشور السطحية التي تظهر من خلال المهاترات و التراشقات الإعلامية و الدعائية بين إيران و إسرائيل، فإننا سنرى تشابها مثيرا بين الدولتين في العديد من المحاور بحيث أننا سنجد أنّ ما يجمعهما أكبر بكثير مما يفرقهما.

كلتا الدولتين تميلان إلى تقديم أنفسهما على أنّهما متفوقتين على جيرانهم العرب (superior). إذ ينظر العديد من الإيرانيين إلى أنّ جيرانهم العرب في الغرب و الجنوب اقل منهم شأنا من الناحية الثقافية و التاريخية و في مستوى دوني. و يعتبرون أن الوجود الفارسي على تخومهم ساعد في تحضّرهم و تمدّنهم و لولاه لما كان لهم شأن يذكر.

في المقابل، يرى الإسرائيليون أنّهم متفوقين على العرب بدليل أنّهم انتصروا عليهم في حروب كثيرة، و يقول أحد المسؤولين الإسرائيليين في هذا المجال لبارسي "إننا نعرف ما باستطاعة العرب فعله، و هو ليس بالشيء الكبير" في إشارة إلى استهزائه بقدرتهم على فعل شي حيال الأمور.

و يشير الكتاب إلى أننا إذا ما أمعنّا النظر في الوضع الجيو-سياسي الذي تعيشه كل من إيران و إسرائيل ضمن المحيط العربي، سنلاحظ أنهما يلتقيان أيضا حاليا في نظرية "لا حرب، لا سلام". الإسرائيليون لا يستطيعون إجبار أنفسهم على عقد سلام دائم مع من يظنون أنهم اقل منهم شأنا و لا يريدون أيضا خوض حروب طالما أنّ الوضع لصالحهم، لذلك فان نظرية "لا حرب، لا سلام" هي السائدة في المنظور الإسرائيلي. في المقابل، فقد توصّل الإيرانيون إلى هذا المفهوم من قبل، و اعتبروا أنّ "العرب يريدون النيل منّا".

الأهم من هذا كلّه، أنّ الطرفين يعتقدان أنّهما منفصلان عن المنطقة ثقافيا و سياسيا. اثنيا، الإسرائيليين محاطين ببحر من العرب و دينيا محاطين بالمسلمين السنّة. أما بالنسبة لإيران، فالأمر مشابه نسبيا. عرقيا هم محاطين بمجموعة من الأعراق غالبها عربي خاصة إلى الجنوب و الغرب، و طائفيا محاطين ببحر من المسلمين السنّة. يشير الكاتب إلى أنّه و حتى ضمن الدائرة الإسلامية، فإن إيران اختارت إن تميّز نفسها عن محيطها عبر إتّباع التشيّع بدلا من المذهب السني السائد و الغالب.

و يؤكد الكتاب على حقيقة أنّ إيران و إسرائيل تتنافسان ضمن دائرة نفوذهما في العالم العربي و بأنّ هذا التنافس طبيعي و ليس وليدة الثورة الإسلامية في إيران، بل كان موجودا حتى إبان حقبة الشاه "حليف إسرائيل". فإيران تخشى أن يؤدي أي سلام بين إسرائيل و العرب إلى تهميشها إقليميا بحيث تصبح معزولة، و في المقابل فإنّ إسرائيل تخشى من الورقة "الإسلامية" التي تلعب بها إيران على الساحة العربية ضد إسرائيل.

استنادا إلى "بارسي"، فإن السلام بين إسرائيل و العرب يضرب مصالح إيران الإستراتيجية في العمق في هذه المنطقة و يبعد الأطراف العربية عنها و لاسيما سوريا، مما يؤدي إلى عزلها استراتيجيا. ليس هذا فقط، بل إنّ التوصل إلى تسوية سياسية في المنطقة سيؤدي إلى زيادة النفوذ الأمريكي و القوات العسكرية و هو أمر لا تحبّذه طهران.

و يؤكّد الكاتب في هذا السياق أنّ أحد أسباب "انسحاب إسرائيل من جنوب لبنان في العام 2000" هو أنّ إسرائيل أرادت تقويض التأثير و الفعالية الإيرانية في عملية السلام من خلال تجريد حزب الله من شرعيته كمنظمة مقاومة بعد أن يكون الانسحاب الإسرائيلي قد تمّ من لبنان.

و يكشف الكتاب انّ اجتماعات سرية كثيرة عقدت بين ايران و اسرائيل في عواصم اوروبية اقترح فيها الايرانيون تحقيق المصالح المشتركة للبلدين من خلال سلة متكاملة تشكل صفقة كبيرة، تابع الطرفان الاجتماعات فيما بعد و كان منها اجتماع "مؤتمر أثينا" في العام 2003 و الذي بدأ أكاديميا و تحول فيما الى منبر للتفاوض بين الطرفين تحت غطاء كونه مؤتمرا اكاديميا.

و يكشف الكتاب من ضمن ما يكشف ايضا من وثائق و معلومات سرية جدا و موثقة فيه، أنّ المسؤولين الرسميين الإيرانيين وجدوا أنّ الفرصة الوحيدة لكسب الإدارة الأمريكية تكمن في تقديم مساعدة أكبر وأهم لها في غزو العراق العام 2003 عبر الاستجابة لما تحتاجه, مقابل ما ستطلبه إيران منها, على أمل أن يؤدي ذلك إلى عقد صفقة متكاملة تعود العلاقات الطبيعية بموجبها بين البلدين و تنتهي مخاوف الطرفين.

و بينما كان الأمريكيون يغزون العراق في نيسان من العام 2003, كانت إيران تعمل على إعداد "اقتراح" جريء و متكامل يتضمن جميع المواضيع المهمة ليكون أساسا لعقد "صفقة كبيرة" مع الأمريكيين عند التفاوض عليه في حل النزاع الأمريكي-الإيراني.

تمّ إرسال العرض الإيراني أو الوثيقة السريّة إلى واشنطن. لقد عرض الاقتراح الإيراني السرّي مجموعة مثيرة من التنازلات السياسية التي ستقوم بها إيران في حال تمّت الموافقة على "الصفقة الكبرى" و هو يتناول عددا من المواضيع منها: برنامجها النووي, سياستها تجاه إسرائيل, و محاربة القاعدة. كما عرضت الوثيقة إنشاء ثلاث مجموعات عمل مشتركة أمريكية-إيرانية بالتوازي للتفاوض على "خارطة طريق" بخصوص ثلاث مواضيع: "أسلحة الدمار الشامل", "الإرهاب و الأمن الإقليمي", "التعاون الاقتصادي".

وفقا لـ"بارسي", فإنّ هذه الورقة هي مجرّد ملخّص لعرض تفاوضي إيراني أكثر تفصيلا كان قد علم به في العام 2003 عبر وسيط سويسري (تيم غولدمان) نقله إلى وزارة الخارجية الأمريكية بعد تلقّيه من السفارة السويسرية أواخر نيسان / أوائل أيار من العام 2003.

هذا و تضمّنت الوثيقة السريّة الإيرانية لعام 2003 و التي مرّت بمراحل عديدة منذ 11 أيلول 2001 ما يلي:[1]

1-   عرض إيران استخدام نفوذها في العراق لـ (تحقيق الأمن و الاستقرار, إنشاء مؤسسات ديمقراطية, و حكومة غير دينية).

2-    عرض إيران (شفافية كاملة) لتوفير الاطمئنان و التأكيد بأنّها لا تطوّر أسلحة دمار شامل, و الالتزام بما تطلبه الوكالة الدولية للطاقة الذرية بشكل كامل و دون قيود.

3-   عرض إيران إيقاف دعمها للمجموعات الفلسطينية المعارضة و الضغط عليها لإيقاف عملياتها العنيفة ضدّ المدنيين الإسرائيليين داخل حدود إسرائيل العام 1967.

4-       التزام إيران بتحويل حزب الله اللبناني إلى حزب سياسي منخرط بشكل كامل في الإطار اللبناني.

5-   قبول إيران بإعلان المبادرة العربية التي طرحت في قمّة بيروت عام 2002, أو ما يسمى "طرح الدولتين" و التي تنص على إقامة دولتين و القبول بعلاقات طبيعية و سلام مع إسرائيل مقابل انسحاب إسرائيل إلى ما بعد حدود 1967.

 

المفاجأة الكبرى في هذا العرض كانت تتمثل باستعداد إيران تقديم اعترافها بإسرائيل كدولة شرعية!! لقد سبّب ذلك إحراجا كبيرا لجماعة المحافظين الجدد و الصقور الذين كانوا يناورون على مسألة "تدمير إيران لإسرائيل" و "محوها عن الخريطة".

ينقل "بارسي" في كتابه أنّ الإدارة الأمريكية المتمثلة بنائب الرئيس الأمريكي ديك تشيني و وزير الدفاع آنذاك دونالد رامسفيلد كانا وراء تعطيل هذا الاقتراح و رفضه على اعتبار "أننا (أي الإدارة الأمريكية) نرفض التحدّث إلى محور الشر". بل إن هذه الإدارة قامت بتوبيخ الوسيط السويسري الذي قام بنقل الرسالة.

و يشير الكتاب أيضا إلى أنّ إيران حاولت مرّات عديدة التقرب من الولايات المتّحدة لكن إسرائيل كانت تعطّل هذه المساعي دوما خوفا من أن تكون هذه العلاقة على حسابها في المنطقة.

و من المفارقات الذي يذكرها الكاتب أيضا أنّ اللوبي الإسرائيلي في أمريكا كان من أوائل الذي نصحوا الإدارة الأمريكية في بداية الثمانينيات بأن لا تأخذ التصريحات و الشعارات الإيرانية المرفوعة بعين الاعتبار لأنها ظاهرة صوتية لا تأثير لها في السياسة الإيرانية.

 

باختصار، الكتاب من أروع و أهم الدراسات و الأبحاث النادرة التي كتبت في هذا المجال لاسيما انّه يكشف جزءا مهما من العلاقات السريّة بين هذا المثلّث الإسرائيلي – الإيراني – الأمريكي. و لا شك انّه يعطي دفعا و مصداقية لأصحاب وجهة النظر هذه في العالم العربي و الذين حرصوا دوما على شرح هذه الوضعية الثلاثية دون أن يملكوا الوسائل المناسبة لإيصالها للنخب و الجمهور على حدا سواء و هو ما استطاع "تريتا بارسي" تحقيقه في هذا الكتاب في قالب علمي و بحثي دقيق و مهم ، ولكن ما لم يتم ترجمة الكتاب كاملاً للعربية ووصوله للقارئ العربي والمسلم فسيظل الكثير من شعوبنا يعيش في أوهام النصرة و النجدة الإيرانية للقضايا الإسلامية والعربية وعلى رأسها قضية فلسطين !!



[1] تناول كاتب المقالة (علي باكير) هذا الموضوع بتفصيل كبير و دقيق -بعد رصد و متابعة لأشهر عديدة- في سلسة مؤلفة من ثلاث تقارير نشرت في جريدة السياسية الكويتية تحت عنوان:
(المساومات الإيرانية - الأميركية... "إيران غيت" ثانية أم حرب خليج رابعة) بتاريخ 6/7/8-3-2007 يمكن الرجوع إليها لمزيد من التفاصيل على الرابط التالي:
- الجزء الأول:
http://alibakeer.maktoobblog.com/?post=235068
- الجزء الثاني:
http://alibakeer.maktoobblog.com/?post=237089
- الجزء الثالث:
http://alibakeer.maktoobblog.com/?post=239430



أمريكا وإيران سيناريوهات التحالف والصدام

أمريكا وإيران هل يتم  تحالف نهائي بين الطرفين ، أم تصل الأمور إلى نوع من الصدام المحدود أو الكبير . وما أثر حدوث أي من هذين السيناريوهين على المنطقة .

بداية فإن المحلل الأمريكي المعروف توماس فريدمان قال في مقال قريب له أن التحالف الأمريكي الإيراني سيكون هو الحدث الأهم في القرن الحالي . . . أي القرن الواحد والعشرين . . ولكن هل الأمور بتلك البساطة .

في السياسة ليس هناك تحالف مطلق أو صدام مطلق ، وحتى في حالة التحالف فإن كل طرف يلعب أوراقه للحصول على أكبر قدر من المكاسب عندما يتفق الطرفين ، وفي الصدام دائماً تكون هناك خطوط وقنوات خلفية للحوار – حتى لا يخرج الصدام عن السيطرة ، ومحصلة هذا أو ذاك هو ما نراه الآن في العلاقة الأمريكية الإيرانية .

الخطاب الأمريكي المعلن هو الهجوم على إيران ، واعتبارها الرمز الأكبر لمحور الشر ، وفي الخطاب الإيراني المعلن فالعكس صحيح على طول الخط . مع الأخذ في الاعتبار هنا أن ما كانت تعلنه الثورة الإيرانية إبان سنواتها الأولى ، وما كان يقوله الزعيم الإيراني آية الله الخوميني عن أن أمريكا هي الشيطان الأكبر ، وذلك بمناسبة وبدون مناسبة قد ضعف الآن كثيراً ولكنه لم يتلاشى تماماً ، بل إن صعود ما يسمى بالإصلاحيين في إيران لمدة 8 سنوات إبان حكم آية الله خاتمي  ، كان جزءاً من التكتيك الإيراني لمحاولة جر أمريكا إلى التفاهم ، ولكن حال دون ذلك عدد من الموضوعات والقضايا والملفات ، المهم أن سبب سقوط الإصلاحيين في إيران يرجع إلى فشلهم في تحقيق هذا الهدف ومن ثم فلا مبرر لاستمرارهم .

بالطبع فإن إيران الثورة فقدت الكثير من مصداقيتها الثورية عندما ظهر أنها تريد التحالف مع أمريكا ولكن بثمن مناسب وقد ظهر هذا جلياً في الدعم الإيراني الكامل للغزو الأمريكي لأفغانستان ، بل إنها هي التي قامت بدور هام في تحقيق نوع من التفاهم بين القوى الأفغانية على حساب طالبان وكذلك ظهر هذا الدور أيضاً في العراق ، حيث لعب حلفاء إيران من الأحزاب الشيعية التي طالما احتضنتها إيران ومولتها وخاصة حزب المجلس الأعلى " آل الحكيم " دوراً هاماً في مساعدة الغزو الأمريكي واستمرار الاحتلال على حساب المقاومة العراقية التي كادت تطيح بالمشروع الأمريكي بكامله في المنطقة ، ولولا تلك المساعدة الإيرانية الشيعية لتمت هزيمة أمريكا هزيمة ساحقة في العراق والمنطقة .

إيران بالطبع تمسك بالكثير من الأوراق داخل العراق ، وتملك أيضاً أوراقاً أخرى بدعمها لحركة حماس والجهاد الفلسطيني ، وحزب الله الشيعي اللبناني ، وبالتحالف مع سوريا . ويمكنها من ثم أن تحول الجيش الأمريكي في العراق إلى رهائن في يدها في حالة إذا ما تمت لها ضربة أمريكية على نطاق غير محتمل أو مؤثر ، وكذلك تستطيع تحريك حزب الله لضرب إسرائيل حليفة أمريكا الرئيسية في المنطقة بالصواريخ . ولذا فإن الولايات المتحدة سوف تفكر عشر مرات قبل أن تقوم بضرب إيران .

ماذا تريد إيران من هذا . . . إنها تملك أوراقاً هامة ، وهي تريد تمديد نفوذها في المنطقة وإقامة مشروع شيعي صفوي على غرار الدولة الصفوية في إيران والعراق وأجزاء من الخليج امتداداً إلى سوريا ولبنان وما أمكن من مناطق آسيا . وهي تريد إطلاق يدها في الخليج مقابل تخليها عن حزب الله في لبنان وتخليها عن التحالف مع سوريا وتخليها عن الملف النووي ، وهي لا تمانع في ذلك ، بل هي تقبل أن تفعل ما يراد منها أمريكياً – تحقيق انسحاب أمريكي آمن من العراق وإنهاء ملف لبنان لصالح أمريكا – مقابل ثمن مناسب في الخليج والمنطقة ، وكذلك التخلي عن الملف النووي الإيراني ، ولكن الأمريكيون لا يريدون حتى الآن دفع هذا الثمن المناسب ، والرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد قال إن أمريكا تريد التحالف مع إيران مقابل مصاصة فقط وإيران لن تقبل بذلك ، والمسئول السابق للملف النووي الإيراني علي لاريجاني قال أن إيران مستعدة للتفاهم مقابل ثمن مناسب ولكن المشكلة أن الأمريكيين لا يريدون دفع هذا الثمن .

من ناحية الولايات المتحدة ، وأياً كانت حساباتها ، فإنها قد حولت بيدها إيران إلى دولة إقليمية عظمى ، حين أسقطت من على حدودها شرقاً وغرباً قطاعان قويان معاديان لإيران والمشروع الإيراني هما نظام طالبان في أفغانستان ، ونظام صدام حسين في العراق . ثم إنها حين عاملت روسيا بقسوة إبان سقوط الاتحاد السوفيتي ومعاناة روسيا الاقتصادية ، دفعت في اتجاه دعم روسي لإيران عندما بدأت روسيا تشم أنفاسها وتحل أزماتها .

والولايات المتحدة تحمل في داخلها تياران متعارضان حتى الآن تيار يقول بضرورة التحالف مع إيران لإنهاء المأزق الأمريكي في العراق ، والقضاء على بؤر الإرهاب السني كالقاعدة ومن ثم حسم الحرب ضد الإرهاب لحساب الولايات المتحدة الأمريكية وهؤلاء يمثلون الأجهزة السيادية الأمريكية كأجهزة المخابرات والبنتاجون ، وقام هؤلاء بتسريب تقرير استخباراتي شارك فيه 16 جهازاً استخباراتياً أمريكياًَ يقول أن إيران أوقفت مشروعها النووي العسكري منذ عام 2003 ومن ثم فلا مبرر لضربها ، ومن ثم وضعت الرئيس الأمريكي ذاته في حرج وجعلت حلفاءه الأوربيين يعارضونه علناً بشأن ضرب إيران أو تغليظ العقوبات عليها . وعملياً منعته من ضرب إيران ضربة رمزية أو شاملة لأن ذلك يعد نوعاً من الحماقة من وجهة نظر هذه الأجهزة .

في المقابل نرى أن هناك اليمين الأمريكي الأصولي الذي لا يزال يمتلك نفوذاً واسعاً داخل البيت الأبيض والحزب الجمهوري ، بالإضافة إلى اللوبي الصهيوني المؤثر داخل أمريكا يصرون على ضرورة ضرب إيران لأن عدم ضربها يسقط هيبة الولايات المتحدة ، ويضع إسرائيل في حرج وخوف ، فضلاً عن أن التركيبة الفعلية والدينية لليمين الأمريكي المحافظ تقود إلى هذا الطريق . وبالطبع فإن هؤلاء يمتلكون نفواً واسعاً في الإعلام الأمريكي والعالمي ومن ثم فهم وراء الحملة الإعلامية على إيران . ويرى هؤلاء أن تسريب تقرير الاستخبارات الأمريكية حول وقف إيران لمشروعها النووي العسكري منذ عام 2003 هو نوع من التآمر والتمرد بل والانقلاب على الرئيس بوش شخصياً على حد قول جون بولتون أحد أهم رموز اليمين الأمريكي المحافظ ، والمندوب الأمريكي السابق في الأمم المتحدة . أعتقد أن القرار الأمريكي في النهاية سيصل إلى عدم ضرب إيران ، على الأقل في المرحلة القليلة المتبقية من حكم بوش ، ولكن اللوبي الصهيوني واليمين الأمريكي المحافظ سيعاودون الضغط في هذا الاتجاه .

ماذا لو حدث التحالف . . . ؟ ! هذا هو السؤال الهم والمرجح جداً لأن مراكز الأبحاث الإسرائيلية التابعة للجيش الصهيوني طرحت هذا السؤال ووضعت سيناريوهات لمنعه ، وقالت أنه لو حدث فسيكون سيناريو ضد إسرائيل ، وأن إسرائيل ستفكر في ضرب إيران منفردة لجر أمريكا إلى خندق الصدام ولو الشكلي مع إيران . . . من ناحيتنا فإنه لو حدث هذا التحالف فسيكون على حساب الأمة الإسلامية التي يشكل السنة منها 90 % من تعدادها ، وسوف يعني خطراً كبيراً على دول مجلس التعاون الخليجي ، وخطراً على العراق ، وفتنة بين السنة والشيعة ، وإعادة شباب المشروع الإمبراطوري الأمريكي ، الذي سيعاود نشاطه بعد فترة من 10 – 20 عاماً ، وسوف يستهدف العودة من جديد بقوة إلى المنطقة بعد أن تكون الفتنة قد حولتها إلى حالة مزرية من الضعف بل وأيضاً سيكون على حساب وجود إيران ذاتها ، لأن عودة هذا المشروع سوف يستهدف تقسيم المنطقة بقسوة إلى كيانات نوعية وعرقية ودينية وطائفية ، لن تُستثنى منها إيران ذاتها . وهذا هو جوهر الوثيقة الأمريكية المنشودة في مجلة الجيش الأمريكي تحت عنوان " حدود الدم " .

د. محمد مورو

السلام الإسرائيلي – السوري حقيقة أم مناورة

رشح في الآونة الأخيرة حديث عن إمكانية بعث ما يسمى بالسلام على المسار الإسرائيلي – السوري ، وقد جاءت الأخبار عن طريق قيادات سورية ، فقد صرحت وزيرة سورية أن إسرائيل بعثت برسالة إلى الحكومة السورية تفيد أن إسرائيل مستعدة للانسحاب الكامل من هضبة الجولان ، مقابل السلام مع سوريا ، وكذا فإن الرئيس السوري بشار الأسد صرح بنفسه لإحدى الصحف القطرية بأن رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان كان قد نقل رسالة بهذا المعنى إلى الرئيس السوري من الحكومة الإسرائيلية .

وفي الحقيقة فإن المسالة تستدعي قدراً من التأمل حول توقيت وملابسات هذا الموضوع لاستجلاء أبعاده وحقيقته . وبداية فإنه كان قد سبق هذا الإعلان وربما نقل الرسالة ذاتها قيام إسرائيل بمناورات حربية على الحدود السورية وتحدث البعض وقتها عن إمكانية توجيه ضربة إسرائيلية إلى سوريا ، الأمر الذي يعني في حده الأدنى وجود ضغط إسرائيلي على سوريا تمهيداً لتلك الرسالة الملغومة ، وكذا فإن الكونجرس الأمريكي ناقش توجيه نوع من العقاب إلى سوريا بدعوى أنها تحاول امتلاك أسلحة نووية ، وكشف أعضاء الكونجرس الأمريكي عن وجود تعاون كوري وسوري في هذا الصدد ، وأن المبنى الذي قامت به إسرائيل بالطيران في العالم الماضي في منطقة دير الزور ، كان مخصصاً لهذا الغرض ، وأن هناك صوراً ملتقطة تفيد وجود خبراء كوريين شماليين في ذلك المبنى ، وبصرف النظر عن صحة هذه الادعاءات من عدمها فإن المعنى الواضح هنا أن الولايات المتحدة قررت فتح موضوع اتهام سوريا بمحاولة امتلاك سلاح نووي ، وهو أمر يمكن أن يتطور إلى مشكلة بالنسبة إلى سوريا مع الولايات المتحدة ، بالإضافة إلى المشاكل الأخرى حول محاكمة قتلة الحريري ، واحتمال توجيه اتهام إلى شخصيات سورية قريبة من القيادة السورية في هذا الصدد ، وكل هذه الأمور يمكن ترجمتها إلى نوع من الضغط الأمريكي على سوريا .

من ناحية إسرائيل ، فإنها فسرت الرسالة بأنها صحيحة وأنها تقصد الانسحاب إلى الحدود الدولية وليس إلى خط الهدنة لعام 1948 ، ومن ثم يمكنها الاحتفاظ ببعض الأراضي السورية في هضبة الجولان والتي كانت بيد سوريا وفقاً لاتفاقية خط الهدنة لعام 1948 . وأنها أي إسرائيل تريد من سوريا مقابل ذلك أن تتوقف تماماً عن دعم حركات المقاومة حماس والجهاد ، وأن تتخلى عن حزب الله ، وأن توقف تحالفها الاستراتيجي مع إيران وقد يرى البعض أن المبادرة أو العرض الصهيوني تم بدون التشاور مع الولايات المتحدة ، على أساس أن الولايات المتحدة لا تريد تحريك المسار السوري الآن ، وأنها راغبة فقط في تحريك المسار الفلسطيني حسب وعود جورج بوش نفسه ، ومن ثم فإن إسرائيل تريد التخلص من الضغط الأمريكي على المسار الفلسطيني باتجاه تحريك المسار السوري ، ولكن هذا الاستنتاج لا يرقى إلى الحقيقة لأنه من الصعب فهم أن تتصرف إسرائيل بدون موافقة ورغبة الولايات المتحدة ، وألا يكون هناك تنسيق بين الطرفين في هذا الصدد .

توقيت العرض وطريقته يمكن أن يقود إلى الاستنتاج بأن هناك نوع من التلويح لسوريا بالتخلي عن التحالف مع إيران ومن ثم انفراد الولايات المتحدة بالأخيرة في مجال المشكلة النووية ، وكذا التخلي عن دعم واحتضان حركات المقاومة ومن ثم تخفيف الضغط على إسرائيل من تلك الحركات ، التي فشلت إسرائيل وأمريكا في تصفيتها رغم عشرات العمليات العسكرية والحصار والجوع والإظلام .

بالطبع لا يمكن أن نتصور أن تقبل سوريا بهذا العرض بسهولة لأن معنى تخليها عن التحالف مع إيران والتخلي عن دعم حركات المقاومة أن تفقد مصداقيتها حول أنها تمثل عنصر الممانعة في الواقع العربي ، ومن ثم تفقد تعاطف كل المقتنعين بذلك من الميديا والقوى الثورية العربية ، ثم تفاجئ في النهاية بأن إسرائيل غير صادقة في وعودها ، ومن ثم تخسر الأمرين معاً ، وحتى لو انسحبت إسرائيل مثلاً من الجولان ، فمن يضمن أنها بعد النجاح في إخراج سوريا من المعادلة ، ومن ثم حل المشكلات مع حركات المقاومة الفلسطينية بتصفيتها أو إضعافها ، وكذلك حل المشكلة اللبنانية لصالح أمريكا والقوى الموالية لها في لبنان على حساب حزب الله والقوى الموالية لإيران هناك ، أنها بعد ذلك تعود وتحتل الجولان أو أكثر أو أقل منه في سوريا ، في وقت تكون سوريا لا تمتلك أي أوراق ردع ضد إسرائيل وأمريكا مثل حزب الله وحماس والجهاد الفلسطيني .

المسألة بالطبع تبدو بعيدة ، ولكن إسرائيل حين طرحت تلك الفكرة ، فإنها في الواقع أرادت تخفيف الحماس السوري لإيران على الأقل ، وتقليل الدعم السوري لحركات المقاومة ، ومن ثم تحسين الظروف الأمريكية والإسرائيلية في المنطقة شيئاً .

في كل الأحوال فإن على حركات المقاومة أن تدرك دائماً أن عليها ألا تلقي أوراقها كلها في السلة السورية أو الإيرانية ، تحسباً لإمكانية حدوث صفقة مع الأمريكان والإسرائيليين تكون على حسابهم أساساً وهذا أمر وارد جداً في السياسة كما هو معلوم .

وأذكر بهذه المناسبة ، أن المرحوم الشهيد – نحسبه كذلك ولا نزكي على الله أحداً – الدكتور فتحي الشقاقي مؤسس حركة الجهاد الإسلامي الفلسطيني وأمينها العام الأول الذي اغتالته إسرائيل في مالطا عام 1996 ، أذكر أن الرجل كان موجود في أحد المؤتمرات بطرابلس بليبيا عام 1993 وكنت حاضراً ذلك المؤتمر والتقيت به ، وأخبرني أن هناك عرض لديه بإقامة قاعدة عسكرية لحركته داخل سوريا ، وأن هناك من سيمول هذا العرض ، وأذكر أنني قلت له وقتها ، لا بد دائماً ألا تمتلك أشياء كثيرة داخل أي بلد ، لأن وجود قواعد ومباني ومؤسسات في أي بلد يرهن قرار حركتك لهذا البلد ، ويمكن أن يكون موقف هذا البلد الآن جيد ومقبول ، ولكن من يضمن استمرار ذلك ، فإذا حدث ما تخشاه ودخل هذا البلد في تسوية ما ، فإما أن تضحي بكل ما تمتلكه وترفض أو تشارك في تلك التسوية ، وإما أن تقبل وتفقد كل مصداقيتك التاريخية كحركة وكتوجه وكأمل للمستقبل ، واقتنع المرحوم الدكتور فتحي الشقاقي بذلك يومها ، وقرر دائماً أن يكون خفيف الأحمال في أي مكان بحيث يحافظ على مصداقيته الثورية دائماً ، لأنه لن يكون لديه ما يخاف عليه .  

     د. محمد مورو 

دلالات قبول إسرائيل بحل الدولتين



حل الدولتين قفز من جديد على سطح الأحداث إبان مؤتمر أنابوليس فقد أجمع كل الفرقاء عليه الرئيس الأمريكي في خطابه وإن كان قد أكد من جديد على عبرية إسرائيل وأنها دولة لليهود ، وأكد أيضاً على أن تكون دولة فلسطين تلك مهمتها هي محاربة الإرهاب ! ! . وكذا فعل أولمرت وأيضاً طالب محمود أبو مازن بحل لدولتين والدول العربية سواء في خطاباتها التي ألقيت في المؤتمر ، أو في مبادرة السلام العربية المعروفة .

أكثر من هذا فإن كبار اليمنيين الإسرائيليين والمتشددين ما عادوا يعارضون هذا الأمر بشكل جدي ، ورئيس الوزراء الإسرائيلي ايهود أو لمرت عندما عاد من أنابوليس وأعلن ذلك ، لم يواجه باستقالات وزارية من ليبرمان أو غيره . وقد عبر أو لمرت صراحة عن موقفه هذا وبرره تبريراً مفهوماً ، يشكل بدوره السبب الحقيقي لقبول إسرائيل ومن ثم أمريكا لحل الدولتين ، يقول ليبرمان " إن من الضروري التوصل لحل الدولتين للشعبين لتفادي تكون واقع يشبه الوضع في جنوب إفريقيا خلال فترة سريان نظام التفرقة العنصرية في هذا البلد وأضاف " إننا قد نواجه نزاعاً حول منح الفلسطينيين حق التصويت في مناطق الضفة وغزة أيضاً ، الأمر الذي سيؤدي إلى القضاء على دولة إسرائيل نهائياً " .

وفي الحقيقة فإن الدكتور هنري كيسنجر كان قد نصح إسرائيل مؤخراً وبالمناسبة فهو يهودي ومتعاطف مع الصهيونية . كان قد نصح إسرائيل بقبول حل الدولتين بسرعة ، لأن هناك متغيرات دولية قد تضر إسرائيل كثيراً ، لأن استمرار الوضع الحالي غير ممكن لأنه يزيد رقعة العنف والإرهاب وهو يمكن أن يجعل أوروبا وأمريكا تشعران بأن إسرائيل سبب في هذا الأمر ومن ثم فهي عبء على الحضارة الغربية وكذلك فإن حل الدولة ثنائية القومية ينهي وجود دولة إسرائيل كدولة عبرية لأن العامل الديموجرافي يعمل لصالح الفلسطينيين . 

محذوف منه الأجزاء غير الصحيحة

د . محمد مورو

الخميس، 1 يناير 2009

دليل القبطي الحزين إلى مقتضى السلوك في القرن الحادي والعشرين

http://3alkahwa.blogspot.com/2007/09/blog-post.html

1- ما تبقاش أهبل وتتعامل على إن البلد بلدك، هتريح وترتاح.
2- ملكش دعوة بأي فتاوى جاهلة أو خطرة أو ظالمة حتى لو لها تأثير اجتماعي تظن إنه يشملك. إنت مالك؟ ضرب الغازية في حمارها. ما تعترضش على تبديل كل المفاهيم المدنية بأخرى دينية. إنت فاكر البلد بلدك ولا إيه؟
3- إذا كنتِ أنثى لا قدر الله ما تقعديش تزهقينا بإن المجتمع مش طايقك وبيعتبرك مستباحة عشان إنت مش بتغطي راسك. البسي زيهم وخلاص ولا هاجري عند خالو ولا عمو في أمريكا ولا كندا.
4- لو تعرضت/ي للظلم في العمل أو الجامعة اعمل/ي زي ما أبونا بيقول: افتكر قد إيه الشهداء اتعذبوا عشان إيمانهم، هتقارن ده بتعيين ولا علاوة؟
5- ما لكش دعوة بالسياسة إلا إذا الإخوان المسلمين كانوا هيكسبوا في الانتخابات وفي الحالة دي تعمل/ي بطاقة انتخابية وتروح/ي تستنخب/ي مرشح الحزب الوطني.
6- مالكش دعوة بأي
شئون داخلية أو خارجية. يا إما هتبقى متطرف يا إما متعصب يا إما بتسعى لإشعال الفتنة وفي كل الأحوال مش هتستفيد حاجة.
7-
ما لكش دعوة بقضية فلسطين. دول مسلمين ويهود واقعين في بعض وإحنا مالناش دعوة بالاتنين، يولعوا في بعض يا متعصب يا إل عايز تخش في النص تلزيق في المسلمين.
8- أي حاجة يقول عليها البابا شنودة تقول "آمين". محدش باقي لك غيره. إذا عينك عالحقوق المدنية تبقى أهبل.
ثم إنتوا كلكم كام واحد يعني؟ اتنين ثلاثة مليون؟
9- أي حد يسألك في التلفزيون تقول: "إحنا كلنا إخوات وطول عمرنا عايشين مع بعض وده حتى أنا لي واحد صاحبي مسلم من وأنا صغير وزي الفل" ومافيش مانع من إضافة "نسيج واحد، عنصري الأمة"
10- أي حد يسألك عن إيمانك ما تتدخلش في مناقشات، لا هو/هي مهتم/ة ولا هيصدق/ تصدق إنك
مش بتعبد 3 آلهة ولا إنكم مش بتبوسوا بعض في الكنيسة ولا إن الأديرة ما فيهاش مخازن أسلحة ولا إن الكنايس مافهاش أسود.
11- أي حد يقول قدامك إن المسلمين إل بيدخلوا المسيحية بيدخلوها عشان بيحبسوهم ويدوهم فلوس بالهبل طنش/ي خالص، ولا كإنك هنا.
محدش هيصدق برده أي حاجة تانية.
12- لو الدكتور عطلك نص ساعة بعد انتهاء المحاضرة عشان يلقي على الدفعة خطبة عن عظمة الإسلام مقارنة بالمشركين التانيين، اسرح/ي في أي حاجة أو ذاكر/ي وما تنرفزيش نفسك. لما تكتب آية قرآنية في الامتحان في التعبير تاخد نمر، لو استشهدت بآيات إنجيلية ترسب غير مأسوف عليك.
13- إياك تقول إن آذان الفجر بيصحيك كل يوم دون ذنب جنيته يا متعصب يا كافر يا إل بتكره الإسلام والمسلمين وكل هدفك إنه يتمحي من على وش الأرض.
14- إياك تشتكي إن الإمام بيشتم المسيحيين في الميكروفون، المسيحيين
أهل ذمة والإسلام اداهم حقوقهم كاملة في بلدهم التاني مصر.
15-
إياك تقرأ أو تبحث أو تعرف أي حاجة عن الإسلام. كفاية تعرف إل أبوك بيقولهولك من إن المسلمين بيتجوزوا أربعة وبيتحجبوا وبيروحوا يحجوا. عايز تعرف أكتر من كدة ليه يا مجرم يا ابن المجرمين؟ بتقرا القرآن ليه يا لئيم؟ عشان تخرج الناس عن دينهم مش كدة؟ اطلع من دول يا زناتي.
16- إياك تفتكر إنك والمسلمين راس براس. هما يشجعوا الدعوة الإسلامية ويجاهروا بها في كل حتة، ما تجيش إنت تقول طب ما أعمل زيهم. إنت كفاية تعمل مؤامرات تنصيرية في الخفاء زي ما بتعمل وإحنا فاهمين حركاتك كلها. آدي آخرة الحقوق المدنية إل ساوت الرؤوس.
17- إياك، بالرغم من إنك عملت بطاقة انتخابية بس عشان تنتخب الحزب الوطني تقول إنك ضد الدولة الدينية. إنت مش عارف يا تافه يا إمعة إنك من أهل الذمة وكافة حقوقك مكفولة؟
18-
بلاش الحركات دي بتاعة الشكوى من إن الكنايس زحمة وإن فيه قرى بحالها مافيهاش كنايس. إنت واخد حقوقك كلها ومتنعم والحكومة بتضطهد المسلمين. شوف لو واحد ربى دقنه بيتعمل فيه إيه.
19- إل دخل المسيحية اسمه مرتد كافر وإل دخل الإسلام إسمه مهتدي. ربنا يهديك. وإل
يرجع عن الإسلام بعد الهداية نقتله - من بدل دينه فاقتلوه، إنت مش مسلم ولا إيه؟ وإل يرجع للإسلام يحكي حكاية الخدعة إل تعرض لها في الإعلام.
20- إذا واجهتي أي صعوبة في الاقتناع بالبنود السابقة ارجعي للبند واحد.
* العنوان مسروق من عنوان كتاب حسين أحمد أمين الرائع:
دليل المسلم الحزين إلى مقتضى السلوك في القرن العشرين

إسمى محمد ولن يكون جورج.... على هامش هل ندعم حزب الله أم ندعوا عليه

أنا إسمى محمد ربما تكون شاهدتنى قبل ذلك أو ربما لم تفعل...
.أسمى محمد أصلى وأصوم حين كنت فى الثانوية تعرفت على شخص متدين قال لى : انه يجب على كل مسلم ان يعمل من أجل الإسلام ففعلت وذهبت معه وانضممت لأصدقائه وبدأت العمل من أجل الإسلام لكن بعد أسابيع
أوقفنى أحد المتدينين الأخريين وقال لى أن المتدينين الاولنيين مبتدعين ولا يسيرون على نهج الرسول الكريم
لأنهم لا يطلقون اللحى ولا ينقبون نسائهم
إسمى محمد وذهبت لصديقى الأول وقلت له ما حدث فقال لى : إن اللحية سنة وليست فرض ويجوز تركه
ا فعاد الرجل الثانى ليقول : بل هى فرض مؤكد ودارت الدوامة التى لم تنتهى إلى الأن مع كل شاب اسمه محمد يتدين
إسمى محمد أحب أن أخبركم أننى فكرت أن أطلق نصفى لحيتى وأحلق النصف الأخر
لكننى قررت أن أذهب لصديق ثالث وتعاطيت لأول مرة حبوب مخدرةلا أتذكر أسمى الأن .
انا إسمى مازال محمد وضعت قدمى فى الجامعة... وتعاطيت ما يسمى الحب وتمشيت مع الفتيات وداعبت منهن ما داعبت
قام بيريز ( وهو يهودى حقير ) بمذبحة قانا فى جنوب لبنان كنت وقتها فى حديقة الكلية مع فتاة نلعب عروسة وعريس وقف لجوارنا شاب يبدو عليه أنه من المتدينين الأولنين وقد شعرت انه يعرفنى او أننى اعرفه ربما رأيته فى رحلات المساجد أو الدورات الرياضية المسجدية
إسمى محمد ويدى الأن بين يدى الفتاة لكنه أخذ يخطب فينا قائلا : أطفالنا على المذابح يتمزقون ونسائنا بين الأعادى يتبادلون وشبابنا تحت الدبابات يقتلون وأنتم هنا تلعبون... ماذا تبقى من من فلسطين الأبية ماذا تبقى من غزة؟ ماذا تبقى من لبنان ؟
هيا لنعلنها غضبة باسم الاسلام
اسمى محمد نزعت يدى من يد الفتاة وخرجت خلف الصديق هاتفا
خيبر خيبر يا يهود جيش محمد سوف يعود
الى الامام الى الامام يا كتائب القسام
ونظرت خلفى فوجدت الفتاة تلملم حجابها وتبكى وانضمت الى أخريات يرتدين الخمار والنقاب لكنهن لا يهتفن
وكبرت المظاهرة وحطمنا الأبواب واصيبت راسى برصاص مطاطى
لكننى مازلت محمد ومازلت اهتف
خيبر خيبر يا يهود جيش محمد سوف يعود
إسمى محمد انتهت المظاهرة وقررت ان أترك الفتاة واعود للتدين من جديد لكن أحدهم قابلنى
وقال لى : المظاهرات بدعة لم يفعلها النبى الكريم هؤلاء مبتعدين هؤلاء يخرجون على الحاكم وهذة كبيرة من كبائر الإسلام
عدت مسرعا ورأسى به عدة غرز من أثر الرصاص المطاطى
وقلت لصديقى الذى اهاج ثورتى : أنتم مبتدعون النبى لم يفعلها
فقال لى : لقد فعلها إلا تذكر يوم أن أسلم الفاروق فخرج المسلمون فى صفين على راس أحدهم عمر والأخر حمزة وصلوا فى الحرم , أليست هذه مظاهرة
قال الأخر : هذاإدعاء على النبى الكريم , أنهم جهلاء لا يعون ماذا يتكلمون
قلت له : لكن القرضاوى قالها
قال لى : القرضاوى هذا جاهل
إسمى محمد أنا الأن فى حديقة الكلية أسحب نفسا أخيرا من سيجارة بانجو قبل أن أضع يدى فى يدى عروستى أقصد زميلتى
أنا إسمى محمد قارب موعد زفافى , خطبت فتاة محجبة من المتدينين , ليس من المعقول أن تكون زوجتى هى تلك الفتاة التى والتى والتى .....
مش معقول طبعا المهم اننى فعلتها وتزوجت..
فرحى سيكون فى المسجد فإسمى محمد حسنا ساتفق مع فريق ينشد الأناشيد ويتقاضى مالا تلقاء ذلك
إسمى محمد وذهبت واتفقت ودفعت.. ليس المال بالقليل وليس بالكثيرشجعنى صديقى الأولانى ( هل تذكرونه .. أه اللى خلانى ألتزم من الأول ) شجعنى على إقامة فرحى هكذا
لكن صديقى التانى ( أيوه بتاع اللحية ) قال لى : ان هذه بدعة اناشيدهم بدعة ما أنشد أحد فى حفل زفاف على عهد الرسول
ودارت الدوامة من جديد
إسمى محمد افكر فى طلاق خطيبتى التى عقدت عليها فهى مصممه على فريق ينشد وأنا أخشى أن أقوم بعمل هذه البدعة
صديقى يناقشنى ويقول كذا وكذ
اوالثانى يقول كذا وكذا
إسمى محمد طلقت خطيبتى المتدينة وها انى فى كازينو أزف إلى زميلتى فى الجامعة
أنا إسمى محمد أجلس الأن لجوار زوجتى ولا أضع يديى فى يديها ( بلا قرف ) أتابع الأحدث فجأة.. خبر عاجل
إستشهاد المهندس يحيى عياش
ابكى كم كنت أحبك يا فتى ؟
بكيت كانه أخى خاصة حين عرفت ان القنبلة أنفجرت فى رأسه وهشمته و فتته وجاء رجال القسام ودفنوه سرا
لكن القيادة أبت أن يدفن المهندس سرا فأخرجوه من القبر فى اليوم نفسه وأعدوا له جنازة مهيبة
وخرجت أنا فى مظاهرة فى نادى الأطباءهتفت بالدموع
عياش حى لا تقل عياش مات وهل يجف النيل او نبع الفرات
وأخذت أحلم بحزام ناسف أنفجر فى وسط اليهود ليكون جهادا نصر أو استشهاد
وهتف لسانى
سيرى سيرى يا حماس إنتى المدفع وأحنا رصاص
يا رابين حضر الاكياس بكره جايلك جند حماس
وتبرعت بما معى من مال بل تبرعت زميلتى فى الجامعه أقصد زوجتى بخاتمها الوحيد للجهاد
وحين عدت قابلنى صديقى ( أه لسه بيقابلنى تخيلوا ) وقال : أن من تبكيه هذا مبتدع يجعل الشباب ينتحرون ويقتلون انفسهم
لقد قال الشيخ فلان ان العمليات الاستشهادية حرام حرام حرام
خشيت أن أقول له ان القرضاوى قال كذا فانا أعلم أن القرضاوى جاهل ( فى نظره بالطبع )لا فى نظرى
أنا إسمى محمد أجلس الأن امام شاشة التليفزيون أشاهد قناة الموف تشانل.. أه مفيهاش رقابة ... وزميلتى فى الجامعة دخلت لتنام
من منكم محمد ؟
ومن منكم الصديق الأول ؟
ومن منكم الصديق الثانى ؟
ومن منكم المشاهدين ؟
وإلى متى سيظل محمد هكذا ؟
وإلى متى سيظل التفكير هكذا ؟
تخيلوا أفكر ان أكون جورج .....
ملحوظة : كل ما جاء فى القصة حدث بالفعل .. بالنص بالتفاصيل إلا ما يخص الحبكة الدرامية (إن وجدت ) وأخر سطر بالطبع غير صحيح
سأبقى محمد والخوف أن يظل أصدقائى كما هم
.. هذه التدوينة على هامش هل ندعم حزب الله أو ندعوا عليه

مساء الخير يا مولاتي

http://3alkahwa.blogspot.com/2008/04/blog-post_26.html


مساء الخير يا مولاتي
شكرا
لعمرو عزت لتحريره التدوينةالمحتوى قاسي وصادم. برجاء توخي الحذر. التدوينة قد تنفجر في وجهك. غير مصرح بها للحبالى والمرضعات.
إذا أراد أحدهم أن يدعي إن المرأة أخذت كافة حقوقها، أو تشجيع تسمية أنيقة ما مثل: "الحقوق الإنجابية"، فلينزل أولا ليشاهد كيف تمارس النساء بمنتهى الحقوقية مهمات الإنجاب، وهو ما لن يكون مناسبا للأسف لتعطيل اجتماعات المجلس القومي للحريم.
يقولون إن أحدا لا يصل لأي حق قبل أن يُعطى له هذا الحق في الغرف المغلقة. أتريدين أن تطلعي - يا من تظنين الأمومة منتهى الأمل - على حقيقة احترامنا للوالدة والأم التي نقيم لها مولد عيد الأم كل عام ، وجائزة الأم المثالية و"ست الحبايب يا حبيبة يا أغلى من مش عارف إيه وبالروح بالدم هنعمل مش عارف إيه برضه؟"انزل للوالدة وشاهد احترام الأطباء والممرضين – والمارة أحيانا – لجسدها الذي يقوم "بالدور المقدس" الذي والتي هو الوظيفة الأساسية للمرأة " والأم مدرسة " ومثل هذا الكلام المخصص للاستهلاك المجتمعي للتحشيش الثقافي. قد يتأثر حجم التعبير عن هذا "الاحترام" بحجم الرزمة التي تضعها في كف طبيب التوليد، ولا يتأثر الاحترام نفسه، مثلما يتأثر حجم "الحشو" من المعلم في أدمغة الطلبة، دون أن يتأثر التعليم نفسه.
" ست الحبايب " – التي غالبا لم يرها زوجها بهذا الوضوح من قبل – تسجى عارية أمام من لم تختر من الناس. كم صورت السينما من مشاهد تسخر من الولادة؟ يحضرني نصف مليون مشهد في هذه اللحظة بالذات!" الأغلى من روحي ودمي" يسخر القائمون عليها من جسدها المجروح أمامهم.
" صباح الخير يا مولاتي " : اخرسي بقى مش عايز أسمع صوت، لما أقولك احزقي تحزقي.
"الأم مدرسة إذا أعددتها" : يفحص الطبيب الوالدة شرجيا ليتأكد من سلامة الغرز الجراحية: "كده بنفحص عشان سلامة الغرز، أنا أدخل إيدي مرة ولمعي مرة" (ضحك في الخلفية).
" يا رب يخليكي يا أمي " : لمعي يجذب ساقي الوالدة يريد أن يبعدهما عن بعضهما بشكل مجنون. يتهمه الطبيب إن المشكلة في عدم ابتعاد ساقيها بشكل ملائم.
"قال من؟ قال أمك، ثم من؟ ثم أمك؟ ثم من؟ ثم أمك": لمعي يسخر من الطبيب: مش إنت قلتلي رجليها هي المشكلة أديني فتحتهالك أهه عالآخر".
" الجنة بين سيقان الأمهات " : ترقد الوالدة مفتوحة الساقين أمام البوابة التي يفتحها أي عابر من الخارج. لا يصرخ أحد فيهم إلا حين تحاول أمها الدخول.
"عشب تعمد من طهر كعبك يا أمي" : أكتشف إنني الأنثى الوحيدة المتواجدة معها بالصدفة. " كل سنة وإنت طيبة يا مامتى وبعودة الأيام " : شوفولنا مقص بس يكون حامي شوية.
" تفرحي وتتهني " : تتشبث الوالدة بذراعي: يا دكتورة، تعالي افحصيها مهبليا (أشد يدي بصعوبة شديدة من الوالدة المتشبثة بها والتي ترجوني أن أظل بجانبها. لامكان للطبيب بجانب الوالدة، مكانه الوحيد بين ساقيها).
" وفي عيدك نغني " : معاكي قسيمة جواز يا ماما؟ ما ينفعش تولدي من غيرها.
" ونضربلك سلاااااام " : يهوى الطبيب صافعا فخذ الوالدة المتعرى أمامه: بس يا مرة مش عايزين دلع ومسخرة هنا.
" بأغني للأمومة": تصرخ الوالدة بألم واضح، يتحدث زوجها عن رغبته في الزواج بأخرى على مسمع منها.
" وأقول الله يا أمي عالدفء والنعومة" : أسمع صوت الجلد ينشق تحت المقص.
لا تختار الوالدة في مصر الطريقة التي تلد بها: وكلما كانت أفقر كلما انعدمت خياراتها أكثر. تتعرض مائة بالمائة من حالات الولادة في مستشفيات مصر العامة للقطع الجراحي للعجان.
" ما أنساش الابتسامة" : الحمد لله. ربنا يعينكوا. ربنا يقويكو – تدعو الوالدة للأطباء.
" ومش هأنسى يا ماما الشخطة إل تعلم وما تهنش الكرامة" : ليه مش بتدوني بنج؟ - مافيش بنج، إحنا كدة هنا، مش إنسانيين (والكلمة الأخيرة سخرية مني شخصيا من قبل الطبيب، ولهذا موضع آخر).
" يا ست يا فدائية": يتحدث لمعي عن زواجه قبل شهرين. أتساءل من يا ترى من الناس سيشاهد زوجة سعادته وقد تموضعت أفضل مما تتموضع ليمتطيها سعادته، أو ربما يؤمن لمعي نفسه ويولدها بنفسه.
كان أحدهم يقول إن هناك صراع ما في نفس الرجل موضوعه الأم المقدسة التي تكاد تكون عذراء حقيقة – ولدته صحيح ولكنه حبل بلا "دنس"، وإن رغتبه في تلك الصورة يمتد أحيانا إلى زوجته. أظن إن أحدا لو عرف الحد الذي يستباح إليه جسد المرأة، وخاصة ما بين الساقين التي تتدرب منذ الطفولة على غلقهما جيدا بمنتهى الأدب سيغير رأيه تماما فيما يظنه عن إمكانية احتفاظ المرأة بحياء ما أو احترام ما لذلك الجسد نفسه. ما لا أفهمه أيضا هو إن تلك المرأة نفسها والتي تستبيح أيد غريبة مهبلها بمنتهى البجاحة، تعجز عن أن تقول لزوجها: امسسني هنا.
لن يعدم المرء طبعا واحد من حكماء الزمن ليقول إن المرأة لا يجب أن تنكشف إلا على المرأة وإن وظيفة التوليد وظيفة الطبيبات وإن هذا هي نتيجة التهاون في كشف العورات على الأطباء من الذكور. نقول للمذكور إنه من كثافة غمامة الحشيش الثقافي على دماغه لا يفهم إن انتهاك الجسد دون إذن لا علاقة له بكون المنتهك رجل أو امرأة، فما هو انتهاك أقل أن تصدر نفس التصرفات من طبيبة – وهو ما يحدث حقيقة، بل وما هو أفظع – وهذا المنطق في حد ذاته دليل على الهوس الجنسي، فمن كل ما سبق أحيانا لا يستنتج أحدهم من القصة سوى إن الفسق الذي أدى بالأطباء الذكور لكشف عورات النساء المغلظة هو المشكلة.المعنى: ليس عند هؤلاء مانع أن "تتمرمط" الوالدة أي مرمطة طالمة كان مُمَرمِطة وليست مُمَرمِط! كأولئك الراكبات في عربة المترو المخصصة للسيدات اللاتي يعتقدن لإنهن سيدات أن من حقهن أن يستلقين بمنتهى البراح فوق العبدة لله !
اقتراحي هو أن نحتفل العام القادم بمولد عيد الأم بشكل مختلف وأكثر واقعية بأن تحكي الأمهات خبراتهن في الولادة بمنتهى الصراحة والموضوعية في مستشفيات مصر. لا نذيع أغاني ولا أمهات مثاليات ولا كلام مقفى، فلنسأل الأمهات وأنفسنا بمنتهى الصراحة: هل نكن أدنى احترام للوالدة كإنسانة ؟ هل لدينا أي احترام حقيقي للأم؟ هي نفس الأم على أي حال التي عورة اسمها وعورة نسبها وعورة تربيتها التي هي "تربية ستات".
آه يا منافقين يا أفاقين يا كذابين
أيها السادة من أطباء وطبيبات النساء: أنتم بحق سخام الأرض.
" مسااااااااااااااء الخيييييييير يا مولاتي " .
كلمات الأغاني: "صباح الخير يا مولاتي"، صلاح جاهين - "أمي"، محمود درويش - "ست الحبايب"، لا أعرف كاتبها.
posted by ***** at السبت, أبريل 26, 2008

24 Comments:
Lasto-adri *Blue* said...
بغض النظر عن المعاناة اللى عايشتيها.. ربنا يعينك عليها إن شاء اللهالا إنى أحب لفت الإنتباه لتصليح بسيط.. بعد إذنكهى ليست "الجنة بين سيقان الأمهات".. ولكن "الجنة تحت أقدام الأمهات".. وهناك فرق:)وكل سنة وإنتى طيبة يا سقراطة
الأحد, أبريل 27, 2008 2:21:00 ص
new one said...
تمت إزالة هذه الرسالة بواسطة المؤلف.
الاثنين, أبريل 28, 2008 12:33:00 ص
new one said...
معلش أنا آسفة اكمنى جديدة في موضوع التعليقات ده التدوينة صعبة قوي .. و صادمة قوي ...بس على فكرة أنا من فترة ابتديت اشك ان الناس ابتدوا يفقدوا حتى الاحساس بخصوصية اجسادهم .. مع زحمة المواصلات ماعادش فيه مشكلة ان واحد يزق واحد علشان يعدي بصرف النظر عن جنس الاتنين ... على المسرح بيعلمونا ان فيه حاجة اسمها المجال الحميمي ... أقرب الدواير المحيطة بالانسان ... و المجال ده ما يخترقش ( على المسرح برضه ) الا من شخص له علاقة قوية بالممثل .. أو من شخص له سلطة على الممثل ... ده على المسرح ... لكن مسرح الحياة لغى الاعتراف بالمجالات
الاثنين, أبريل 28, 2008 12:40:00 ص
مينا زكري said...
تدوينة صادمة جدا وقاسية جدا... وأشعرتني بتبكيت ضمير غير عادي!مش عارف أقول لك إيه ولا إيه.بصي يا ستي أنا "سخامي" سابق و"وَلِّدت" بنفسي ما لا يقل عن 200 "حالة"... وللحق أقول أنني كنت أكثر "إنسانية" من الوصف الرهيب الذي وصفتيه ولكن بالطبع كنت لا أزال تحت الصفر بمقاييس "الإنسانية" الحقيقية... ليس لأنني "سخامي" بالفطرة ولا لأنني "مهووس بالجنس"... بل ببساطة لأن هذا هو ما تعلمته وكنت أتصرف وفق ما تيسر لدي من "إمكانيات" والطب بيقول لك "اتصرف"!ربما من الجيد أن أكتب تدوينات عديدة عن الكثير من "حالات" الولادة التي "ارتكبتها" على مدى أربع سنوات من عمري "السخامي" القصير ليس تكفيرا عن ذنوب حقيقية لم أرتكبها، ولكن فضحا لمنظومة سخامية نشترك فيها جميعا بشكل آلي ربما لنقص الإمكانيات أحيانا ونقص الآدمية في أحيان أكثر.أتذكر إحدى "الحالات" التي كنت أباشرها في مستشفى "تعليمي" منذ 8 سنوات والتي - على الرغم من التخدير الموضعي - وقفت فوق السرير بعد ولادة الطفل وقبل خروج المشيمة بينما جرح شقها العجاني لا يزال ينزف وكانت في حالة "هستيرية" ترفض فيها أن يتم "تخييط" جرحها النازف أو حتى إتمام عملية "التوليد" وإخراج المشيمة.ركضت السيدة خارج "كشك الولادة" في محاولة منها "للهرب"، بينما لا تزال تنزف ومشيمتها بداخلها، إلى أن أوثقها الحراس والتومرجية... ليأتي بعد دقائق طبيب التخدير ليعطيها حقنة المنوم لكي أتم أنا "تخييط" جرح الشق العجاني في سلام وطمأنينة.كان تفسيرنا جميعا - من أول الدكتورة الاستشارية اللي معايا لحد طبيب التخدير اللي كان قرفان من عيشته عشان صحيناه في الفجر - إن "الولية" دي بتعاني من "جنون ما بعد الولادة"post-partum psychosisوهو ما لست متأكدا أنه مصطلح موجود في كتب الطب المحترمة أساسا.يعوزني الوقت لأحكي لكِ عن تلك المرأة الأخرى التي "ولِّدتها" على عربية نقل في منتصف الليل في إحدى قرى صعيد مصر... والكثيرات جدا اللاتي "ولَّدتهن" على ضوء "الكلوب" بين سيقانهن على أرضية الغرفة الباردة لأن أهاليهن يرفضوا أن يتلوث السرير بالدم وإفرازات الولادة!هناك مشكلة في الطريقة التي تعلمنا بها، ومشكلات أخرى واقعية في الإمكانيات المتاحة بوحداتنا الصحية ومستشفياتنا العامة، ولكن هناك مشكلات أعقد لها علاقة باحترام خصوصية وحرمة جسد الإنسان عموما وجسد المرأة خصوصا.
الثلاثاء, أبريل 29, 2008 11:52:00 ص
Ma3t said...
التدوينة دى ضرب على الدماغو منك لله يا قادرةو كاتها نيلة اللى عايزة الخلفةقال و كنت لسة بافكر فى اسامى العيالابقي قوليله يجيب الست عيال من حتة تانية
الخميس, مايو 01, 2008 2:58:00 ص
Dina El Hawary (dido's) said...
سقراطة، المدونة دي صعبة قوي ومتعبة قوي .. لا أعتقد أن هناك أي شئ قرأته وجعني أكثر من ذلك ... ربما لأن من السهل أن تتخيل أي انثى فينا أنها في مثل هذا الموقف طالما نتوي - تتمنى - الانجاب في يوم من الأيام ! ربنا بجازيهم على اللي هم بيعملوه، وينجي الأمهات وخاصة الغلابة من إيديهم!آه يا وجع القلب ...
الاثنين, مايو 05, 2008 5:48:00 م
DEW said...
وما بعد؟؟ ، فستظل هذه البلد تعيش تلك الحياة ولا مصير ------------مدونة جميلة جداً
الجمعة, مايو 09, 2008 10:06:00 ص
AMRMAX said...
الموضوع احقر من انة يترد علية حتقولى امال بترد لية حقولك عشان اعرفك تجردك من الواقع العملى موضوعك لا يمت للموضوعية بصلة كان لازم تكتب فى البداية نحن نسخر من كل شى لاننا نعشق المسخرة بس كدة انت خبط فى الحلل فاحترسلقد اهدرت دمك ايها الوغد الحق احذف التعليقهههههههههههههههههههههعععععععععععععع
الأحد, مايو 11, 2008 8:11:00 م
سؤراطة said...
مينا ذكري:لفت نظري في تعليقك استسهال زملاءك من الأطباء تشخيص اسمه: Postpartum psychosis على هروب الوالدة من حجرة الولادة ليس لإنه غير موجود في الكتب المحترمة - هو بالفعل موجود- وإنما لإن الوالدة لم تكن بعد في مرحلةالـpostpartumفقد كانت المشيمة بداخلها كما قلت، كما إن ذهان ما بعد الولادة لا يمكن أن يظهر بهذه السرعة على أي حال حتى لو كانت الوالدة قد دخلت في مرحلة ما بعد الولادة فعليا. على أي حال الموضوع طويل جدا ويصعب اختصاره في تعليق أو اتنين، إنما لا أظن إن الإمكانات لها علاقة بمعاملة الوالدة على إنها انسان، خاصة وإن الطبيبة أو الداية أو أي كان من يحضر الولادة لا "يصنعها" هو فقد "يحضرها" أو "يشهدها" أو "يساعد فيها" أما الفاعل الحقيقي فهو الوالدة بكل تلك القوة التي تجعل لالوالدة إلها للحظة. لم أصدق يوم خرج على يدي طفل من رحم والدة. لقد خرج منها إنسان! بأصابع وأنف وأذنين وذراعين، كله كله! بقيت في ذهولي حتى أدارتني طبيبة النساء بهدوء كإنني إنسان آلي ليستقر الإنسان الذي صنعته تلك الإلهة الراقدة تنزف في فوطة ممرضة الأطفال. الأطباء تعلموا حقيقة أن يعتبروا أنفسهم الفاعلين في الولادة "والآلهة" في ذلك الموقف، وهم حمقى كعادتهم. أما الأهم فهو إن الولادة تدرس في أماكن كثيرة في العالم بشكل طبيعي ودون الحاجة لإمكانات أكثر من المتوفر لدى مستشفياتنا بدون داعي أن تتحول لخبرة صادمة أو كارثة إنسانية أو حجة ليقوم الطبيب بتفريغ عقده في إنسانة تدفع راتبه وتعطيه تلك المكانة البلهاء التي يغتر بهافي نهاية الأمر.
الثلاثاء, مايو 13, 2008 12:46:00 ص
مينا زكري said...
أتفق معكِ من جديد إن الموضوع - في حقيقته - مش إمكانات بقدر ما هو بالأساس غطرستنا كأطباء وهي الغطرسة التي نتربى عليها حتى نكون أشباه "آلهة" وهو ما يرسخه ثقافة العامة التي تقول عن "الدكتور" إنه "دكتور وعارف كل حاجة!"... آه لو يعلموا كم نحن جهال!!في الآخر القيمة المفقودة هي احترام خصوصية جسد الإنسان وخصوصية جسد المرأةشفت بعينيا زملاء بيضربوا - حرفيا - الأمهات أثناء "توليدهن" على الأفخاذ ليجعلوهن يفتحن أرجلهن أكثر وكيف يتهم الطبيب المرأة التي تضع طفلها بأنها "بتتدلع"!!أفضل قرار أخدته فعلا كان الخروج من قلب المنظومة دي كلها... ربما كان غيري أفضل مني ولا يزال لديهم الرغبة والفرصة في أن يغيروا المنظومة دون الخروج منها... أو خلق منظومة محترمة موازية... بس تتعمل إزاي دي؟ هو دا السؤالتحياتي
الثلاثاء, مايو 13, 2008 12:31:00 م
ميشيل حنا said...
تدوينة قوية جدا.أهنئك.
السبت, مايو 17, 2008 5:46:00 م
ليلى said...
من زماااااااااان أيام مكنت لسه عايشة مع أمى وبتفضل تحكيلي عن ولادتى السهلة جدا اللى محدش ولدها فيها وانى نزلت وجايبة معايا سبع أيام مطرة بفرح ان محدش خرجنى من جواها وانى خرجت بإرادتي على أرض طينية في بيت جدتى اللى كان بالني من بعد متخلص الحكاية دى تبدأ في حكايتها عن ولادة اخواتى اللى كلها قيسري وهى زعلانه كنت ببرر فرحى ساعتها ان محدش شاف منها حاجة فاهماكى ولأول مرة حد يوصلني لسبب كرهي لدكتور الولاده اللى كنت اعرفه زمان في بلدنا
الثلاثاء, مايو 20, 2008 5:01:00 م
الست نعامة said...
ماعتقدش ان في كل حتة كده..يعني أكيد فيه مستشفيات محترمة حتى لو حكومية.عامة الحمد لله، السيس طلع من بطني هاهاهاها.
الأربعاء, مايو 28, 2008 12:25:00 م
سؤراطة said...
يا سلام، هو ده الأمل والإشراق المنتظر ددائما من الست نعامة لما بتفوت علينا. محترمة وحكومية في نفس الجملة يا نعومتي؟ طيب إنتي تعرفي أي حاجة حكومية محترمة عشان تبقى فيه مستشفى حكومية محترمة؟ أهم حاجة زي ما أنت بتقولي إن السيس طلع من بطنك هاهاها :). يا بنتي فيه أسباب فسيولوجية حقيقية إن التايب بي برسونالتي بيعيشوا كتير :)))
السبت, مايو 31, 2008 6:42:00 ص
الست نعامة said...
برضو بتقولي تايب بي يا سيتي انا ايه وانت مش واخدة بالك، بس لو بي بيعيشوا اطول خلينا بي أحسن :-)
الأحد, يونيو 01, 2008 2:51:00 م
neda said...
إنتي وين؟؟؟؟
الثلاثاء, يونيو 24, 2008 12:11:00 ص
mohamed hesham said...
تتعمل ازاي يا دكتور مين ... هو ده السؤال فعلا ... وإن كان فيه حاجات كتير أول مرة أعرفها في هذا البوست ... والسـ ختام ــلام
الثلاثاء, يوليو 15, 2008 4:04:00 ص
BoBo said...
الحقيقة ان الحكاية مش ولادة طبيعية ولا ولادة قيصرية ، ولا حكاية دكتور عنده قلب وانسانية ودكتور لا ، لكن الحكاية ان مفيش حكومة محترمة تجبر الدكاترة يعاملوا الانسان الفقير على انه انسان ، يعني الدكتور المتجرد من كل معاني الانسانية لو عارف ان عليه رقابة وعقاب في حالة انه اخطا او اتصرف مع جسد المريض / المريضة بهمجية ، اكيد كان هيداري لاانسانيته دي لحد ما يخلص شغله ، لكن الحكومة طبعا مش فارق معاها المواطنين اصلا ، واللي معاه فلوس بس هو اللي بيتعامل كويس وبانسانية وباحترام ، وممكن يكون نفس الدكتور هو اللي بيعامله كويس وبيعامل المريض الفقير باستهانةانا ولدت ابني من سبع شهور بعملية قيصرية لكن في مستشفى كبير وبفلوس كتير ، وعشان كدة محدش كان يجرؤ يكشر حتى ف وشي ، لكن الحق يتقال ان الدكتورة بتاعتي انسانة فعلا حتى مع المريضات الفقيرات او غير الواعيات اصلا بحقوقهن ، وانا كنت بفسر دا بانها اشتغلت اكتر من عشر سنين بين امريكا وكندا واتعلمت ازاي تعامل البشر ، لكن مع الوقت اتاكدت انها بطبيعتها انسانة راقيةانا اسفة للاطالة لكن الموضوع موجع فعلا
الجمعة, يوليو 18, 2008 1:14:00 م
ربيع said...
طيب هو ليه كده؟ يعني التناحة في معاملة المريض و عدم الابتسام و التنفيض المستمر لازمته ايه؟ابويا عمل عملية في عينه ، هي بسيطه و ماخدتش وقت ، و طلع من الأوضه قعد في اوضه تانيه عشان الأفندي يرجع يبص على عينه ، و لما رجع ماقلش لا سلامو عليكو و لا مساء الخير و لا أي نيلة ، دخل قعد على الكرسي و بص و قام ، المهم ان أبويا بيحاول يتناقش معاه ، اهلا يا دكتور ، ازيك حضرتك ، و التاني و لا هو هنا و لا رد ، أظن من الطبيعي انك تطمن العيان على الأقلو غيرها كتير ، منها مثلا برجلة الدكاتره قدام المريض أو أهله ، أو نقاشهم و اختلافهم على حاجه قدامهم ، و تعبيرات الوشوش اللي بتتنوع بين الصدمة و الحيرة و الاحباط ، و اللي بتخلي المريض أو أهله يترعبوا ، و يتوقعوا انهم قاعدين مع بهايم مش دكاتره
السبت, يوليو 26, 2008 9:24:00 ص
Blank-Socrate said...
اخى المتنيح(اى المنتقل عن هذا العالم)كان طبيب و لكنه كان انسانفى احد مرات التدريب فى المستشفى التعليم كان و عدد من زملائه و الدكتور عن سرير مريضهلم يكونوا يتعاملوا معها بادميه مطلقا و كانت هى تنسكب منها دموع المهانه على خديها فى صمتبعد ان انتهوا من استعراض حالتها و انتهى كل شخص من وضع يديه على الجسد العارى الباكى و تركوهاعاردى اخى ليهدهد على كتفها بيديه فى حنان و يقول لها "دول زى اولادك و بيتعلموا سامحيهم و متزعليش"عزيزتى الطبيبهاعطى ابتسامه و حنان لكل مريض حتى لو كان على حافه الموتفقط اجعليه ينتقل بسلامتحياتى لرقه انسانيتك
الخميس, يوليو 31, 2008 3:09:00 م
cheetos said...
بجد ده بيحصل
الجمعة, أكتوبر 10, 2008 12:05:00 ص
الخميس, نوفمبر 20, 2008 6:49:00 م
محمود محمد حسن said...
انا فعلا ما قدرتش اكمل قرايةصادمة فعلا وقاسية
الجمعة, ديسمبر 12, 2008 8:47:00 م