الأحد، 6 أبريل 2008

اسئلة حول منهج الإخوان في التغيير


هل ما يزال الإخوان مقتنعون بأن منهجهم السلمي بالغ الوداعة هذا مجد ؟ أو قد يكون هو السبيل نحو قيام الدولة الإسلامية ؟
هل نجحت حركة واحدة في العصر الحديث بأسلوب تربية المجتمع وحده ؟
طوال ثمانين عاما هي عمر الدعوة استطاعت الأنظمة ضرب الإخوان دون أن يتحرك الناس ، في دليل ومشهد غريب على أن الإخوان لا يكسبون أرضا صلبة ، استطاع عبد الناصر ضرب الإخوان رغم الجماهيرية الواسعة ولم يتحرك الناس دفاعا عنهم ، واستطاع السادات هذا أيضا رغم ما كان في عهده من انفتاح ، وبرغم ما كان لهم من حرية حتى أواخر الثمانينات إلا أنهم أيضا لم يكسبوا جماهيرا تحول دون ضربهم .. لماذا عجز الإخوان في كل فترات الانفتاح على كسب الجماهير إلى درجة الاستقواء بها ؟ أو بمعنى آخر : لماذا ظل الناس لا يقدمون للإخوان إلا التعاطف ومصمصة الشفاة ، والصوت الانتخابي إذا كانت الانتخابات شبه نزيهة ؟
أحسب أن التطور المنظور في قوة الحركة لم تصنعه هي وإنما صنعته أخطاء القوى الدولية ، أرادت أمريكا أن تجرب الديمقراطية فأجبرت النظام المصري على انتخابات شبه نزيهة ففاز الإخوان بـ 88 مقعدا ( العدد الحقيقي 140 ) .. ولما لم ترد لم ينجح لهم مرشح في الشورى ، ونحن نرى ما حدث في المحليات .
فإذا كانت الجماهير وحدها ( ضع تحت وحدها ألف خط ) لا تصنع التغيير بل ولا تبدو مساهمة فيه ، فلم يقتصر الجهد الإخواني على تربية هذه الجماهير ؟
بعد ثمانين سنة من تربية الجماهير .. وصلنا إلى الحالة الحاضرة ، كم نحتاج من سنين لقيام الدولة الإسلامية في رأي الإخوان ؟ ( وبالله عليكم يا أيها الإخوان لا تعطوني إجابات مضحكة ، فإني سمعت منها عجبا عجابا عجيبا ما أعجبه ) .
ولم نفترض أن المشكلة في الظروف لا في المنهج أو في تطبيق المنهج ، أو في فهم سنة النبي وسيرته ومنهجه في التغيير ؟
يعلم الله .. في النفس كلام كثير كثير ، لعله يخرج إن دار حوار مفيد .

عمر قعدان: 1 أبريل 2008 في الساعة 3:09 pm
هذه اسئلة تدور في خلد كل اخ فلو ذهبنا نسال المربين و اصحاب السبق في الفهم والدعوة وجدنا إجابات غير مريحة على الاقل البعض أصلا تجد له رد غير ما ورد في كتب الجماعة و لو ذهبنا لنبحث اكثر وجدنا الراشد يفصل في هذا و يرده إلى ضعف في الإخلاص و بعد عن المنهج الرباني يحتاج تقييما فهذا ما وجدته كلما بحثت عن الإجابة
مؤخرا صرت أفكر بالطريقة العكسيةفأسال نفسي ما البديل للأسلوب السلمي؟ فابحث فلا اجد الا القتل و الدم و هو شئ أرفضة في قرارة نفسي و لا أجد له صحة لنظري في التاريخ و الحاضر عما خلفة هذا الأسلوب
و برأي أن الجماعة تحتاج لمراجعة حقيقية بكافة مستوياتها لاسلوب الدعوة و التربية و الافكار حتى تخرج من هذه المراجعة و قد وضعت خطة قابلة للتطبيق
أما لموضع عدم خروج الجماهير لنصرة الإخوان فالمشكلة الرئسية هي تولي الدعاة والوعاض الدراويش لقيادة الجماعة لا أصحاب الكاريزما و المنطق الفوه القادرين على التاثير بالناس و لهذا سابقة في الجماعة مثل الشهيد عبد القادر عودة الذي كان قادرة على تحريك الجماهير لكنه لم يمتلك في تلك الفترة و هو باقي الإخوان الحنكة الكافية للتعامل مع الموقف
م. محمد إلهامي: 1 أبريل 2008 في الساعة 4:29 pm
وإني أراك يا أخي عمر تتساءل معي .. لذا لن أعلق على كلامك الصحيح - برأيي - في مجمله ، خصوصا مسألة الدراويش هذه .. لكني ألفت نظرك إلى أننا لا نختار بين أسلوب سلمي وأسلوب عنيف ، بل بين هذا الأسلوب الإخواني السلمي بالغ الوداعة الحريص على عدم استفزاز الإعلام واليساريين ، الحريص دائما وأبدا على مد جسور التواصل مع النظام ، الرافض تماما لأن يتحالف مع قوى دولية إلا عبر وزارة الخارجية ( على اعتبار أن لدينا وزارات حقيقية ولها سلطة وسيادة ورؤية ) .. وبين أساليب أخرى .
لم أذكر إلا بعض الملامح فقط لهذا الأسلوب فائق الوداعة .. المهم أن البديل لهذا ليس فقط أسلوب العنف والقتل والدم .
وإذا لم تجد ما يعضد أسلوب العنف من التاريخ ، ولم تجد كذلك ما يعضد أسلوب تربية المجتمع وحده .. ففكر معنا بصوت عال ، مالذي يهديك إليه التاريخ وتجاربه إذن ؟


م. محمد إلهامي:
2 أبريل 2008 في الساعة 10:56 am
الأخ الكريم م. جاب الله :
طبعا بعد التحية الوافرة والشكر الجزيل أقول :
ربما أنت أوجزت في كلامك موقف الإخوان عموما من هذه الأسئلة ، فكلامك هو الكلام الذي أسمعه منهم ، مع الاختلاف - طبعا - في جودة الطرح وفي حسن الظن بطارح الأسئلة .
ويذكرني هذا بكلمة - لا أتذكر من قالها بالتحديد الآن - عن أن ” الفشل المتواصل للجماعة طوال ثمانين عاما وعدم وجود أية نجاحات حقيقية على مسار الدولة الإسلامية أنتج جهازا تبريريا جبارا داخل الجماعة ، عمل هذا الجهاز التبريري على اختراع ( أو رصد ) كل الأسباب والظروف والعوامل - مهما كانت هامشية أو معروفة أو متوقعة - التي وقفت أمام تحقيق النجاح ، لكي يبتعدوا بهذا عن مناقشة أخطاء المنهج إلى رمي الكرة في ملعب الظروف الخارجية ” .. ( أو كما قال ) .
سأحاول بإذن الله أن أكون مؤدبا ، لكني أرجو - كذلك - منك إن رأيت مني سوء أدب ألا يتحول الموضوع إلى أدب الحوار وأدب الاختلاف وقيمة القيادات الفكرية والتاريخية والجهادية .. حاول - إن رأيت مني ذلك - أن تتعامل معي على أني سيئ الأدب يفيض إناءه بما فيه .
نأتي للكلام المحدد ،
رغم أن السطر الثاني في الموضوع يقول : ” هل نجحت حركة واحدة في العصر الحديث بأسلوب تربية المجتمع وحده ؟ ” .. إلا أن الجميع يصر على القفز على هذا السؤال تحديدا .
ترى لماذا ؟
لأنه السؤال الواقعي الذي ينقل النظريات والفلسفات والتحليلات إلى أرض الواقع ويقول : أخبرونا من نجح بمنهجكم هذا من قبل ؟ .. وقد حددت قائلا “في العصر الحديث” حتى أحاول قطع الطريق على الإجابة المعروفة التي تقول إنه منهج النبي ومستمد من سيرة النبي .
لأن النبي - مثلا - لم يحتج إلى 80 عاما لإقامة الدولة .. سيرد القائل : بأن الظروف مختلفة بين عصر النبي وعصرنا ، فأقول : متفقون ، فأخبرني عمن نجح بمنهجكم في ظروف قريبة من ظروفكم .
اقتفاء منهج النبي ، كما لا يخفى على أحد ، يرفعه كل تيار إسلامي .. ويبدو أنه لم يهتد منهم أحد إلى صحيح الاقتفاء ، وإلا لرأينا نفس النجاح أو حتى قريبا منه بدل واقعنا الذي لا نرى فيه مجرد أمل منظور .
———
قلت أخي الكريم : ” ولكن لا ننسى تعقب الامن المصرى لكل صغير وكبير من ابناء الحركه ” واعتبرت هذا سبب التأخر .
ماذا كنتم تنتظرون من الأمن ، أن يفرش لكم الطريق بالورود ؟ وحيث أنه لن يفرشها إلا بالأشواك كما هو معروف ومتوقع فكيف تعز فشل الجماعة في التغيير إلى هذا العامل المعروف والمتوقع ؟
ولن أدخل في تفاصيل الاختلاف بين الاحتلال الفرنسي والإنجليزي ، وواضح أن هذه الفقرة مأخوذة من كتاب الأستاذ محمد قطب ( واقعنا المعاصر ) .. لأني شخصيا لا أرى أن اندحار الفرنسيس ولا بقاء الانجليز كان لحماقة الأولين وبرود الآخرين كما يرى الأستاذ قطب ، بل لأن من واجه الفرنسيس كانوا الشعب ، ومن واجه الإنجليز كان السلطة المهترئة التي أممت وصادرت وحرمت الشعب من أسباب القوة وعرضته للغزو الفكري .
وإلا ففرنسا بحماقتها ظلت 130 عاما في الجزائر !
———
لم أسمع ما قاله مبارك من أن الإخوان لو وصلوا ستكون مصر كفلسطين ، ولو كنت سمعتها فأنا أصدقك .. لكنني أرى أن الوضع الفلسطيني الحالي أفضل ملايين المرات من الوضع قبل سنوات وخلو المشهد السياسي من حماس .. ولهذا تفصيل آخر .
بمعنى : أنه لو كان في استطاعة الإخوان الوجود في السلطة كما كان مع حماس ، فهو وضع أفضل جدا لمصر .. ولا تقلق ، فالشعب المصري لن ينتفض ضد الإخوان كما يسوق البعض من قيادات الإخوان ، تماما كما لم ينتفض الشعب الفلسطيني ضد حماس .
————
يا أخي الحبيب لا تلقي باللوم على الشعب .
إذا لم ينتزع الإخوان تعاطف الشعب طوال 80 سنة ، أي ثلاثة أجيال تقريبا .. فلايمكن أن تكون المشكلة في الأجيال الثلاثة .. بل لابد من خطأ في الحركة وفي التعامل مع الجمهور وفي المنهج أو في تطبيق المنهج .. من السهل دائما أن يكون الآخرون هم المخطئون .
وشكر الله لك وجزاك خيرا كثيرا
م

ياسر رفعت: 3 أبريل 2008 في الساعة 1:07 am
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخي الحبيب الفاضل الكريممشكور علي الموضوع المتميز والتساؤل الغيور … وهو ما استفزني للمشاركة علي غير عادتي في التعامل مع المدونات ( للأسف الشديد ) ….ولكن موضوعيتك التي أرتاح إليها جعلتني أتابع باستمرار …أخي الحبيب لي ملاحظات أراها ذات صلة بالموضوع وربما تفسر بعض جوانبه …
أولاً : أشاركك في أن جماعة الإخوان تتعامل مع بعض ملفاتها بشيء من الغموض .. ومنها هذا الملف الخاص بـ ( ساعة الحسم ) وطريقتها في العملية التغييرية …. ولكن تطورات الأحداث وتكاثر التحديات جعل الجميع ( وخاصة قيادات الجماعة ) يقتربون من الوضوح في هذا الملف !!!
ثانياً : وأحب فيها أن أتحدث عن خصوصية الشعب المصري وكمية اللامبالاة الطبعية في تشكيلته وعجينته !! وهي ما تحتاج زمنا كبيرا وتريثا في التعامل مع توابعها !! وربما تكون سنوات الجماعة الثمانين دليلا علي ذلك !
ثالثا : ملف التعامل مع العامة في العملية التغييرية حساس للغاية طبقا لما أثبته كل من تكلم في علم الاجتماع السياسي والدارسين لطرق التغيير !!ولا أحب أن أنضم إلي طابور المبررين الذين يبررون كل شيء !ولكني أحب التأكيد علي أن خيار ( التربية المجتمعية ) هو في نهاية أمره ( رقم !! ) وطالما لم يتحقق هذا الرقم الضامن للنجاح وامتلاك الشوكة فلا محل للخلاف ساعتها من الإعراب !!
رابعاً : غير صحيح علي الإطلاق أن الجماعة تعتمد فكرة ( تربية المجتمع ) وفقط !! بل لها تحديات كثيرة وكبيرة في محاولة امتلاك أسباب القوة و ( الاستعداد لمهام المستقبل ) ….. وغير ذلكوليس من الإنصاف ولا من الموضوعية إغفال النظر في مثل تلك الأمور وملفاتها عند التأمل في سبب تأخر الحركة الإخوانية في ساعة الحسم !!
هذا بعض ما أود التذكير به أخي الفاضل الكريم
ولك مني كل التحية علي مجهودك وفهمكوشكر الله لكوالسلام عليكم
ياسر
http://al7our.maktoobblog.com/
مصطفى:
3 أبريل 2008 في الساعة 2:48 am
طب معلش بقا غلب حمارنا قلنا ايه الحل من وجهة نظرك ؟؟؟ ممكن؟؟
م. محمد إلهامي:
3 أبريل 2008 في الساعة 10:25 am
أخي الكريم الفاضل ياسر رفعت ،
حللت أهلا ونزلت سهلا
وأرجو أن تزيد في التفصيل ، فلقد وجدت أنك تضع العناصر والظروف الخارجية وتحملها السبب - أو هكذا يبدو - في تأخر ( ساعة الحسم ) .
ولم تفصل في التحديات الكبيرة والكثيرة فيما هو خارج نطاق “تربية المجتمع” .. أو دعني اسأل بشكل آخر :
كم من مجهود الجماعة ينفق في تربية المجتمع ، وكم ينفق خارجه ؟
ثم .. كم هو تأثير أفراد المجتمع (وحدهم) في عملية التغيير ؟
وشكر الله لك
م. محمد إلهامي:
3 أبريل 2008 في الساعة 10:26 am
أخي مصطفى ،
ألم تكن ستكمل كلامك .. فما منعك ؟
وهب أني قلت لك : ليس لدي حل ، فهل معنى هذا أن انساق وراء ما تطرحون ، أو أن أُسلب الحق في مناقشة منهجكم ؟

أبو العلاء:
4 أبريل 2008 في الساعة 9:14 pm
مولانا:
أما إذ استزدت فقد وجبت الزيادة و ذنبك على جنبك!
نقدم للمسألة بالتفرقة بين الخلافة الراشدة و الملك العاض و الملك الجبري.
الملك هو استئثار جماعة ما بشئون الحكم خاصة ما يتصل باحتكار الجبروت و التحكم فى الموارد. ليست العبرة فى طريقة تركيب هذه الجماعة فقد تكون أسرة كما كانت فى ينى أمية أو بنى العباس أو فى العائلة السعودية فى الحديث أو قد تكون تلك الجماعة طبقة معينة مثل المماليك فى مصر أو الحزب الشيوعي فى الصين.
الفرق بين الملك العاض و الجبري هو علاقة الفئة المتغلبة بالشرعية و ممثليها. فى الملك العاض تعتنى الفئة المتغلبة بإظهار إحترام الشرائع و إقامة العدل و حسن توزيع الموارد إلا فيما يهدد تفردها بالملك. فى الملك الجبري لاتعير الفئة الحاكمة اهتماما للشرعية و تستند فى تحكمها على الجبروت المطلق و لا ينظر إليها العامة على أنها فئة الحكم و لكن على أنها عصابة إجرامية.
لاحظ إن الالتزام بالشريعة ليس حكرا على الخلافة الراشدة. فالملك العاض كما قلت له من الالتزام بالشريعة نصيب و أيما نصيب. معاوية مثلا كان ملكا و لكن الحسن البصري عندما عد ما ينقمه على معاوية لم يجد إلا ثلاثة مسائل!
أما الخلافة الراشدة فمحكها هو الشورى. و الشورى فى نظرى هى أنه إذا احتاج الأمر حراكا على مستوى الجماعة (المجتمع كله) فهؤلاء الذين يتأثرون بالحراك لابد من: 1- أن يستشاروا قبل القرار، 2- أن يراعو من قبل أهل الحكم و من فئات المجتمع الأخرى.
و الأمثلة على ذلك من السيرة كثيرة. مثلا عندما استشار الرسول الأنصار فى غزوة الأحزاب فى أمر منح ثلث الزروع لعيينة بن حصن بينما استشار الجميع أنصارا و مهاجرين قبل غزوة أحد. و هنا نجد الرسول يطبق الشورى بنظرة فى غاية الحكمة لأن المهاجرين يمسهم فى غزوة الأحزاب الشر مثلهم مثل الأنصار بينما ضرر منح ثلث الزروع يعود فى الأصل على الأنصار فقط. من هنا كانت استشارة الرسول للأنصار خصوصا فى تلك المسألة .
المطلوب من أهل الشريعة و حفاظ الشرعية شيئين:1- أن يعملوا ما استطاعوا ألا يكون الملك جبريا و هذا عن طريق شيئين:أ- تبيين حدود الشرعية و ضوابطها لأهل الحكمب- تعريف العوام بما لهم من حقوق و التصدر لاستعادة هذه الحقوق2- أن تظهر أمارات الشورى الراشدة فى تصرفاتهم لا أن تبدو عليهم أمارات الملك العاض هم أنفسهم
المطلوب الأول يقوم به الإخوان بقدر لا بأس به من الكفاءة. و فى رأيى إن احتفاظهم بعلاقة مستمرة مع أهل الحكم ضروري و لا غبار عليه. أما الجزء الخاص بتعريف العوام بما لهم من حقوق و التصدر لرفع المظالم فالإخوان أقل فعالية فى ذلك الأمر لأن النظام المصري فى الواقع كان بين الملك العاض و الملك الجبري و عبر سنوات التسعينيات تدهورت حالة النظام تدريجيا نحو الجبروت السافر الذى لا يتغطى بشئ من الشرعية. لابد أن نعى أن الإخوان كغيرهم يتغيرون مع الوقت و طريقة تعامل الإخوان مع المظالم الواقعة على العامة ستتحسن مع الوقت و لا أرى مشكلة فى هذا الأمر.
أما المشكل فى أمر الإخوان فهو المطلب الثانى. كان يمكن للإخوان أن يتعاملوا مع الأمة من منطلق أنهم هيئة للأمر بالمعروف و النهي عن المنكر و كفى و لكنهم تصدروا لما هو أوسع من ذلك بما يتجاوز تأصيل الشرعية الإسلامية إلى نطاق العمل السياسي و هنالك تظهر المشكلات.
أولى هذه المشكلات هى أن البرلمان المصري ليس هو المكان المناسب للعمل السياسي. البرلمان يصلح على الأكثر ليكون مجالا لتبيين حدود شرعية تصرفات أهل الحكم و رفع مظالم الناس و وضعها فى محل النظر العام و محل نظر أهل الحكم. و لكن يبدو أن البعض داخل الإخوان و كثير من الناس خارج الإخوان يظنون فى عمل الإخوان السياسي أكثر من مضمونه الحقيقي على الأقل فيما يتعلق بالإنتخابات و ما إلى ذلك من أمور ليست هى الشورى و لا هى الأساس فى العمل السياسي حتى فى الديموقراطيات الغربية.
العمل السياسي فى شكله الناضج (والشورى أنضج أشكاله) حوار بين الخاصة و الخاصة و أيضا بين الخاصة و العامة. الحوار بين الخاصة بحث و توضيح لوجهات النظر عن طريق وضعها على محك الآراء المعارضة. أما الحوار بين الخاصة و العامة فهو تبيين و إظهار من جهة و استبيان و استعلام من الجهة الأخرى.
النموذج الغربي فى الديموقراطية فى شكله الحالي هو فى حقيقته نوع من الملك العاض و ليس حكما شوريا. فهناك طبقة سياسية تطبخ السياسات و التوجهات ثم تسوقها للشعب. و المحك فى هذا النظام شيئين الثقة و النتائج. ما دامت الفئة السياسية تتمتع بثقة الشعب و توفر له النتائج المرجوة (أو تقنعه بأنها هى المرجوة) فسلطتها فى استمرار. نلاحظ هنا أن تفاصيل القرارات و الإعتبارات المؤدية لها غير متاحة للعامة أصلا و أن الطبقة السياسية تكتسب ثقة العامة عن طريق افتعال قضايا فرعية يكثر فيها النقاش و الحديث بعيدا عن الأساسيات. و تصبح السياسة فى النهاية فن “الصورة” و ليست شورى حقيقية تهدف للوصول إلى أصلح الآراء و إلى مراعاة صالح “كل” فرد من أفراد المجتمع.
و هذه هى مشكلة الإخوان الآن فهم يريدون ثقة الجماهير و يريدون أن يقنعوا الجماهير بجدوى اختياراتهم و ذلك بالنظر إلى النتائج و مدحها و الاعتذار عما قد لا يكون محل القبول منها. من هنا نفسر دفاع الإخوان المستميت عن صحة سياسات الجماعة. إذا كانت الجماعة لا توضح للناس لماذا تفعل ما تفعل و كل شئ يناقش سرا و لا يعلن على الناس إلا فى بيانات غائمة و تصريحات متناقضة فلابد إذن من التركيز على فعالية السياسات و نجاحها! كأنى بالإخوان يقولون للشعب “ربما أنتم لا تعرفون ماذا نفعل و لا لم نفعل ما نفعل و لكن ها هى نتائج أفعالنا الرائعة. اتبعونا فى صمت!”.
و هذا الملك العاض فى حقيقة أمره. أن تستأثر فئة بأمر المسلمين دونهم لا يضير فى ذلك التزام هذه الفئة أو لا بالشريعة. الشورى ألا يستأثر أحد بأمر المسلمين دونهم. و أى شورى فى أن تترك الجماعة الأمة تضرب أخماس فى أسداس لا تعرف ماذا يفعلون و لا لم ثم يطلب منهم أن يخرجوا من بيوتهم لانتخاب الإخوان رغما عن حصار الأمن للجان و يموت منهم أناس ثم يخرج الإخوان علينا بالشكوى من سلبية الشعب! و كيف تتوقع إيجابية من شعب تعامله أنت على أنه غير أهل لتوضح له وجهات نظرك و لا أن تطلعه على حقيقة موقفك من الحكومة أو من الغرب أو من أى شئ أصلا!
الشورى ترفع الفرد من أن يكون “رقما” فى حسابات هذه الجماعة السياسية أو تلك إلى أن يكون “إنسانا”. و حتى ينجح الإخوان فى تغيير نظرتهم لمن هم خارج الجماعة من العامة بالذات فالأفضل فى رأيى أن يكتفوا من أمور السياسة بما يقدرون عليه.
مثال:
لو نظرنا لموقف الإخوان من الإنتخابات الرئاسية الأخيرة ماذا نجد؟ هل ذكر الإخوان شيئا عن مفاوضاتهم مع الرئيس و المرشحين الآخرين؟ هل قال الإخوان من يفعل كذا نؤيده و من لا يفعل لا نؤيده؟ كل ما كان دار فى الكواليس ثم خرج الإخوان برأى بسيط مؤداه أنهم يدعون الناس لممارسة حقهم فى التصويت و أن يصوتوا لما يروه فى المصلحة! و كأن الناس كانت تنتظر الإخوان ليقولوا لهم هذا!!!!
الخلاصة:
- أنا أجد حصاد عمل الإخوان حتى الآن جميلا و مشجعا- عمل الإخوان فى تأصيل الشرعية الإسلامية للمجتمع عمل جيد جدا و ضرورى و لهم عليه كل تحية- نظرة الإخوان للعمل السياسي نظرة قاصرة و غير ناضجة- وصول الإخوان للحكم فى مصر فى الوضع الحالي ليس مطلوبا- المطلوب توضيح الأمور للعامة و تبيينها لهم على قدر المستطاع بما يكفى لتنبه الشعب و الضغط على أهل الحكم للانتقال إلى شئ من الملك العاض و نحو الشورى الراشدة- أن توجه الجماعة خطابها للشعب لا للحكومة و لا للغرب!
و الكثير من الصبر من الإخوان علينا و منا عليهم.
و لعلك تعلق على التعليق فإنى لا أكتب إلا لأسمع رأيك!
و السلام

ليست هناك تعليقات: