‏إظهار الرسائل ذات التسميات الأخوان. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات الأخوان. إظهار كافة الرسائل

السبت، 16 يناير 2010

الشريعة الإسلامية





الشريعة الإسلامية - بقلم أبو العلا ماضي
جرى في الفترة الأخيرة ومازال جدل كبير حول "الشريعة الإسلامية" ، ساهم فيه كثير من الناس ولكن المتجادلون أنواع فمنهم من دافع بحق عن الشريعة الغراء وكيفية فهمها وتطبيقها في حياة الناس باجتهاد يناسب العصر ، ومنهم من دافع عنها بفهم ضيق الأفق ويرفض الاجتهاد ، والفريق الثالث وهو الذي يعنينا في هذا المقال من هاجم "الشريعة" أو انتقدها أو طالب بإلغاء المادة الثانية من الدستور المصري الدائم التي تنص على أن ( دين الدولة الرسمي هو الإسلام ولغتها هي اللغة العربية ومبادئ الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع ) ، وأغلب المنادين بإلغاء هذه المادة أو تعديلها بطريقة فيها قدر من السذاجة أكثر ما فيها من الجدية يحملون شعوراً معادياً للدين وخاصة الإسلام ولشريعته أكثر مما يحملون من قلق موضوعي من بعض تطبيقات للشريعة الإسلامية في أماكن مختلفة من العالم الإسلامي ، ولذلك كان نقدهم للشريعة ومطالبتهم بإلغاء هذا النص مستفز للأغلبية الكاسحة من المصريين المسلمين ولكل العقلاء في هذا الوطن ، والمادة الثانية في الدستور تعني بثلاث قضايا وهي دين الدولة وهو الإسلام ، ولغتها الرسمية وهي العربية ، والشريعة المصدر الرئيسي للتشريع.
دين الدولة الإسلام
ولنبدأ بدين الدولة وهو الإسلام لقد كان دين الدولة ونظامها مستمد من الإسلام منذ الفتح الإسلامي لمصر على يد عمرو بن العاص وبعد التحول السلمي لغالبية المصريين من المسيحية إلى الإسلام برضاء تام ، وظل الأمر على ما هو عليه دون كتابة دستور حيث لم يوجد دستور وحتى ومصر تحت الاحتلال الإنجليزي كان الإسلام هو محور الدولة والمجتمع حتى كتابة أول دستور في العصر الحديث وهو دستور عام 1923 ، الذي صاغته لجنة من المسلمين والمسيحيين وكان منصوص فيه على دين الدولة هو الإسلام ، والحقيقة أن هذا النص موجود بشكل مباشر وبأشكال غير مباشرة في دساتير الدنيا ومنها دول في أوربا الغربية يُشار إليها كنموذج في الحضارة والديمقراطية تنص على ديانة الدولة ، ويكفي كمثال ما ورد في دراسة الدكتور/ خالد القاضي رئيس المحكمة والمنشورة في أهرام الجمعة 23 فبراير 2007 وهذا نصه "فنجد على سبيل المثال في المادة رقم (1) من دستور اليونان: (المذهب الرسمي لأمة اليونان هو مذهب الكنيسة الأرثوذكسية الشرقية) ، وفي المادة رقم (47) ( كل من يعتلي عرش اليونان يجب أن يكون من أتباع الكنيسة الأرثوذكسية الشرقية )، أما دستور الدنمارك فينص في المادة رقم (1) بند (5) (على أن يكون الملك من أتباع الكنيسة

الإنجيلية اللوثرية) وفي المادة (1) بند (3) (أن الكنيسة الإنجيلية اللوثرية هي الكنيسة المعترف بها في الدنمارك) بينما تنص المادة (9) من الدستور الأسباني على أنه ( يجب أن يكون رئيس الدولة من رعايا الكنيسة الكاثوليكية) وفي المادة (6) (على الدولة رسمياً حماية اعتناق وممارسة شعائر المذهب الكاثوليكي باعتباره المذهب الرسمي لها) ، وفي الدستور السويدي المادة (4) (يجب أن يكون الملك من أتباع المذهب الإنجيلي الخالص ) ، كما ينص على ذلك بالنسبة لأعضاء المجلس الوطني ، وبالنسبة لانجلترا نجد في المادة (3) من قانون التسوية ( على كل شخص يتولى الملك أن يكون من رعايا كنيسة انجلترا ، ولا يسمح بتاتاً لغير المسيحيين ولا لغير البروتستانتيين أن يكونوا أعضاء في مجلس اللوردات " أنتهى الاقتباس للدكتور خالد القاضي ، فلقد وجدنا في الأمثلة السابقة نص على دين الدولة بل ومذهبها الديني وكلها أمثلة مسيحية سواء أرثوذكسية أو كاثوليكية أو برتستانتية ، وهناك دول أخرى تنص على دينها ولن نضرب المثل بإسرائيل كدولة دينية ولكن مملكة نيبال هناك في الشرق تنص على أن البوذية هي دين الدولة فلهذا في بلد كمصر تاريخياً منذ الفتح الإسلامي وحتى الآن لا توجد مبرر للنقاش حول دين الدولة بكل المعايير.
اللغة العربية هي اللغة الرسمية :
وكذلك الجزء الخاص باللغة العربية فمنذ دخول العرب مع الإسلام إلى مصر تحول اللسان المصري إلى العربية وأتقنها وظهر بلغاء للعربية من مصر وصارت مصر جزء لا يتجزأ بل والقلب للوطن العربي الكبير ، واللسان العربي هو لسان القرآن والقرآن الدستور المعبر عن الإسلام فتلازم الجميع للتعبير عن الكل ، وأيضاً لم ينازع أحد قديماً منذ الفتح الإسلامي ولا حديثاً حول اللغة العربية كونها هي اللغة الرسمية.
مبادئ الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع :
هذه هي الجزئية الثالثة من نص المادة الثانية من الدستور ، وهذه المادة كُتبت بهذا النص بغير حروف التعريف (ال) في دستور عام 1971 ، ثم عدلها الرئيس السادات في مايو عام 1981 ليضيف لها حروف "ال" ، فقد كانت "مبادئ الشريعة الإسلامية هي مصدر رئيسي للتشريع" فجعلها بعد التعديل "مبادئ الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع" ، ولقد كانت مصر تحكم وتنظم قوانينها من الشريعة الإسلامية الغراء طوال قرون من غير نص حيث لم تكن هناك نصوص دستورية كما هو الحال بالنسبة لدين الدولة الرسمي وهو الإسلام والذي كُتب كما ذكرت في دستور عام 1923 ، الذي صاغته لجنة من ثلاثين عضواً منهم حوالي

20 % أقباط وواحد يهودي وأغلب المسلمين لم يكونوا ممن يمكن وصفهم الآن بالتيار الإسلامي السياسي كما ذكر المؤرخ العظيم المستشار طارق البشري في مقاله حول هذا

الموضوع في أهرام الأربعاء الماضي 28 فبراير 2007 ، وكون دين الدولة الرسمي الإسلام يتضمن كون الشريعة الإسلامية مصدراً "التشريع" كما ذكر المستشار طارق البشري في مقال الخميس 1/3/2007 في الأهرام حول نفس الموضوع حيث قال نصاً "معنى أن يكون دين الدولة الرسمي أن تكون مرجعيتها الفكرية إسلامية ، وأن تكون هذه المرجعية إنما تترجح من داخلها الأراء والاجتهادات كما أورده الدستور من مبادئ أخرى تتعلق بالمساواة والحقوق والحريات ، وذلك كله في إطار ما تسميه المرجعية الشرعية ، وما تتقبله بأي من وجوه الاجتهاد والفقه المعتبر مما يلائم أوضاع الزمان والمكان وتغير المصالح العامة للأمة . ومعناه أيضاً أن يكون النظام العام الذي تشير إليه القوانين مشمولاً بهذه المبادئ والقيم وما تتوافق عليه الجماعة . وسنلاحظ تاريخياً أن النص على أن الإسلام هو الدين الرسمي للدولة، إنما يتضمن إقرار اً بأن تكون مبادئ الشريعة الإسلامية هي مصدر التشريع ، ومصدرية التشريع تعني مرجعيته وتشير إلى المورد الذي تستقى منها الأحكام ، لأن دين الهيئة إنما يعني مصدريتها ، وإلا كان النص لغواً " انتهى نص المستشار طارق البشري ، وهو يقصد بتعبير دين الهيئة أنه دين الدولة وكان قد رد في المقال الأول على الذين يقولون كيف يكون للدولة وهي شخص معنوي دين وأثبت أن لها دين وهوية ، وقد نقلنا نحن في بداية هذا المقال عن أن دولاً عدة مسيحية في أوربا تنص على دين الدولة ، بل على مذهبها المسيحي فالأمر ليس بدعاً في عالم الدول المتحضرة !!
السؤال المحير لماذا هذه الحملة الآن على المادة الثانية للدستور وخاصة الجزء الخاص بالشريعة الإسلامية ، لماذا صمت كل هؤلاء هذه السنين إن كان هناك مشكلة تثير حفيظتهم ، وما هي هذه المشكلة ؟ وهل استجدت هذه المشاكل بعد كل هذه السنين أو قل القرون إن شئت !!!
هل الأمر يتعلق بشعور عند البعض أن هناك ضغط أوربي وأمريكي للتدخل في ثقافتنا وهويتنا، والدولة في حالة ضعف ، فظنوا أن الوقت مناسب لطمس هوية هذه الأمة واستفزاز مشاعرها ، وإظهار العداء غير المبرر للإسلام كهوية للدولة المصرية وللشريعة كمصدر كان وظل وسيظل بإذن الله مصدراً للتشريع ؟ وكم حجم هؤلاء في الشعب المصري؟ أليس عجيباً أن مسئولي الدولة المصرية رغم سوء تصرفهم في مواد كثيرة من الدستور

يرفضون بشدة المساس بهذه المادة ؟ بالطبع بحكم قرون استشعار الدولة للخطر هم يعلمون أن هذا الأمر هو لعب بالنار ، وقد يلهب فتنة تقضي على الأخضر واليابس.
ولعل تصريح رمز من الكتاب الذي احترمه وهو الدكتور محمد السيد سعيد بإعادة صياغة المادة الثانية من الدستور لتكون (الشريعة الإسلامية والشريعة المسيحية ومبادئ الإعلان العالمي لحقوق الإنسان هي المصدر الرئيسي للتشريع) أصابني بالدهشة فأنا أظن أن

الدكتور محمد يعلم أنه لا توجد شريعة مسيحية حتى يطالب بوضعها في الدستور ، والأغرب من ذلك تلقف قيادة كنسية كبيرة لهذه المقولة وإعادتها مرة أخرى منسوبة للدكتور محمد السيد سعيد ، فإذا كان د. محمد - وأنا أستبعد ذلك - لا يعرف أنه لا توجد شريعة مسيحية فهل هذه القيادة الكنسية لا تعرف ذلك أيضاً ؟ !! ثم عودة لكلام د. محمد فهو يعلم بيقين حيث أنه نائب مدير مركز لحقوق الإنسان أن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان هو وثيقة دولية للدول التي تصدق عليها أن تقرها إذا أرادت بقرار من برلمانها أو حكومتها ليكون في أحسن الدرجات قانون ، ويعلم أيضاً أن كل الدول العربية والإسلامية حينما صدقت على هذا الاعلان أضافت عبارة بما لا يتعارض مع مبادئ الشريعة الإسلامية ، لأن هذا الإعلان به بعض النصوص التي تتعارض مع الشريعة ، وهو يعلم أيضاً أن الترتيب التشريعي لأي دولة يبدأ بالدستور وهو أبو القوانين وأن المواد الأولى من أي دستور هي مبادئ تهيمن حتى على باقي الدستور وأن الدستور كله أعلى من القانون وأن القانون أعلى من اللائحة .... إلخ.
فكيف يريد أن يجعل اتفاقية دولية عليها تحفظ من كل الدول العربية والإسلامية فإن يجعلها ليس فقط في الدستور ولكن في مادته الثانية التي هي بمثابة مبدأ دستوري ، مهيمن على باقي نصوص الدستور وموجهة له .
كنت أفهم لو أن البعض طرح تساؤلات أو تخوفات من مواد محددة تؤدي إلى شكوك في أي موقف سواء كانت من ناحية المواطنة أو التساوي في الحقوق والواجبات ، بين أبناء الوطن جميعاً بغير تفرقة على أساس الجنس أو اللون أو العرق أو الدين أو المذهب وحيث أن مادار كله بعيد كل البعد عن ذلك فإن هذه الحملة تثير الشك في نوايا من يقف وراءها ، بالرغم من يقيني بأنهم لن يصلوا إلى شيء ، لكنهم يخسرون الأغلبية الساحقة من الرأي العام المصري .




الأربعاء، 14 يناير 2009

عمرو خالد لا يستجيب

* تبذل مجموعة الصدام داخل الحكم جهداً متواصلاً لدفع عمرو خالد إلى ما يريدون، ولكن الرجل لا يستجيب، منعته من التليفزيون المصرى، ومن النوادى، ومن مسجد الحصرى، ومن جميع اللقاءات العامة، بهدفٍ واحد، وهو إرغامه على سلوك سبيل العمل السرى، ولكنه لا يستجيب، ما رست عليه أبشع أنواع الضغوط بسبب تفكير زوجة رجل مهم فى إرتداء الحجاب حتى غادر البلاد وأقام فى الخارج سنين عددا، إذ كيف ستكون صورة الأسرة المالكة وبينها محجبة ؟ إعتقدوا أنه بعد أن يعود إلى مصر سوف يستجيب لهم، ولكنه لم يفعل .كانت آخر هذه الضغوط هو وقف ومنع مشروعه الجديد، الذى يتلخص فى محاربة الفقر والتسرب من التعليم ومواجهة البطالة، وذلك عن طريق مجموعات من الشباب المتطوع تنتشر وتجوب القرى والنجوع وتلتقى بالأسر الفقيرة وتبدأ معهم مشروعات متناهية فى الصغر كتربية جاموسة، أو نول خياطة، أو تسيير توك توك، فى مقابل أن تبذل تلك الأسر جهداً فى إعادة أطفالها المتسربين من التعليم، ويستمر العمل وتستمر المتابعة شهوراً لضمان حسن التنفيذ . * وبمجرد أن أعلن عمرو عن مشروعه، تجمع حوله الشباب من كل قرى مصر ومدنها، من مختلف الأعمار والأفكار، المسلم منهم والقبطى، حتى زاد عددهم على سبعين ألفاً، الكل مؤمن بالفكرة، ومستعد للعمل، العمل على محاربة الفقر والبطالة والتسرب من التعليم .. * وفجأة توقف المشروع، أو بالأصح تم منعه، وحال أدبُ عمرو عن ذكر أسباب منعه، وعلت الدهشة وجوه الجميع، وترددت على الألسنة آلاف الأسئلة، بغير إجابات، وليست جهينة وحدها من يملك الخبر اليقين .. * إن الخبر اليقين يكمن فى فكر وعقل وسلوك مجموعة الصدام، إذ لا يهم الصداميون الفقراء ولا العاطلين ولا المتسربين من التعليم، إنهم لا يهمهم إلا شعبية عمرو، وانتشار عمرو، ونجاح عمرو، الذى سبق وأن حققه ولازال فى علاج العشرات والمئات من المدمنين، إنهم لا يهمهم إلا دفع عمرو إلى العمل السرى، ليسهل حصاره، وضربه، وإبطال مفعوله .. * إنها تلك الخطة التقليدية القديمة الحديثة، وهى الدفع بالناجحين المجدين ذوى الأفكار والشخصيات الجاذبة، لأنها صادقة، الدفع بهم إلى سلوك سبيل العمل الحركى التنظيمى السرى، بعيداً عن الأضواء، وعن القانون، فأمثال عمرو يجب أن يتجهوا لتكوين أسرة أو خلية صغيرة، ثم شعبة، ثم مكتب إدارى، ثم .... وهكذا، وعليهم أن يدرسوا منهجاً تربوياً يقوم على السمع والطاعة، فى المنشط والمكره، يقسم المجتمع إلى قسمين، منا وعلينا، ثم يتقابلوا سراً، فى اجتماعاتهم، ومعسكراتهم، وبذلك يسهل اصطيادهم وضربهم والقبض عليهم، وإحالتهم لنيابة أمن الدولة العليا، وتوجيه تهمة قلب نظام الحكم والاشتراك فى تنظيم غير مشروع، ثم حبسهم، ثم إحالتهم إلى المحاكمات العسكرية، إحالة أولى، وثانية، وثالثة، والطريف فى الموضوع أنهم ربما سيكونون حينئذٍ سعداء بذلك، إذ سيعتقدون أنهم على الحق، ألم يأتهم الابتلاء الذى هو سنن الأنبياء والرسل ؟ إذاً هم على الحق إن شاء الله، وعليهم الصبر والثبات ! * وهكذا، وفقاً لتفكير مجموعة الصدام، يظل الفريقان المتصارعان يسيران على خطين متوازيين، فريق يزداد تحكماً وتسلطاً وفساداً وسيطرةً على البلاد يوماً بعد يوم، وفريق يعزف أناشيد الصبر والثبات ويعتقد أنه على الحق، وأن الابتلاء هو سنن الدعوات، ولذلك فعلى جميع أفراد الصف انتظار دورهم فى السجون، وهو آتٍ لا محالة، هكذا يسير الفريقان، والمصريون يدفعون الثمن ..! * بيد أن عمرو خالد بذكائه وألمعيته وتجربته، لم يستجب، ولم ولن يتجه إلى العمل السرى الحركى التنظيمى، فعلى الرغم من كم اليأس والإحباط المتولدين فى نفوس الشباب الملتف حوله، بسبب مجهودهم المتواصل فى إعداد المشروع والتهيئة له، ثم إلغائه فجأة، أو منعه، بدون سابق إنذار، على الرغم من ذلك، فإن عقولهم المتفتحة وأفكارهم المتجددة، وروحهم المتوثبة، سوف تخرجهم من تلك التجربة الأليمة حتماً بفائدة .. * إن مصر تحتاج إلى هذه النوعية من الشباب، شباب يرفض أن يساير المجموعة الصدامية، ويرفض أن يعمل تحت الأرض فى تنظيم سرى فيصبح رقماً لا إنساناً، ويقبل فقط أن يكون مشاركاً وفعالاً ونشطاً فى حل مشاكل بلاده ومجتمعه، المتمثلة فى الفقر والبطـالة والإدمان، شباب يصنع الحياة بحق، ويعرف كيف يحيا .. ويظل السؤال الأهم : أين الناقدون اللائمون لعمرو ؟ أين المتابعون له، فى حركاته وسكناته وهنَّاته ؟ ألم يؤرقهم منعه ؟ عصام سلطان

الخميس، 18 ديسمبر 2008

هل يمكن فصل السياسي عن الدعوي في النظام الإسلامي عموما ؟ !!”


هل يمكن فصل السياسي عن الدعوي في النظام الإسلامي عموما ؟ !!”


((ردا على الدكتور محمد سليم العوا فيما يتعلق بفصل السياسي عن الدعوي عند جماعة الإخوان المسلمين))“هل يمكن فصل السياسي عن الدعوي في النظام الإسلامي عموما ؟ !!”
لا شك أن حوار الدكتور العوا مع شبكة إسلام أون لاين , ودعوته جماعة الإخوان المسلمين أن تفصل الدعوي عن السياسي أحدث بلبلة واسعة في أوساط المثقفين في مصر والعالم العربي والإسلامي , ذلك لأن دعوته تلك تمس واحدا من أهم أسس الفكرة الإسلامية وركنا ركينا لها , هذا الركن الذي قامت عليه الصحوة الإسلامية بأسرها منذ الأفغاني ومحمد عبده ورشيد رضا والبنا إلى آخر صف المصلحين , الذين أعلنوا أن الإسلام دين ودولة وعقيدة ونظام , ومنهج متكامل ينتظم جميع شؤون الحياة البشرية على وجه الأرض بما فيها الشأن السياسي.ورد عليه الدكتور عصام العريان في جريدة الدستور من خلال مقال بعنوان “العمل السياسيّ سبيلنا إلى الإصلاح”ثم كتب الأستاذ علاء سعد حسن مقالا في جريدة الأمان الأسبوعية بعنوان “دعوة وسط .. بين وجهتي نظر العوّا والعريان”.فحاول الجمع بين دعوة العوا ورد العريان , ولكنه لم يوفق إلى ما أراد , وانحاز لرأي الدكتور العوا وحاول تبرير دعوته .. وقال أن الفصل بين ما هو دعوي وما هو سياسي ينتج عنه تقوية الجناحين .. ويخلص الجماعة من كلفة العمل السريّ!!ولا نريد أن نطيل كثيرا في استطرادات وتعليقات تثبت فكرة الشمولية , وهي ثابتة في الأصل ولا ينكرها إلا من ابتعد بفكره عن هذا المنهج الواضح , ولكن نعرّج على أهم ما جاء في دعوة الدكتور العوا ومقال الأخ علاء سعد حتى تتضح الصورة في ذهن من يقرأ في هذه القضية التي نراها مهمة وتنذر بخطورة عندما تصدر من رجل بوزن الدكتور العوا , ما كان له أن يَغْفَلَ أبدا عن قضية تعتبر من المسلّمات الفكرية في المناهج التنظيرية والعملية للصحوة , وعليها ترتكز فلسفة الحركة – بل وفلسفة الإسلام نفسه – في الإصلاح الشامل.وسيكون ردنا على النقاط التالية:* المنطلق الذي يتحرك منه كلُّ دعاة الإصلاح على اختلاف مناهجهم هو قول الله تعالى: ﴿قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ [الأنعام: 129].ففيها يؤكد الله تعالى أن السعي على كافة المحاور هو تكليف رباني شامل متكامل , وأنّ انتقاص محور من المحاور المذكورة في الآية هو انتقاص من تطبيق الإسلام نفسه , فبهذا يكون اشتراك السياسي والدعوي في كيان واحد هو أمر رباني قبل أن يكون اجتهادا سياسيا لهذه الجماعة أو تلك, وقد رأينا في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي تاريخ خلفائه ما يثبت ذلك.فالمحكومون من الصحابة ما كانوا يفرقون بين السياسي والدعوي , وإذا رأوا تجاوزا من حاكمهم لم يترددوا لحظة في دعوته إلى الرجوع للحق , وهذه الدعوة في هذا الموقف هي نصحٌ ديني وبيانٌ سياسي استنكاري لحدوث ما يرونه مخالفا من الحاكم.بل إن الجماهير العريضة التي كانت تخرج للتطوع في صفوف المجاهدين في فترة الفتوحات , والتي كانت بدورها توجها سياسيا يوسِّع من رقعة الأرض الإسلامية ويمكّن لوجود الدور الدعوي فيها , وهكذا على مر تاريخ المسلمين.وفي مصر تحديدا كان رجلُ الدين الذي يمثل الثقلَ والتخصصَ الدعويَ هو المرجعَ السياسي ومحركَ الثورات الشعبية العاتية في وجه أي طغيان سياسي , ويقوم بهذين الدورين دون فصل بينهما.* قد يكون الحال مختلفا الآن بعد إقصاء الشريعة عن الانفراد بحق التشريع القانوني والدستوري في بلاد المسلمين .. لكن هذا يجعل ضرورةَ ترابط الدعوي بالسياسي أشدَّ وأقوى لكي يعود الإسلام مرة أخرى إلى مكانه الطبيعي , وتَرَتَّبَ على ذلك أن أجالت الجماعةُ المسلمةُ المتشكلة حديثا نَظَرَهَا في السبيل الذي تسلكه لكي تؤدي هذا الواجب الشرعي عليها , فكان من المستحيل أن تكتفي بتعريف الناس بالصلاة والصيام ومكارم الأخلاق فقط , في ظل وجود احتلال عسكري غربي , وحركات فكرية هدامة تريد اقتلاع الإسلام من جذوره في نفوس أبناء الأمة , لذلك لم يكن هناك طريقٌ إلا التربية المتكاملة الشاملة , التي تراعي جَمْعَ هذه الجوانب الحياتية الإسلامية في كيان واحد , حتى تكون صورةُ الواقع مكتملةً في أذهان أبناء الصحوة خصوصا وهم الذين حملوا الهَمّ على أكتافهم , وأبناء الأمة عموما.وهذه التربية لابد أن تكون الآن كما أريد لها أن تكون في الماضي , شاملة لجميع جوانب الإسلام .. فلا يمكن أبدا أن تتجه تيارات الصحوة الإسلامية إلى العمل الدعوي , ثم تعزل مجموعة من السياسيين المنتمين إليها ليكونوا أحراراً في تصرفهم بعيدا عن إطار جماعتهم وفكرتهم الأم , والتي دخلوا معترك السياسة من أجل وضعها على الخريطة الفاعلة في بالبلاد , لأن هذا الفصل سيُحدِث نوعا من الانفصام عند الشباب الدعويين ويجعل فهمهم لقضايا السياسة مشوها سقيما , وبهذا ينقطع الإمداد للتيار الذي تفرغ للسياسة ولا شيء غير السياسة , مما سينتج عنه أن يكمل التيار السياسي طريقه بعيدا عن طريق التيار الدعوي , ويحدث الانفصال في المناهج والمواقف والأولويات , وبذلك تتفكك وتتمزق صفوف الصحوة بأسرع مما تشكلت , وليست تجربة حزب العدالة والتنمية التركي منا ببعيد , ففي كل يوم تقدم تلك التجربة تنازلا على حساب المبدأ والثوابت بحجة الضرورة السياسية !!فماذا يتبقى للإخوان أو غيرهم – هذا إن كان هناك غيرهم يعمل بمنهج شمولي متكامل فيما أرى – ماذا يتبقى إذا تفككت صفوفهم , وتشوّشت أفكارهم , وانقسم معسكرهم بين دعوة روحانية تعتزل العمل السياسي , وبين حزب سياسي خاوٍ من البناء الروحي , يضع مصلحته الحزبية قبل كل شيء؟!!ومهما حاولنا أن نجد صيغة لفصل السياسي عن الدعوي دون أن تتأثر الصحوة و- بالتالي – كل جهود الإصلاح من بعدها فلن نستطيع أبدا , لأن الدعوة تتشابك مع السياسية في كل المنحنيات الموجودة على صفحة بلاد المسلمين .. ولذلك فلابد أولاً من تحديد المقصود بكلمة “دعويّ” , حتى نستطيع أن نحدد بدقة مدى القدرة على الفصل بينه وبين السياسي .* الدعوي هو المنسوب إلى الدعوة .. وأجمعُ التعاريف لمصطلح الدعوة هو: “أنها نشر وتبليغ الدين الإسلامي لكل الناس , بما يحقق مصلحتهم العاجلة في الدنيا ونجاتهم من النار في الآخرة “.وعندما نُفَكِّكُ مفردات هذا التعريف ونوجِّه فِكْرَنا حول مصطلح “الدين” سنتأكد تماما أنه الإسلام , والذي يعتمد بدوره في الانتشار على: القرآن الكريم وسنة النبي صلى الله عليه وسلم ثم منهج الصحابة والتابعين والفقهاء والعلماء والمفكرين المسلمين من بعدهم , وكل هؤلاء أكدوا ترابط الاتجاهين وحملوا الرايتين معا ولم يهتموا بإحداهما على حساب الأخرى إلا في عصور الانحطاط التي انعزل فيها الدعوي عن السياسي , وأصبح التيار الغالب والموصوف بالنقاء ويحظى بمحبة العامة والخاصة هو الذي يعتزل الناس بالكلية , في سياستهم ومعايشهم ومشاكلهم , وهذا التيار عندما استولى على تفكير الأمة في مرحلة من المراحل , نتج عنه تخدير الوعي تماما , ولم يستيقظ المسلمون إلا على طلقات مدافع نابليون تدك الإسكندرية ومن بعدها سائر أقاليم مصر .ولم يكن هناك من سبيل لطرده إلا عندما عاد التوحّد مرة أخرى بين الدعوي والسياسي , وخرج علماء الأزهر في مقدمة صفوف الثّوّار , وبذلوا أكبر الجهود في التوعية والتعبئة الشعبية لصد هذا العدوان الغاشم.وبذلك يتأكد أن الطريق الدعوي هو المرحلة الأولى للطريق السياسي , والتي لا تفارقه طيلة مسيرته , لكي يحافظ على توجهه الإسلامي , ولا يجد نفسه بعيدا عن هذا التوجه فكريا وميدانيا في ساحة الخلاف الحزبي وثقافة الصفقات السياسية , التي تعلي من المصلحة الحزبية بشكل كبير.هذا بالنسبة لدعوة الدكتور العوا للفصل بين ما هو دعوي وما هو سياسي.* أما الكلام عن أن الفصل يرفع عن كاهل الجماعة عبء السرية!! فلا أظنه صحيحا أيضا .. لأن السرية في التنظيم لم تلجأ إليها الجماعة كخيار أبدي يطغى على تفكيرها ومنهجها , بل هو وضع فرضته عليهم السلطات الحاكمة , التي تحجر على الإخوان وغير الإخوان , وإذا دققنا النظر سنجد أن الحكومات المتعاقبة لم تمنح الفرصة لأي نشاط سياسي حقيقي ليتحرك , سواء كان إسلاميا أو ليبراليا أو يساريا , وعندما تحركوا تحت سمع وبصر السلطات كانت تتحكم في كل شيء يتعلق بهم , بدايةً من تعيينهم في الوظائف وانتهاءً إلى عَدّ الأنفاس.ولا يمكن أبدا أن يتَسَنَّى لحزب من الأحزاب السياسية مهما كانت شعبيته في الشارع أن يحقق نجاحا أو يدرك إصلاحا وهو مكبل الأيدي منزوع الإمكانات , ولذلك تشكلت المجموعات السرية التي تتبني السياسة بعيدا عن الدين , و المجموعات السياسية المنطلقة من خلفية دينية في كل أحقاب التاريخ الإنساني.والسبب في وجود تلك التيارات المتناقضة تحت ستار الظلام , هو عدم رغبة السلطات الحاكمة في منحها حقوقها في المشاركة السياسية الهادفة إلى الإصلاح , ولا علاقة لهذا الوضع بارتباط الجانب الدعوي بالجانب السياسي أبدا , فمن الضروري إذن أن تحتفظ الحركة التي تريد أن يكون لها وجود وحضور قوي على الساحة السياسية بمثل هذه التجمعات السرية , بسبب تَعَنُّتِ السلطات معها , وعدم إفساح المجال لها لتشارك في نهضة البلاد وتقدمها.كما أن هذا التبرير للفصل بين الدعوي والسياسي لا يصلح أبدا , بسبب أن الأطراف التي تتحرك بشكل علني في الإخوان تتعرض للملاحقة والمضايقة من حين لآخر , مع أن كل شؤون تلك الأطراف مكشوفة ومعروفة للسلطات , فلم يبق لهذا الزعم أساس واقعي يقوم عليه أو سند منطقي يرتكن إليه.كما أن هناك نقطة مهمة تجدر الإشارة إليها , وهي أن الدكتور العوا والأستاذ علاء سعد كلاهما بعيد عن نظامٍ مثل الإخوان , فحكمهما عليه حكم سطحي ينظر من الخارج ولم يتغلغل ويدقق النظر حتى يخرج بنتيجة منطقية واقعية مبنية على رؤية واضحة متكاملة , وهذا أراه من أهم أسباب اختلال نظرة الدكتور العوا لهذا الأمر , وكذلك الأستاذ علاء سعد الذي وصل إلى نفس النتيجة بخصوص الدكتور العوا ولم ينتبه لوقوعه في نفس الأزمة.!!والخلاصة:أن التجربة السياسية الإسلامية عامة , والتجربة الإخوانية خاصة , لا يمكن أن تفصل بين جناحيها بحال من الأحوال.فالجناح السياسي هو صوت الإسلام – من وجهة نظرنا- في معمعة الأحداث التي تمر بها الأمة كل لحظة , ويحتاج الإسلام إلى لسان يفصح عنه وعن توجهاته ورغباته وطريقته – وطبعا من غير أن نحتكر لأنفسنا التحدث باسم الإسلام- , وهو [أي العمل السياسي] الشهادة العملية على صلاحية الإسلام لكل زمان ومكان بوصفه رسالة ربانية هادية , تناولت كل شؤون الناس من أول لحظة في معاشهم إلى وجودهم في لحظة معادهم.والجناح الدعوي : هو صمام الأمان للجناح السياسي , حتى لا ينجرف وتبتلعه خدع السياسة وأساليبها , فيحدد له الأهداف التي يسعى من أجلها ويرسم له الأطر التي يصل من خلالها إلى هدفه , ويعصم التجربة الإسلامية المعاصرة ككلّ من الانفصام الفكري في صفوف أبنائها , فتكون صورة الحياة منقوشة في أذهانهم كاملة متكاملة , لا تنقصها المعرفة بأحد الجوانب الضرورية لاستكمال مسيرتها التي تهدف إلى الإصلاح.
هذا الموضوع كتب في السبت, يونيو 30th, 2007 في الساعة 1:51 pm في قسم
بــراحــــــــتك .., قذائف الحق .. !!. يمكنك متابعة الردود على هذا الموضوع من خلال ملف الخلاصات RSS 2.0. تستطيع كتابة رد أو تعقيب من خلال موقعك.
6 ردود على ““هل يمكن فصل السياسي عن الدعوي في النظام الإسلامي عموما ؟ !!””
عصفور المدينة قال: 30 يونيو 2007 في الساعة 7:37 pm
السلام عليكمجزاك الله خيرا على هذه المناقشة المثمرة والتي ارى محورها الرئيسي في العبارة
فلم يبق لهذا الزعم أساس واقعي يقوم عليه أو سند منطقي يرتكن إليه
حقيقة أنا لست من الإخوان (المحظورة) ولكن هذا الشأن يهم المسلمين جميعا بل وكما ذكرت فضيلتكم فيه ضرر تربوي كبير أرى أن بعض آثارها ناشئة وموجودة بالفعل
ثم إنه وكما اثمرت الأيام الماضية إن ولاء الناس(الجماهير) للحزب السياسي هو نابع أصلا من عمله الدعوي وإذا حصل وضيقت السبل على الحزب السياسي الذي لا يعلم عن الدعوة أو لم يعش الدعوة فأين سيذهب هؤلاء السياسيون ربما يذهبون إلى الأحزاب الأخرى التي يمارسون من خلالها ما يتقنون وربما لا يعودون إلى صفوف الدعوة
أما إذا كان المقصود هو فصل تكتيكي ظاهري أعتقد أن هذا ربما يكون جائزا وإن كان كما أشرت حضرتك لا يوجد المناخ الواقعي لتنفيذه حيث أن الحيطان لها ودان
علاء سعد حسن قال: 02 يوليو 2007 في الساعة 9:56 pm
السلام عليكم أستاذ محمد
أشعر أن اسمي قد زج به في النقاش الخطأ
مما يشعرني بوجوب الرد
المشكلة أن النت متوقف عندي حاليا
أسأل الله أن أتواصل معكم قريبا لتوضيح ردي
وشكرا
علاء سعد حسن قال: 03 يوليو 2007 في الساعة 10:50 pm
صيد الخاطر رغم المخاطر
لقد فوجئت وأنا أجري عملية بحث عن آخر الموضوعات التي نشرت باسمي في النت ، حيث انقطع عندي النت منذ فترة ، ومازال مقطوعا ، بأن أخي وصديقي الشيخ محمود ، قد نشر مقالا على مدونته ( صيد الخاطر رغم المخاطر ) ، وقد ضمن مقاله هذا اسمي .. زرت المدونة الكريمة ، وقرأت المقال القيم للشيخ محمود ، فإذا به تعليقا وتعقيبا ورفضا لمقالي الأخير في موقع إسلام أون لاين وجريدة المصريين والذي بعنوان : أيها الإخوان لا تتركوها ولكن افصلوها فقط ..والحقيقة أن الشيخ محمود ربط بين مقالي ذاك ، وبين تصريحات الدكتور سليم العوا لإسلام أون لاين بالاقتراح على الإخوان بترك السياسة مدة من الزمن والتفرغ للعمل التربوي والاجتماعي إشفاقا عليهم من التضحيات التي يقدمونها ، والتحديات الجسيمة التي تقابلهم في ممارسة العمل السياسي ..وضمن رده أو تعليقه أو رفضه تضامنا بين المقالين ، بعد أن أعلن فشل فكرتي وانحيازي من خلال المقال المذكور إلى طرح الدكتور العوا .. ولذا فإنني أحب أن أوضح بعض الحقائق على هامش هذا الحوار :
أولا : أنه مما يشرفني ويسعدني أن يزج باسمي مع مفكر عظيم بوزن الدكتور العوا ، ولو كان الدفع باسمي عن طريق الخطأ ، لأن التلاميذ من أمثالي يشرفهم أن يتواجدوا إلى جوار هؤلاء العمالقة ..
ثانيا : كيف يكون مقالي يصب في النهاية في نفس طرح الدكتور العوا ؟ رغم أن مقالي كان عبارة عن رد على الدكتور العوا ، رافضا طرحه رغم الاحترام والتقدير الشديد له .. وأن منطلقات الاختلاف كانت كثيرة ومتعددة في مقالي المذكور ..
ثالثا : ذكر صديقي الدكتور محمود أن مصدر مقالي هو جريدة ( الأمان الأسبوعية ) ، والحقيقة أنني لا أعرف جريدة بهذا الاسم ، وعندما بحثت على الانترنت ، وجدت إشارات إليها ولكن لم أجد لها موقعا يمكن الاطلاع عليه ، وبالتالي البحث عن مقالي المنشور فيها ، ولذا فربما تكون الجريدة المذكورة التي نشرت مقالي دون علمي ، ربما تكون قد غيرت فيه أو عدلت أو بدلت أو حذفت أو أضافت ، مما جعل الأمر يستشكل على صديقي الشيخ محمود .. لكنني أهيب به أن يرجع إلى أصل المقال منشورا على موقع إسلام أون لاين ، وعلى جريدة المصريون الإلكترونية ، وعلى مدونتي ، للاطلاع على الأصل كاملا دون زيادة أو نقصان ..
رابعا : مما ذكره صديقي الشيخ محمود في حيثيات دفعه أو رفضه لطرح الدكتور العوا ، وكذا طرحي ، هو أن كلانا بعيد عن الإخوان وبالتالي فإننا لا نلم بالظروف والمعطيات التي تتحكم في العمل الاخواني ..أما الدكتور العوا ، فلست مخولا بأي شكل من الأشكال بالحديث عنه وعن علاقته بالإخوان ، فهذا شأن يخصه وحده ، وعلاقته الوطيدة مع الإخوان التي اهتزت على خلفية إصراره على الدفاع عن تأسيس حزب الوسط في أواسط التسعينات شأن لا علاقة لي به .. ولكن ما يهمني في هذا الصدد هو علاقتي أنا بالإخوان فأشير إلى الآتي :1- هل يعرف الشيخ محمود كل المنتمين والمنتظمين داخل تنظيم الإخوان ليستطيع إصدار أحكاما على من هو من الإخوان ومن ليس منهم ؟2- والسؤال الأهم على فرض أنني كنت على علاقة تنظيمية بالإخوان لمدة تزيد على عشرين عاما ، ثم انفصلت عنهم منذ ثلاثة أعوام أو أربعة ، فهل حدث خلال هذه المدة تغييرا جوهريا في فكر الجماعة ومناهجها ، والظروف المحيطة بهم ، بحيث لا يمكنني الحكم عليهم من الخارج ؟3- الإخوان الذين يصرون على وصف أنفسهم بالعلانية والانفتاح ، وينشرون مناهجهم على الملأ في الفضائيات والمنتديات والمواقع ، والكتب ، هل لهم ملف سري يجعل أي مفكر أو دارس أو باحث لا يستطيع الحكم عليهم من خلال أدبياتهم .. السؤال بصيغة أخرى هل يظن الشيخ محمود أن لدى الإخوان ما يخفونه ، ولا يعرفه من هو خارجهم ؟4- ليس بالضرورة يا شيخ محمود أن أناقش الإخوان بأدبياتهم هم ، ولكن ألا يكفي أن نناقش الإخوان بالمفاهيم الإسلامية العامة التي يجب أن تنطبق على الجميع ، وأعتقد أنني في مقالي كنت أتحدث حديثا إسلاميا ينطبق على الإخوان وعلى غيرهم .. ومع ذلك أقول أنني أستطيع أن أحاجج صديقي بأدبيات ومواقف الاخوان أنفسهم ، وليس سواهم5- إن المطالبة بفصل الدعوي عن السياسي من الناحية التنظيمية ، أمر أقرته وشرعت في تنفيذه الحركة الإسلامية – المحسوبة – على الإخوان في المملكة المغربية ، وهو أيضا ما طالب به كثير من أعضاء الجماعة ، الأمر الذي اعترف به الدكتور العريان في أكثر من مقالة له في مجلة المجتمع الكويتية ، وكان يناقش مستقبل العمل الاخواني في مصر بين عدة اقتراحات ، من بينها تطبيق نموذج الأردن ، حزب سياسي ، وجماعة شاملة ، وعمل منفصل ، وبين تحويل الجماعة كليا إلى حزب سياسي ..
6 - هل ما تمارسه الاخوان في دول الخليج من الاقتصار على العمل الاجتماعي وجمعيات الاصلاح الاجتماعي ، تعتبر تجزئة لمفهوم الشمولية ، فهل في الخليج اخوان ولكنهم لا يشتغلون بالسياسة إلا نادرا جدا ، أم أنهم جماعات أخرى غير الاخوان7 -كلها يا صديقي اطروحات تدرس وتناقش داخل الاخوان ، وليست خارجها ، بل إن الدكتور العريان نفسه أعلن في مقاله في إسلام اون لاين عقب الانتخابات البرلمانية ، أن الاخوان مستعدون لفصل السياسي عن الدعوي ولكن في ظروف وأوضاع معينة يرى أنها هي فقط التي ستكون مناسبة لذلك .. يعني طرح الكاتب لم يكن غريبا جدا ، ولا بعيدا جدا عن الأطروحات الاخوانية الصميمة
خامسا : دارت مقالة الشيخ محمود ورده ودندنت طويلا حول مبدأ شمولية الإسلام ، التي كنت حريصا جدا على التأكيد عليها في مقالي ، ولم يمسها أحد بسوء .. ولكني أستشهد بقول الدكتور القرضاوي ، والذي استشهدت به مرارا في مثل هذه الظروف ( إن شمولية الدين لا تعني بالضرورة شمولية التنظيم ) شمولية الدين ، لا تنافي أبدا مبدأ التخصص وتقسيم الأدوارسادسا : أحب أن أعود إلى الإمام البنا رحمه الله الذي أسس لا لجماعة الاخوان فحسب ، ولكن للعمل الإسلامي المعاصر ، فنجد أنه رتب أولوياته على هذا النحوالفرد المسلمالأسرة المسلمةالمجتمع المسلمومنه تنبثق الحكومة الإسلاميةالإمام البنا صرف الجزء الأكبر من الاهتمام بالمجتمع ، ومنه لا من غيره تنبثق الحكومة التي هي سياسة محضة ، وأزعم يا صديقي ، وأرجو أن ترجع لتاريخ الجماعة التي أنا بعيد عنها وعن ظروفها وملابستها ، بينما أنت قريب كل القرب منها ..أقول أنني أزعم أن البنا لولا حرب فلسطين ، ووجود الاحتلال على أرض مصر ، ما كان قد تورط بالانشغال بالسياسة ، ويكفيني في ذلك لتأكيد مزاعمي شهادة الأستاذ فريد عبد الخالق – أطال الله عمره ورزقه الصحة وحسن الخاتمة – وقد كان أحد الملتصقين بالبنا : أن البنا قال في أواخر أيامه : لو استدبرت من أمري ما استقبلت ، لجعلتها كما في البداية تربية ودعوة ..هكذا كان البنا رحمه الله يراجع نفسه .. البنا الذي أصدر بيانا قال فيه عن خروج أعضاء التنظيم الخاص عن مرجعيته في الجماعة : ليسوا اخوانا وليسوا مسلمين ..إن الجماعة نفسها قد مارست هذا الفصل أيام التنظيم الخاص ، كان فصلا بين الجماعة العلنية وبين جهازها العسكري ، فهل كان هذا اجتزاء للشمولية ، أم كان تخطيطا لحماية الجماعة ؟والجماعة يوم تجاوز التنظيم العسكري دوره ، فتم إلغاءه علي يد الأستاذ الهضيبي ، فهل كان ذلك إلغاء لفرض الجهاد في الإسلام ؟أم كان استجابة لمبدأ أن شمولية الدين لا تعني ضرورة شمولية التنظيم ؟
أخيرا صديقي الدكتور محمود ، أرى أن من حقك تماما أن تختلف مع طرح مفكر بحجم الدكتور العوا ، وأن ترفض تصورا يضعه ( نكرة ) مثلي ، فأنا أرحب بطرحك ورفضك ، ولكن الذي لا أراه من حقك أن تحدد من هو القريب من الجماعة ممن هو خارجها أو بعيدين عنها ، وأن ترمي كل من تجرأ على طرح رأيته منافيا لما تعودت عليه بأنه بعيد لا يؤبه له وبه ..إن الجماعة ذاتها فيها من الاختلافات الفكرية ، واستقلالية الفكر ، وحرية التعبير ، ما جعل روادها يختلفون ، هل كان تنظيم 65 الذي قاده الأستاذ سيد قطب ، مستأذنا به من قبل المرشد أم لا ، وهذا خلاف مشهود ، حتى بين الحاجة زينب الغزالي رحمها الله ، وبين الأستاذ فريد عبد الخالق ..فإذا جاز هذا في شأن مواقف تاريخية ووقائع حدثت ، فما بالك بالاختلافات الفكرية في الرؤى والأطروحات ..إن أخشى ما أخشاه يا صديقي ، أن تضطر للدفاع عن رأيي الذي رفضته رفضا قاطعا اليوم ، في حالة أن قررت قيادات الجماعة العمل به في لحظة ما ، وظرف ما ..لا أحب أن أقول إن بعض المدافعين عن أوضاع وقرارات داخل جماعة الإخوان ، لا يدافعون عن مبادئ ولا أفكار يؤمنون بها ، بقدر ما يبررون ما تقرره القيادة من قرارات ، وهذا هو عين المشكلة ..أما مقالي الذي لمتني فيه ، فلقد قبله الدكتور العريان ، سواء اختلف معه أو وافقه ، دون أن يلمح من قريب أو بعيد لمسألة قربي وبعدي عن تنظيم الإخوان المسلمين ..
صديقي الشيخ محمود شكرا لك .. وجزاك الله خيرا ، أن قرنت اسمي مع عمالقة الفكر ( العوا – العريان )وأرجو أن أستطيع لصق هذا الرد تعقيبا على مقالكم الكريم ، فإن لم أستطع فسأضطر لنشره على مدونتي ، فأرجو زيارتها .. وتقبل تحياتيأخوكعلاء سعد حسن
الشيخ محمود الأزهري قال: 05 يوليو 2007 في الساعة 6:36 am
السلام عليكمالأستاذ الكريم عصفور المدينةبارك الله فيكم وجزاكم الله خيراوانا متفق تماما معك أنه إذا كان المقصود هو فصل تكتيكي ظاهري أعتقد أن هذا ربما يكون جائزا وإن كان كما أشرت حضرتك لا يوجد المناخ الواقعي لتنفيذه حيث أن الحيطان لها ودانفالمشكلة كلها في عدم رغبة النظام في الإصلاح وإفساح المجال
الشيخ محمود الأزهري قال: 05 يوليو 2007 في الساعة 6:39 am
الأستاذ الكريم علاء سعد حسنأشكرك بحرارة لدخولك إلى مدونتي .. ولا تقلق انا لا احجب الردود مهما كانت مخالفة لييسعدني وجودك هنا , وردك وتعقيبك أيضا ..فقط أريد منك إمهالى بعض الوقت حتى أستطيع إكمال المناقشة معكأخوك محمود الأزهري
eldoctor قال: 05 يوليو 2007 في الساعة 7:08 pm
السلام عليكم كيف حالك يا شيخ محمود ..انا باكتب سلسلة اليومين دول عن التاصيل الشرعى للعمل السياسى من دراسة الدكتور على بطيخ ..دراسة رائعة تستحق الوقوف عندها..




من مدونة : صـَـــيـْــدُ الخـَــوَاطـِـرِ .. وَلـَحـْـظـُ النـَّــوَاظـِـرِ .. !!الشَّـــــيْـــــخُ / مَـــحْــــمــُــودُ الحـَـسـَّـانـِيُّ المـَالـِكِيُّ الأَزْهـَــــرِيُّ

الأحد، 6 أبريل 2008

اسئلة حول منهج الإخوان في التغيير


هل ما يزال الإخوان مقتنعون بأن منهجهم السلمي بالغ الوداعة هذا مجد ؟ أو قد يكون هو السبيل نحو قيام الدولة الإسلامية ؟
هل نجحت حركة واحدة في العصر الحديث بأسلوب تربية المجتمع وحده ؟
طوال ثمانين عاما هي عمر الدعوة استطاعت الأنظمة ضرب الإخوان دون أن يتحرك الناس ، في دليل ومشهد غريب على أن الإخوان لا يكسبون أرضا صلبة ، استطاع عبد الناصر ضرب الإخوان رغم الجماهيرية الواسعة ولم يتحرك الناس دفاعا عنهم ، واستطاع السادات هذا أيضا رغم ما كان في عهده من انفتاح ، وبرغم ما كان لهم من حرية حتى أواخر الثمانينات إلا أنهم أيضا لم يكسبوا جماهيرا تحول دون ضربهم .. لماذا عجز الإخوان في كل فترات الانفتاح على كسب الجماهير إلى درجة الاستقواء بها ؟ أو بمعنى آخر : لماذا ظل الناس لا يقدمون للإخوان إلا التعاطف ومصمصة الشفاة ، والصوت الانتخابي إذا كانت الانتخابات شبه نزيهة ؟
أحسب أن التطور المنظور في قوة الحركة لم تصنعه هي وإنما صنعته أخطاء القوى الدولية ، أرادت أمريكا أن تجرب الديمقراطية فأجبرت النظام المصري على انتخابات شبه نزيهة ففاز الإخوان بـ 88 مقعدا ( العدد الحقيقي 140 ) .. ولما لم ترد لم ينجح لهم مرشح في الشورى ، ونحن نرى ما حدث في المحليات .
فإذا كانت الجماهير وحدها ( ضع تحت وحدها ألف خط ) لا تصنع التغيير بل ولا تبدو مساهمة فيه ، فلم يقتصر الجهد الإخواني على تربية هذه الجماهير ؟
بعد ثمانين سنة من تربية الجماهير .. وصلنا إلى الحالة الحاضرة ، كم نحتاج من سنين لقيام الدولة الإسلامية في رأي الإخوان ؟ ( وبالله عليكم يا أيها الإخوان لا تعطوني إجابات مضحكة ، فإني سمعت منها عجبا عجابا عجيبا ما أعجبه ) .
ولم نفترض أن المشكلة في الظروف لا في المنهج أو في تطبيق المنهج ، أو في فهم سنة النبي وسيرته ومنهجه في التغيير ؟
يعلم الله .. في النفس كلام كثير كثير ، لعله يخرج إن دار حوار مفيد .

عمر قعدان: 1 أبريل 2008 في الساعة 3:09 pm
هذه اسئلة تدور في خلد كل اخ فلو ذهبنا نسال المربين و اصحاب السبق في الفهم والدعوة وجدنا إجابات غير مريحة على الاقل البعض أصلا تجد له رد غير ما ورد في كتب الجماعة و لو ذهبنا لنبحث اكثر وجدنا الراشد يفصل في هذا و يرده إلى ضعف في الإخلاص و بعد عن المنهج الرباني يحتاج تقييما فهذا ما وجدته كلما بحثت عن الإجابة
مؤخرا صرت أفكر بالطريقة العكسيةفأسال نفسي ما البديل للأسلوب السلمي؟ فابحث فلا اجد الا القتل و الدم و هو شئ أرفضة في قرارة نفسي و لا أجد له صحة لنظري في التاريخ و الحاضر عما خلفة هذا الأسلوب
و برأي أن الجماعة تحتاج لمراجعة حقيقية بكافة مستوياتها لاسلوب الدعوة و التربية و الافكار حتى تخرج من هذه المراجعة و قد وضعت خطة قابلة للتطبيق
أما لموضع عدم خروج الجماهير لنصرة الإخوان فالمشكلة الرئسية هي تولي الدعاة والوعاض الدراويش لقيادة الجماعة لا أصحاب الكاريزما و المنطق الفوه القادرين على التاثير بالناس و لهذا سابقة في الجماعة مثل الشهيد عبد القادر عودة الذي كان قادرة على تحريك الجماهير لكنه لم يمتلك في تلك الفترة و هو باقي الإخوان الحنكة الكافية للتعامل مع الموقف
م. محمد إلهامي: 1 أبريل 2008 في الساعة 4:29 pm
وإني أراك يا أخي عمر تتساءل معي .. لذا لن أعلق على كلامك الصحيح - برأيي - في مجمله ، خصوصا مسألة الدراويش هذه .. لكني ألفت نظرك إلى أننا لا نختار بين أسلوب سلمي وأسلوب عنيف ، بل بين هذا الأسلوب الإخواني السلمي بالغ الوداعة الحريص على عدم استفزاز الإعلام واليساريين ، الحريص دائما وأبدا على مد جسور التواصل مع النظام ، الرافض تماما لأن يتحالف مع قوى دولية إلا عبر وزارة الخارجية ( على اعتبار أن لدينا وزارات حقيقية ولها سلطة وسيادة ورؤية ) .. وبين أساليب أخرى .
لم أذكر إلا بعض الملامح فقط لهذا الأسلوب فائق الوداعة .. المهم أن البديل لهذا ليس فقط أسلوب العنف والقتل والدم .
وإذا لم تجد ما يعضد أسلوب العنف من التاريخ ، ولم تجد كذلك ما يعضد أسلوب تربية المجتمع وحده .. ففكر معنا بصوت عال ، مالذي يهديك إليه التاريخ وتجاربه إذن ؟


م. محمد إلهامي:
2 أبريل 2008 في الساعة 10:56 am
الأخ الكريم م. جاب الله :
طبعا بعد التحية الوافرة والشكر الجزيل أقول :
ربما أنت أوجزت في كلامك موقف الإخوان عموما من هذه الأسئلة ، فكلامك هو الكلام الذي أسمعه منهم ، مع الاختلاف - طبعا - في جودة الطرح وفي حسن الظن بطارح الأسئلة .
ويذكرني هذا بكلمة - لا أتذكر من قالها بالتحديد الآن - عن أن ” الفشل المتواصل للجماعة طوال ثمانين عاما وعدم وجود أية نجاحات حقيقية على مسار الدولة الإسلامية أنتج جهازا تبريريا جبارا داخل الجماعة ، عمل هذا الجهاز التبريري على اختراع ( أو رصد ) كل الأسباب والظروف والعوامل - مهما كانت هامشية أو معروفة أو متوقعة - التي وقفت أمام تحقيق النجاح ، لكي يبتعدوا بهذا عن مناقشة أخطاء المنهج إلى رمي الكرة في ملعب الظروف الخارجية ” .. ( أو كما قال ) .
سأحاول بإذن الله أن أكون مؤدبا ، لكني أرجو - كذلك - منك إن رأيت مني سوء أدب ألا يتحول الموضوع إلى أدب الحوار وأدب الاختلاف وقيمة القيادات الفكرية والتاريخية والجهادية .. حاول - إن رأيت مني ذلك - أن تتعامل معي على أني سيئ الأدب يفيض إناءه بما فيه .
نأتي للكلام المحدد ،
رغم أن السطر الثاني في الموضوع يقول : ” هل نجحت حركة واحدة في العصر الحديث بأسلوب تربية المجتمع وحده ؟ ” .. إلا أن الجميع يصر على القفز على هذا السؤال تحديدا .
ترى لماذا ؟
لأنه السؤال الواقعي الذي ينقل النظريات والفلسفات والتحليلات إلى أرض الواقع ويقول : أخبرونا من نجح بمنهجكم هذا من قبل ؟ .. وقد حددت قائلا “في العصر الحديث” حتى أحاول قطع الطريق على الإجابة المعروفة التي تقول إنه منهج النبي ومستمد من سيرة النبي .
لأن النبي - مثلا - لم يحتج إلى 80 عاما لإقامة الدولة .. سيرد القائل : بأن الظروف مختلفة بين عصر النبي وعصرنا ، فأقول : متفقون ، فأخبرني عمن نجح بمنهجكم في ظروف قريبة من ظروفكم .
اقتفاء منهج النبي ، كما لا يخفى على أحد ، يرفعه كل تيار إسلامي .. ويبدو أنه لم يهتد منهم أحد إلى صحيح الاقتفاء ، وإلا لرأينا نفس النجاح أو حتى قريبا منه بدل واقعنا الذي لا نرى فيه مجرد أمل منظور .
———
قلت أخي الكريم : ” ولكن لا ننسى تعقب الامن المصرى لكل صغير وكبير من ابناء الحركه ” واعتبرت هذا سبب التأخر .
ماذا كنتم تنتظرون من الأمن ، أن يفرش لكم الطريق بالورود ؟ وحيث أنه لن يفرشها إلا بالأشواك كما هو معروف ومتوقع فكيف تعز فشل الجماعة في التغيير إلى هذا العامل المعروف والمتوقع ؟
ولن أدخل في تفاصيل الاختلاف بين الاحتلال الفرنسي والإنجليزي ، وواضح أن هذه الفقرة مأخوذة من كتاب الأستاذ محمد قطب ( واقعنا المعاصر ) .. لأني شخصيا لا أرى أن اندحار الفرنسيس ولا بقاء الانجليز كان لحماقة الأولين وبرود الآخرين كما يرى الأستاذ قطب ، بل لأن من واجه الفرنسيس كانوا الشعب ، ومن واجه الإنجليز كان السلطة المهترئة التي أممت وصادرت وحرمت الشعب من أسباب القوة وعرضته للغزو الفكري .
وإلا ففرنسا بحماقتها ظلت 130 عاما في الجزائر !
———
لم أسمع ما قاله مبارك من أن الإخوان لو وصلوا ستكون مصر كفلسطين ، ولو كنت سمعتها فأنا أصدقك .. لكنني أرى أن الوضع الفلسطيني الحالي أفضل ملايين المرات من الوضع قبل سنوات وخلو المشهد السياسي من حماس .. ولهذا تفصيل آخر .
بمعنى : أنه لو كان في استطاعة الإخوان الوجود في السلطة كما كان مع حماس ، فهو وضع أفضل جدا لمصر .. ولا تقلق ، فالشعب المصري لن ينتفض ضد الإخوان كما يسوق البعض من قيادات الإخوان ، تماما كما لم ينتفض الشعب الفلسطيني ضد حماس .
————
يا أخي الحبيب لا تلقي باللوم على الشعب .
إذا لم ينتزع الإخوان تعاطف الشعب طوال 80 سنة ، أي ثلاثة أجيال تقريبا .. فلايمكن أن تكون المشكلة في الأجيال الثلاثة .. بل لابد من خطأ في الحركة وفي التعامل مع الجمهور وفي المنهج أو في تطبيق المنهج .. من السهل دائما أن يكون الآخرون هم المخطئون .
وشكر الله لك وجزاك خيرا كثيرا
م

ياسر رفعت: 3 أبريل 2008 في الساعة 1:07 am
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخي الحبيب الفاضل الكريممشكور علي الموضوع المتميز والتساؤل الغيور … وهو ما استفزني للمشاركة علي غير عادتي في التعامل مع المدونات ( للأسف الشديد ) ….ولكن موضوعيتك التي أرتاح إليها جعلتني أتابع باستمرار …أخي الحبيب لي ملاحظات أراها ذات صلة بالموضوع وربما تفسر بعض جوانبه …
أولاً : أشاركك في أن جماعة الإخوان تتعامل مع بعض ملفاتها بشيء من الغموض .. ومنها هذا الملف الخاص بـ ( ساعة الحسم ) وطريقتها في العملية التغييرية …. ولكن تطورات الأحداث وتكاثر التحديات جعل الجميع ( وخاصة قيادات الجماعة ) يقتربون من الوضوح في هذا الملف !!!
ثانياً : وأحب فيها أن أتحدث عن خصوصية الشعب المصري وكمية اللامبالاة الطبعية في تشكيلته وعجينته !! وهي ما تحتاج زمنا كبيرا وتريثا في التعامل مع توابعها !! وربما تكون سنوات الجماعة الثمانين دليلا علي ذلك !
ثالثا : ملف التعامل مع العامة في العملية التغييرية حساس للغاية طبقا لما أثبته كل من تكلم في علم الاجتماع السياسي والدارسين لطرق التغيير !!ولا أحب أن أنضم إلي طابور المبررين الذين يبررون كل شيء !ولكني أحب التأكيد علي أن خيار ( التربية المجتمعية ) هو في نهاية أمره ( رقم !! ) وطالما لم يتحقق هذا الرقم الضامن للنجاح وامتلاك الشوكة فلا محل للخلاف ساعتها من الإعراب !!
رابعاً : غير صحيح علي الإطلاق أن الجماعة تعتمد فكرة ( تربية المجتمع ) وفقط !! بل لها تحديات كثيرة وكبيرة في محاولة امتلاك أسباب القوة و ( الاستعداد لمهام المستقبل ) ….. وغير ذلكوليس من الإنصاف ولا من الموضوعية إغفال النظر في مثل تلك الأمور وملفاتها عند التأمل في سبب تأخر الحركة الإخوانية في ساعة الحسم !!
هذا بعض ما أود التذكير به أخي الفاضل الكريم
ولك مني كل التحية علي مجهودك وفهمكوشكر الله لكوالسلام عليكم
ياسر
http://al7our.maktoobblog.com/
مصطفى:
3 أبريل 2008 في الساعة 2:48 am
طب معلش بقا غلب حمارنا قلنا ايه الحل من وجهة نظرك ؟؟؟ ممكن؟؟
م. محمد إلهامي:
3 أبريل 2008 في الساعة 10:25 am
أخي الكريم الفاضل ياسر رفعت ،
حللت أهلا ونزلت سهلا
وأرجو أن تزيد في التفصيل ، فلقد وجدت أنك تضع العناصر والظروف الخارجية وتحملها السبب - أو هكذا يبدو - في تأخر ( ساعة الحسم ) .
ولم تفصل في التحديات الكبيرة والكثيرة فيما هو خارج نطاق “تربية المجتمع” .. أو دعني اسأل بشكل آخر :
كم من مجهود الجماعة ينفق في تربية المجتمع ، وكم ينفق خارجه ؟
ثم .. كم هو تأثير أفراد المجتمع (وحدهم) في عملية التغيير ؟
وشكر الله لك
م. محمد إلهامي:
3 أبريل 2008 في الساعة 10:26 am
أخي مصطفى ،
ألم تكن ستكمل كلامك .. فما منعك ؟
وهب أني قلت لك : ليس لدي حل ، فهل معنى هذا أن انساق وراء ما تطرحون ، أو أن أُسلب الحق في مناقشة منهجكم ؟

أبو العلاء:
4 أبريل 2008 في الساعة 9:14 pm
مولانا:
أما إذ استزدت فقد وجبت الزيادة و ذنبك على جنبك!
نقدم للمسألة بالتفرقة بين الخلافة الراشدة و الملك العاض و الملك الجبري.
الملك هو استئثار جماعة ما بشئون الحكم خاصة ما يتصل باحتكار الجبروت و التحكم فى الموارد. ليست العبرة فى طريقة تركيب هذه الجماعة فقد تكون أسرة كما كانت فى ينى أمية أو بنى العباس أو فى العائلة السعودية فى الحديث أو قد تكون تلك الجماعة طبقة معينة مثل المماليك فى مصر أو الحزب الشيوعي فى الصين.
الفرق بين الملك العاض و الجبري هو علاقة الفئة المتغلبة بالشرعية و ممثليها. فى الملك العاض تعتنى الفئة المتغلبة بإظهار إحترام الشرائع و إقامة العدل و حسن توزيع الموارد إلا فيما يهدد تفردها بالملك. فى الملك الجبري لاتعير الفئة الحاكمة اهتماما للشرعية و تستند فى تحكمها على الجبروت المطلق و لا ينظر إليها العامة على أنها فئة الحكم و لكن على أنها عصابة إجرامية.
لاحظ إن الالتزام بالشريعة ليس حكرا على الخلافة الراشدة. فالملك العاض كما قلت له من الالتزام بالشريعة نصيب و أيما نصيب. معاوية مثلا كان ملكا و لكن الحسن البصري عندما عد ما ينقمه على معاوية لم يجد إلا ثلاثة مسائل!
أما الخلافة الراشدة فمحكها هو الشورى. و الشورى فى نظرى هى أنه إذا احتاج الأمر حراكا على مستوى الجماعة (المجتمع كله) فهؤلاء الذين يتأثرون بالحراك لابد من: 1- أن يستشاروا قبل القرار، 2- أن يراعو من قبل أهل الحكم و من فئات المجتمع الأخرى.
و الأمثلة على ذلك من السيرة كثيرة. مثلا عندما استشار الرسول الأنصار فى غزوة الأحزاب فى أمر منح ثلث الزروع لعيينة بن حصن بينما استشار الجميع أنصارا و مهاجرين قبل غزوة أحد. و هنا نجد الرسول يطبق الشورى بنظرة فى غاية الحكمة لأن المهاجرين يمسهم فى غزوة الأحزاب الشر مثلهم مثل الأنصار بينما ضرر منح ثلث الزروع يعود فى الأصل على الأنصار فقط. من هنا كانت استشارة الرسول للأنصار خصوصا فى تلك المسألة .
المطلوب من أهل الشريعة و حفاظ الشرعية شيئين:1- أن يعملوا ما استطاعوا ألا يكون الملك جبريا و هذا عن طريق شيئين:أ- تبيين حدود الشرعية و ضوابطها لأهل الحكمب- تعريف العوام بما لهم من حقوق و التصدر لاستعادة هذه الحقوق2- أن تظهر أمارات الشورى الراشدة فى تصرفاتهم لا أن تبدو عليهم أمارات الملك العاض هم أنفسهم
المطلوب الأول يقوم به الإخوان بقدر لا بأس به من الكفاءة. و فى رأيى إن احتفاظهم بعلاقة مستمرة مع أهل الحكم ضروري و لا غبار عليه. أما الجزء الخاص بتعريف العوام بما لهم من حقوق و التصدر لرفع المظالم فالإخوان أقل فعالية فى ذلك الأمر لأن النظام المصري فى الواقع كان بين الملك العاض و الملك الجبري و عبر سنوات التسعينيات تدهورت حالة النظام تدريجيا نحو الجبروت السافر الذى لا يتغطى بشئ من الشرعية. لابد أن نعى أن الإخوان كغيرهم يتغيرون مع الوقت و طريقة تعامل الإخوان مع المظالم الواقعة على العامة ستتحسن مع الوقت و لا أرى مشكلة فى هذا الأمر.
أما المشكل فى أمر الإخوان فهو المطلب الثانى. كان يمكن للإخوان أن يتعاملوا مع الأمة من منطلق أنهم هيئة للأمر بالمعروف و النهي عن المنكر و كفى و لكنهم تصدروا لما هو أوسع من ذلك بما يتجاوز تأصيل الشرعية الإسلامية إلى نطاق العمل السياسي و هنالك تظهر المشكلات.
أولى هذه المشكلات هى أن البرلمان المصري ليس هو المكان المناسب للعمل السياسي. البرلمان يصلح على الأكثر ليكون مجالا لتبيين حدود شرعية تصرفات أهل الحكم و رفع مظالم الناس و وضعها فى محل النظر العام و محل نظر أهل الحكم. و لكن يبدو أن البعض داخل الإخوان و كثير من الناس خارج الإخوان يظنون فى عمل الإخوان السياسي أكثر من مضمونه الحقيقي على الأقل فيما يتعلق بالإنتخابات و ما إلى ذلك من أمور ليست هى الشورى و لا هى الأساس فى العمل السياسي حتى فى الديموقراطيات الغربية.
العمل السياسي فى شكله الناضج (والشورى أنضج أشكاله) حوار بين الخاصة و الخاصة و أيضا بين الخاصة و العامة. الحوار بين الخاصة بحث و توضيح لوجهات النظر عن طريق وضعها على محك الآراء المعارضة. أما الحوار بين الخاصة و العامة فهو تبيين و إظهار من جهة و استبيان و استعلام من الجهة الأخرى.
النموذج الغربي فى الديموقراطية فى شكله الحالي هو فى حقيقته نوع من الملك العاض و ليس حكما شوريا. فهناك طبقة سياسية تطبخ السياسات و التوجهات ثم تسوقها للشعب. و المحك فى هذا النظام شيئين الثقة و النتائج. ما دامت الفئة السياسية تتمتع بثقة الشعب و توفر له النتائج المرجوة (أو تقنعه بأنها هى المرجوة) فسلطتها فى استمرار. نلاحظ هنا أن تفاصيل القرارات و الإعتبارات المؤدية لها غير متاحة للعامة أصلا و أن الطبقة السياسية تكتسب ثقة العامة عن طريق افتعال قضايا فرعية يكثر فيها النقاش و الحديث بعيدا عن الأساسيات. و تصبح السياسة فى النهاية فن “الصورة” و ليست شورى حقيقية تهدف للوصول إلى أصلح الآراء و إلى مراعاة صالح “كل” فرد من أفراد المجتمع.
و هذه هى مشكلة الإخوان الآن فهم يريدون ثقة الجماهير و يريدون أن يقنعوا الجماهير بجدوى اختياراتهم و ذلك بالنظر إلى النتائج و مدحها و الاعتذار عما قد لا يكون محل القبول منها. من هنا نفسر دفاع الإخوان المستميت عن صحة سياسات الجماعة. إذا كانت الجماعة لا توضح للناس لماذا تفعل ما تفعل و كل شئ يناقش سرا و لا يعلن على الناس إلا فى بيانات غائمة و تصريحات متناقضة فلابد إذن من التركيز على فعالية السياسات و نجاحها! كأنى بالإخوان يقولون للشعب “ربما أنتم لا تعرفون ماذا نفعل و لا لم نفعل ما نفعل و لكن ها هى نتائج أفعالنا الرائعة. اتبعونا فى صمت!”.
و هذا الملك العاض فى حقيقة أمره. أن تستأثر فئة بأمر المسلمين دونهم لا يضير فى ذلك التزام هذه الفئة أو لا بالشريعة. الشورى ألا يستأثر أحد بأمر المسلمين دونهم. و أى شورى فى أن تترك الجماعة الأمة تضرب أخماس فى أسداس لا تعرف ماذا يفعلون و لا لم ثم يطلب منهم أن يخرجوا من بيوتهم لانتخاب الإخوان رغما عن حصار الأمن للجان و يموت منهم أناس ثم يخرج الإخوان علينا بالشكوى من سلبية الشعب! و كيف تتوقع إيجابية من شعب تعامله أنت على أنه غير أهل لتوضح له وجهات نظرك و لا أن تطلعه على حقيقة موقفك من الحكومة أو من الغرب أو من أى شئ أصلا!
الشورى ترفع الفرد من أن يكون “رقما” فى حسابات هذه الجماعة السياسية أو تلك إلى أن يكون “إنسانا”. و حتى ينجح الإخوان فى تغيير نظرتهم لمن هم خارج الجماعة من العامة بالذات فالأفضل فى رأيى أن يكتفوا من أمور السياسة بما يقدرون عليه.
مثال:
لو نظرنا لموقف الإخوان من الإنتخابات الرئاسية الأخيرة ماذا نجد؟ هل ذكر الإخوان شيئا عن مفاوضاتهم مع الرئيس و المرشحين الآخرين؟ هل قال الإخوان من يفعل كذا نؤيده و من لا يفعل لا نؤيده؟ كل ما كان دار فى الكواليس ثم خرج الإخوان برأى بسيط مؤداه أنهم يدعون الناس لممارسة حقهم فى التصويت و أن يصوتوا لما يروه فى المصلحة! و كأن الناس كانت تنتظر الإخوان ليقولوا لهم هذا!!!!
الخلاصة:
- أنا أجد حصاد عمل الإخوان حتى الآن جميلا و مشجعا- عمل الإخوان فى تأصيل الشرعية الإسلامية للمجتمع عمل جيد جدا و ضرورى و لهم عليه كل تحية- نظرة الإخوان للعمل السياسي نظرة قاصرة و غير ناضجة- وصول الإخوان للحكم فى مصر فى الوضع الحالي ليس مطلوبا- المطلوب توضيح الأمور للعامة و تبيينها لهم على قدر المستطاع بما يكفى لتنبه الشعب و الضغط على أهل الحكم للانتقال إلى شئ من الملك العاض و نحو الشورى الراشدة- أن توجه الجماعة خطابها للشعب لا للحكومة و لا للغرب!
و الكثير من الصبر من الإخوان علينا و منا عليهم.
و لعلك تعلق على التعليق فإنى لا أكتب إلا لأسمع رأيك!
و السلام