‏إظهار الرسائل ذات التسميات اجتماعي. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات اجتماعي. إظهار كافة الرسائل

الأربعاء، 23 فبراير 2011

المادة الثانية من الدستور المصرى ونظيراتها فى الدساتير الغربية


اليكم نظائر المادة الثانية فى الدساتير الغربية

علي سبيل المثال‏:‏
‏1‏ـ الدستور اليوناني ينص في المادة الأولي أن المذهب الرسمي للأمة اليونانية هو مذهب الكنيسة الأرثوذكسية الشرقية وفي المادة‏47‏ من الدستور اليوناني كل من يعتلي عرش اليونان يجب أن يكون من اتباع الكنيسة الأرثوذكسية الشرقية‏.‏
ملحوظة‏:‏ يوجد الملايين من المسيحيين في اليونان يتبعون الملة الكاثوليكية والبروتستانتية ويوجد الملايين يتبعون الديانة الإسلامية ولم يعترض أحد علي المادة الأولي من الدستور اليوناني طالما أن المفهوم هو أن غالبية اتباع الدولة اليونانية يتبعون الديانة الأرثوذكسية الشرقية‏.‏
‏2‏ـ الدستور الدانماركي ينص في المادة الأولي للبند رقم‏5‏ علي أن يكون الملك من أتباع الكنيسة الإنجيلية اللوثرية‏,‏ وفي البند رقم‏3‏ من المادة الأولي الدستور الدانماركي للكنيسة الإنجيلية اللوثرية هي الكنيسة الأم المعترف بها في الدانمارك‏.‏
ملحوظة‏:‏ يوجد الكثير من أتباع الملة الأرثوذكسية والملة الكاثوليكية وأتباع الديانة الإسلامية ولم يعترض أحد علي المادة الأولي من الدستور الدانماركي‏.‏
‏3‏ـ الدستور الإسباني‏:‏ تنص المادة السابعة من الدستور الإسباني علي أنه يجب أن يكون رئيس الدولة من رعايا الكنيسة الكاثوليكية وفي المادة السادسة من الدستور الإسباني علي أن علي الدولة رسميا حماية اعتناق وممارسة شعائر المذهب الكاثوليكي باعتباره المذهب الرسمي لها‏.‏
ملحوظة‏:‏ هل طالب أحد من أصحاب المذهب الأرثوذكسي أو البروتستانتي أو الديانة الإسلامية بإلغاء المادة التاسعة من الدستور الإسباني طالما أن المفهوم أن الغالبية من رعايا إسبانيا من أصحاب الملة الكاثوليكية؟
‏4‏ـ وفي الدستور السويدي‏:‏ المادة الرابعة من الدستور السويدي تنص‏:‏ يجب أن يكون الملك من أتباع المذهب الإنجيلي الخالص‏,‏ كما ينص علي ذلك بالنسبة لأعضاء المجلس الوطني وهو البرلمان‏.‏
ملحوظة‏:‏ يوجد الكثير من أتباع الملة الأرثوذكسية والكاثوليكية وأصحاب الديانة الإسلامية في السويد ـ هل طالب أحد بإلغاء المادة الرابعة من الدستور السويدي ودعونا نتفق علي أن يكون أعضاء البرلمان من الإنجيليين فقط‏,‏ فيه مخالفا لمواثيق الأمم المتحدة والإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر عام‏.1948‏
‏5‏ ـ وفي الدستور الإنجليزي لا يوجد دستور إنجليزي لأنه دستور عرفي متوارث ولكن المادة الثالثة من قانون التسوية تنص علي كل شخص يتولي الملك أن يكون من رعايا كنيسة إنجلترا ولا يسمح بتاتا لغير المسيحيين ولا لغير البروتستانيين بأن يكونوا أعضاء في مجلس اللوردات‏.‏
ملحوظة‏:‏ دعونا نتفق علي أنه لا يسمح لأعضاء مجلس اللوردان إلا أن يكونوا من البروتستانت أليس هذا مخالفا لمواثيق الأمم المتحدة وإعلان حقوق الإنسان الصادر في عام‏1948‏ ؟






الأحد، 16 يناير 2011

مساحة الكنائس والأديرة تكفي 34 مليون قبطي والمسلمون بحاجة لبناء 52 ألف مسجد



كتب حماد الرمحي (المصريون):   |  11-01-2011 00:58

كشفت دراسة حديثة أعدها المستشار حسين أبو عيسي المحامي بالنقض، والمستشار السابق بالمحاكم العسكرية عن مفاجأة من العيار الثقيل وهو أن صدور قانون دور العبادة الموحد الذي تطالب الكنيسة بسرعة إقراره لن يحقق مطالب الأقباط، بل أنه قد يتسبب في إلغاء تراخيص العديد من الكنائس، أو وقف أعمال البناء في كنائس أخرى، ما قد يزيد من حدة التوتر والاحتقان الطائفي في مصر.

وأضاف إن "عقلاء الأقباط" يدركون هذه الحقيقة تماما بعيدا عن التعصب الطائفي، ويدركون أن قانون دور العبادة الموحد سينصف المسلمين المحرومين من بناء المساجد، وسيفتح الباب علي مصراعيه للطوائف الأجنبية "البروتاستينية والكاثوليكية والإنجيلية والسبتية" لتطالب بحقها هي الأخرى في دور العبادة، طبقا للقانون الجديد.

بل وأكثر من هذا، توقع أن يأتي القانون في مصلحة طوائف جديدة، مثل الأنبا ماكسيموس الذي لم يحصل على تصريح كنيسة حتى الآن.

وأضاف إن مشروع قانون دور العبادة الموحد يحدد بناء دور العبادة الإسلامية والمسيحية واليهودية بما يتناسب مع عدد السكان، وطبقا للاعتبارات والمواثيق الدولية التي تنص على الحق في العبادة، فإن المصلي المسلم أو المسيحي يحتاج إلى مساحة 46 سم كحد أدني أو 100 سم كحد أقصي لأداء الشعائر الدينية الخاصة به، سواء كانت في المسجد أو الكنيسة أي أن مصر.

وأشار إلى أنه طبقا لميثاق "الحق في العبادة" بالأمم المتحدة فإنه سيكون هناك حاجة إلى مساحة إجمالية قدرها 36 مليون و800 ألف متر مربع كحد أدنى و80 مليون متر مربع كحد أقصى تحصص كمكان يتعبد فيه 80 مليون مواطن مصري مسلم ومسيحي، باعتبار أن جميعهم يؤدون الصلوات والشعائر الدينية في دور العبادة.

وقال استنادًا إلى ذلك، فإن مسلمي مصر البالغ عددهم 72 مليون نسمة يحتاجون إلى مساحة تقدر بنحو 33 مليون و120 ألف متر كحد أدني و72 مليون متر كحد أقصي، في المقابل يحتاج الأقباط البالغ عددهم 8 مليون قبطي- طبقا لتقديرات الأمم المتحدة- إلى مساحة 3 مليون 680 ألف متر كحد أدني و 8 مليون متر كحد أقصى.

وذكر أنه انطلاقا من مبادئ الأمم المتحدة فإنه لا ينبغي أن تقل أو تزيد مساحة المساجد أو الكنائس والأديرة عن المساحات السابقة، حتى لا يكون هناك ظلم لطائفة على حساب أخرى وهو نفس المبدأ الذي يستند إليه قانون دور العبادة الموحد الذي يعتمد على إحصائية رسمية بعدد ومساحات المساجد والكنائس لمعرفة نسبة الزيادة والعجز لدى كل طرف.

وأوضح أن الإحصائيات الرسمية تشير إلى أن عدد الكنائس المقامة فى مصر تبلغ في الوقت الحالي نحو 3126 كنيسة تضاعفت خلال الفترة من عام 1972 وحتى عام 1996 إلى الضعف تقريبا.

إذ أن عدد الكنائس في عام 1972 كان يبلغ نحو 1442 كنيسة معظمها بدون تراخيص، وكانت نسبة الحاصلة على ترخيص والمسجلة لدى وزارة الداخلية 500 كنيسة فقط، منها 286 كنيسة أرثوذكسية والباقي للطوائف الأجنبية.

وارتفعت في عام 1996 لتصل إلى نحو 2400 كنيسة، ذلك بناء على إحصائية رسمية للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، بزيادة قدرها 1000 كنيسة تقريبا بواقع 40 كنيسة سنويا تم بناؤها خلال 25 عامًا.

وزاد عدد الكنائس في نهاية 2006- أي بعد عشر سنوات- إلى نحو 2626 كنيسة رسمية، من بينها 1326 كنيسة أرثوذكسية و1100 كنيسة بروتستانتية و200 كنيسة كاثوليكية موزعية على محافظات الجمهورية علي النحو التالي: 183 كنيسة أرثوذكسية بالقاهرة، 82 كنيسة بالجيزة، 66 كنيسة بالإسكندرية، 67 كنيسة بالغربية، 60 كنيسة بالمنيا، 20 ببورسعيد، 8 بالسويس، 8 بدمياط، 32 بالدقهلية، 43 بالشرقية، 37 بالقليوبية، 11 بكفر الشيخ، 35 بالمنوفية، 35 بالبحيرة، 15 بالإسماعيلية، 50 ببني سويف، 37 بالفيوم، 178 بالمنيا، 425 بأسيوط، 260 بسوهاج، 80 بقنا، 26 بأسوان، 9 بالأقصر، كنيستان بالبحر الأحمر، كنيسة واحدة بالوادي الجديد، كنيستان بمرسى مطروح، كنيستان بشمال سيناء، كنيستان بجنوب سيناء، بالإضافة إلى بعض الكنائس الغربية التي تخص الطوائف غير الأرثوذكسية الشرقية.

بالإضافة إلى ذلك يوجد أكثر من 500 كنيسة بدون ترخيص تعمل تحت غطاء "جمعية قبطية" يتم إشهارها بوزارة التضامن الاجتماعي، وبالتالي يصبح إجمالي عدد الكنائس 3126 كنيسة، بالإضافة إلي عشرات الأديرة المنتشرة في ربوع المحافظات المصرية والتي تتسع لنحو 24 مليون مصلي قبطي، حسب التقديرات الكنسية.

وأكبر الأديرة هو دير أبو مقار، الذي تبلغ مساحته نحو 2700‏ فدان، أي ما يعادل 11340000 متر مربع تقريبا، ويتسع لنحو 11 مليون و340 ألف مصل كحد أدني و 23.9 مليون مصلي كحد أقصي، طبقا للاعتبارات الأممية التي تنص علي أن حق الفرد 0.46 متر مربع للتعبد كحد أدنى، أي أنه يزيد عن عدد الأقباط في مصر.

وبمقارنة دير أبو مقار بأكبر المساجد الإسلامية في العالم وهو الحرم المكي الشريف الذي تصل مساحته نحو356000 متر مربع ويتسع لنحو 773000 مصلى، باعتبار أن المصلى لا يتحصل في المسجد الحرام إلا علي الحد الأدنى لمكان العبادة وهو 046 م، تكون مساحة الدير أكبر منه بما يزيد على أكثر من 15 ضعفًا.

أما ثاني أكبر الأديرة فهو دير أبو فانا بالمنيا الذي تبلغ مساحته نحو 600 فدان أي ما يعادل 2520000 متر مربع وهذه المساحة تكفى 2.5 مليون مصل كحد أدنى و 5.5 مليون مصل كحد أقصى بنفس الحسبة السابقة.

أما مساحة دير ماريمينا، فتعادل تقريبًا نفس مساحة دير أبو فانا حيث تبلغ نحو 600 فدان تقريبا بما يعادل 2520000 متر مربع وهذه المساحة تكفى 2.5 مليون مصل كحد أدنى و5.5 مليون مصل كحد أقصى.

ويعني ذلك، أن مساحة أكبر ثلاثة أديرة في مصر تبلغ نحو 3900 فدان أي ما يعادل 16380000 مليون متر مربع، تكفي مساحتها لـ 16 مليون و380 ألف مصل قبطي كحد أدني، أي ضعف عدد الأقباط في مصر و 34.9 مليون مصل قبطي كحد أقصى.

فضلا عن عشرات الأديرة المنتشرة لالمحافظات المصرية، وأبرزها أديرة سوهاج وتضم دير الأنبا شنودة الذي تبلغ مساحته 2775 مترا مربعا، ودير الأنبا بيجول 1000 متر ودير الأنبا شنودة الشرقي، ودير الأنبا توماس 1000 متر، ودير الأمير تاوضروس، ودير القديسة، ودير الملاك ميخائيل الذي يضم خمس مذابح وبها خنادق ومغارة صغيرة تحت الأرض باسم القديس العظيم الأنبا بيشوى، ودير الشهداء، ودير السيدة العذراء، ودير الأنبا بيجول، ودير مارجرجس – الحديدي، ودير الملاك.

فضلا عن أديرة أسيوط وتضم دير العذراء، المحرق، العذراء، درنكة، العذراء، الجنادلة، الأمير تادرس، تليها أديرة المنيا، وتضم دير العذراء، جبل الطير، ثم أديرة بني سويف، وتضم دير العذراء، الحمام، العذراء، بياض، الأنبا بولا، بوش، الأنبا انطونيوس، الميمون، مارجرجس، سيدمنت، تليها أديرة الفيوم وتضم دير الأنبا إبرام، الملاك غبريال، ثم أديرة البحر الأحمر وتضم دير الأنبا بولا، الأنبا انطونيوس، أما أديرة وادي النطرون فتشمل دير الأنبا بيشوى، والسريان، والبراموس، والأنبا مقار، ومارمينا بالإسكندرية.

أما أديرة الراهبات، فأبرزها ماري جرجس، وأبي سيفين بمصر القديمة، والأمير تادرس بحارة الروم، وماري جرجس زويلة، والعذراء بحارة زويلة، ودير المعلقة بمدينة مصر وغيرها من الأديرة، فضلا عن 14 أسقفية "الإيبرشيات" منتشرة في معظم محافظات الجمهورية.

أما بالنسبة لعدد المساجد، فإنها تبلغ طبقا للإحصاءات الرسمية الصادرة عن وزارة الأوقاف والجهاز المركز للتعبئة والإحصاء 92.600 مسجدا، منها 64676 مسجدا تحت ولاية وزارة الأوقاف والباقي ما بين مساجد أهلية وزوايا لا تتعدي مساحتها عن 100 متر مقسمة على 72 مليون مسلم وتبلغ مساحة أكبر مسجد في مصر وهو مسجد عمرو بن العاص نحو 13800 مترا ويليه الأزهر الشريف الذي تبلغ مساحته 12000 متر.

ويتراوح متوسط مساحة المساجد في مصر ما بين 500 إلي 1000 متر كحد أقصى، وبما أن نسبة تعداد المسلمين تزيد على نسبة تعداد الأقباط بتسهة أضعاف (1 مقابل 9%) فمن المفترض أن يصبح عدد ومساحة المساجد تسعة أضعاف الكنائس والأديرة. لكن الأرقام تؤكد أن نسبة الكنائس إلى المساجد في مصر هي فقط 3.015%، أي أن هناك عجزًا في المساجد يصل إلي 6% تقريبا.

وعلى افتراض أن عدد المساجد في مصر هو 92.600 مسجد أي بمتوسط 46 مليون متر تقريبا، فإنه وطبقا لميثاق الأمم المتحدة فإن مسلمي مصر يحتاجون مساجد للعبادة تتراوح مساحتها ما بين 33 مليون و120 ألف متر كحد أدنى و72 مليون متر كحد أقصى بمتوسط 48 مليون متر تقريبا، أي أن المسلمين لديهم عجز في المساحات المخصصة للمساجد يتراوح ما بين 2 مليون متر و 26 مليون متر مكعب تقريبا، أي ما يعادل 52 ألف مسجد تقريبا مساحة المسجد 500 متر.





http://www.almesryoon.com/news.aspx?id=47489



الخميس، 13 يناير 2011

مشكلة الأقباط

هذا مقال لأبراهيم عيسى بعد حذف الأجزاء الخائبة :

كلام فى سرادق العزاء10.01.2011

كل الحقوق التى يطالب بها الأقباط ........
لكنهم لن يحصلوا على هذه الحقوق عن طريق نفاق حسنى مبارك ولا نفاق نجله كما أنهم لن يحصلوا على أى حق طالما بقى هذا البلد مستبدا وديكتاتوريا ومزورا للانتخابات ومحتكرا للسلطة!

جريمة الإسكندرية لم تصنع فتنة ولا احتقانا لكنها كشفت عنه ، أظهرت المدى العميق والبالغ من الاحساس بالظلم الذى يشعر به الأقباط ، وتفجرت مع شظايا قنبلة الإرهابى الاحتياج لاعلان الصوت القبطى عاليا وشجاعا لأول مرة بمطالبه ، لكن سرعان ما سلم الأقباط حناجرهم وشجاعتهم للكنيسة!

يتخيل الأقباط نتيجة سيطرة كاملة وشاملة من الكنيسة على العقل القبطى أن مشاكلهم التى صنعها النظام سوف يحلها نفس النظام ، ويتصور الأقباط أن نظام مبارك الذي لايكفون لحظة عن اتهامه بتمييزهم وتخوينهم ومنعهم من حقوقهم –وهذا صحيح- سوف يتحول فجأة إلى ملاك بجناحين ويوافق على رد هذه الحقوق لأصحابها عن طريق ضغط البابا وحكمة الرئيس !

والحقيقة أن مشكلة مصر كلها أن حكمة الرئيس وحدها هى التى تحكم البلد ومشكلة الأقباط أنهم صاروا يتحدثون باعتبارهم شعب الكنيسة اكثر مما يتحدثون بصفتهم شعب مصر !

مشهد ذهاب المسئولين لتعزية البابا فى الكنيسة كان إعلانا مزريا على أن مصر ليست دولة مدنية وقد فرح الأقباط جدا بأن الحكام والمسئولين والشيوخ ذهبوا لتعزية البابا ونسوا أن هذا إعلان بأننا دولة دينية وليست مدنية على الإطلاق فلو قتل مصريون فى جامع هل كان أحد سيذهب لتعزية شيخ الآزهر ؟

ربما يقول الأقباط أنهم دينيا شعب الكنيسة وهذه هى تعاليمهم لكن ربما هى كذلك فى الإطار الروحى والعقيدى لكن فى إطار دولة مدنية لا يمكن أن يكون البابا هو ولى أمر الأقباط أو رئيس حزبهم أو رئيسهم السياسى ورافع مطالبهم ! فإن استشهد منهم شهداء ذهب الجميع لتعزية البابا، إذن مطالب الأقباط المدنية والحقوقية مسئولية البابا و لمن يصوتون فى الانتخابات مسئولية البابا و المرشح الرئاسى الذين يؤيدونه يحصلون على أسمه من الكنيسة والبابا فالبابا يعرف أكثر!

أليست هذه هى الدولة الدينية التى يكرهها الأقباط ويرفضونها أم أنهم يرفضون الدولة الدينية المسلمة بينما يتمسكون بالدولة الدينية القبطية!

........... لم نسمع الأقباط ولا الكنيسة تتحدث عن حقوق الانتخابات الحرة والنزيهة وتداول السلطة والعدالة والمساواة ورفض الأحكام العسكرية والوقوف أمام استمرار قانون الطوارئ والمطالبة بحق تشكيل الأحزاب وإصدار الصحف والمحطات التليفزيونية والتصدى للتعذيب فى السجون والأقسام بينما كل الذين يطالبون بهذه المطالب يطالبون بحقوق الأقباط معها وفيها!

الأقباط يتحدثون للأسف عن قبطيتهم فقط
ثم يهللون ويزمرون ويطبلون للرئيس مبارك الذى يتهمون نظامه ليل نهار بإضطهادهم!

الأقباط لايريدون شيوخا متعصبين يروجون لكراهية الأقباط لكنهم يدافعون جدا عن قساوستهم الذين يتبادلون التعصب بتطرف ويردون على الجهل بماهو أجهل !

خرج الأقباط بعد العملية الإرهابية فى غضب حقيقى ومفهوم ومستحق لكن خرجوا بشكل عشوائى وفوضوى فقالت الدولة للكنيسة سكتيهم فسكتتهم الكنيسة وسكتوا، إذن هى حسبة بين الدولة والكنيسة وليست بين مواطنين ووطن!
الأقباط يطلبون المواطنة لكنهم يتصرفون كأقباط وليس كمواطنين !

أسأل وجه الله تعالى حين أؤكد أن شيئا حقيقيا لم يتغير منذ لحظة جريمة الإسكندرية البشعة والتى يدينها الجميع كأن الإدانة فضل وتفضل منهم وكأن من الممكن ألا يدينها ضمير أو عقل !!، فأغلب ردود الفعل الإيجابية كانت عاطفية ولعل بعض الأقباط رصدوا فى المترو والأتوبيس والميكروباص ملامح من تغير عاطفى منشود يردم التشققات ويرمم الخدوش التى أصابت صلابة العيش المشترك لكن ماهو أبعد من العواطف –على أهميتها- لم يتحقق!

المبادرة والفعل جاء من جمهور الفيس بوك الذى عودنا على أنه أشرف ظاهرة مصرية الآن فجماعات الفيس بوك التى يكرها النظام ويسبها الاعلام الحكومى ويتهمها بالإنحراف هى التى قادت فكرة زيارات الكنائس فى العيد وهم الذين علقوا صور الهلال مع الصليب على صفحاتهم وأغلب هؤلاء (إن لم يكونوا كلهم) من مثقفى وشباب مصر الذى يعلن تأييده للدكتور محمد البرادعى على الفيس بوك أو يهاجم الاستبداد والتزوير ويفضح ممارسات الاعلام المهجن أو الحكومى وهو الجمهور نفسه الذى خاض نضالا مدنيا رائعا فى قضية الراحل خالد سعيد ، إذن لاجديد من عالم الفيس بوك سوى تأكيد شرف ونبل هذه الظاهرة واتساقها مع نفسها!

أما على الانترنت بشكله الأوسع حيث مواقع السلفيين والأقباط فلا أظن شيئا تغير ولو عاطفيا ربما بعض الهدوء أو الهدنة أو الخوف لكن بمرور الأيام بدا أنه لاشيئ جذرى ولا حتى ثانوى فى سبيله للتغير !

أما الانطباعات الجميلة عن التكاتف التى يرددها كثيرون فى النخبة فهى انطباعات حقيقية بالتأكيد لكنها ربما داخل دوائر محدودة لا هى ممثلة للقطاع الأوسع والأعرض ولا هى واصلة للأرياف والصعيد ، أو مشاعر قاهرية أغلبها وارد الجلسات النخبوية والمثقفة أو الصخب التليفزيونى الدعائى الفج الذى لم يخرج عن منهج الحشد والتعبئة والدعاية والكل يقول نفس الكلام الواحد الموحد المصاغ بطريقة إعلانات الحزب الوطنى فى حملته الانتخابية عن أن كل شيئ وردى فى بلد يغلبها عليها لون التراب والدخان!

من ناحية الأحزاب فهى تفهم دورها جيدا وهو الاستجابة للبروجى فورا عندما يزمر لها سادتها فى أمن الدولة ، فإجتماعات الأحزاب كانت آية فى التفاهة وقلة القيمة والكلام الفارغ حيث يجتمعون فى حزب يقول عن نفسه أنه حزب كبير ربما لأنه يملك المقر الكبير حيث يتحول بيت كان مفتوحا للأمة إلى بيت للإماء الذين يسمعون أوامر الدولة أن تضامنوا مع النظام والحكومة وسمعونا صلاة النبى فلا مطالبة بمحاسبة مقصر ولا علاج تقصير ولا إدانة لمهملين ولا تحميل لمسئولية بل لغو فارغ ، لكن يبقى أنها أحزاب تافهة لا تنجح فى انتخابات على كرسى معسل وليس على كرسى فى برلمان فلا اكثر من دور التجميل الذى تحتاجه الدولة فى مواقف مثل هذه حيث الوطنية من وجهة نظر المعارضة هى الوقوف جنب النظام المقصر والحكم المستبد لرفع البنطلون إن سقط !

...................................... ................ ..................

.......................  ، الدولة ستفعل ما تفعله دوما وهو اللعب بالأقباط وبالسلفيين الوهابيين فى نفس الوقت واستخدامهم فى معركة البقاء فى الحكم للأبد من اجل الفساد والاستبداد
ربما لأسباب لها علاقة بالاتحاد الأوروبى ورغبة الحزب الحاكم فى التجمل وتحضير بضاعة للتصدير فقد تحصل الكنيسة لا الأقباط على فتات حقوق أو عطايا قانونية فارغة المحتوى وسوف تشكر الكنيسة الرئيس وتقبل خد نجله !

كل حقوق الأقباط التى هى حق لهم لن يحصلوا عليها من نظام مستبد لكن الأقباط لايريدون أبدا أن يعرفوا هذا ويراهنون على المستبد لأن البابا قال لهم ذلك السؤال ما موقع البابا فى الدولة المدنية التى نريدها ؟

لكن أمانة تسلموا لنا على المواطنة! 






http://www.imbh.net/aldaftar/showarticle_ar.php?articleID=1323



الأحد، 9 يناير 2011

الطاقات المهدرة




القاهرة - أخبار مصر
قال الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء ان قضايا الطلاق تكلف خزانة الدولة 7.75 مليار جنيه سنويا بعد أن ارتفعت نسبته إلي ‏40 %.
وقدر مركز قضايا المرأة المصرية في دراسة حديثة متوسط تكاليف قضية الطلاق الواحدة بنحو‏ 41‏ ألفا و‏195‏ جنيها مصريا.
وقالت ان التكلفة تشمل مصروفات التقاضي‏‏ ورواتب القضاة والنيابة الخبراء والمستشارين والعاملين بالنيابة العامة سكرتارية وموظفين‏‏ فضلا عن الحراسات الأمنية الضرورية للمحاكم في أثناء نظر هذه القضايا وتنفيذ الأحكام المتعلقة بالأحوال الشخصية‏ خاصة بالمنقولات والنفقة وغيرهما.‏
وذكر الجهاز أن الزواج المندفع يترتب عليه من طلاق سريع ورصد في عام ‏2009‏ وقــوع نحو‏387‏ حالة طلاق في اليوم‏ بزيادة نحو ‏60 %‏ علي العام السابق‏ وقد بلغت الأحكـــام النهائيــة للطلاق ‏2815‏ حكما، وفقا لما ذكرته الاهرام.
وعن أسباب هذه الظاهرة يقول الدكتور محمد أحمد عويضة أستاذ الطب النفسي بجامعة الأزهر‏ إن زيادة نسبة الطلاق في الواقع قد تبدو أمرا بسيطا لكنها تخفي بداخلها دلائل كبيرة علي ثقافة مجتمعية قائمة علي عدم وجود ثقافة الاختلاف‏.‏



الأحد، 3 أكتوبر 2010

مقال محمد سليم العوا الممنوع من النشر في المصري اليوم

http://www.almesryoon.com/news.aspx?id=40174
الكنيسة.. والوطن (2)
دكتور محمد سليم العوَّا   |  03-10-2010 00:14

• منذ سنين ناقشنا، في الفريق العربي للحوار الإسلامي المسيحي، سبل التعايش بين المسلمين وغير المسلمين في الوطن الواحد وفي أوطان شتى. وانتهينا يومئذ إلى إصدار وثيقة سميناها (العيش الواحد) أصبحت هي دستور عمل الفريق، ووصفت في تصديرها ـ بحق ـ بأنها «دعوة للناس، وشهادة بينهم، وميثاق للعمل العربي الإسلامي ـ المسيحي».

• وكان مما قررته تلك الوثيقة أن الحوار ينطلق «من احترام حق الآخر في اعتقاده، وتعزيز الأسس الدينية للعيش الواحد في وطن واحد» وهذا الحوار لا يستقيم «بغير احترام الخصوصيات والمشاعر والرموز والمقدسات الدينية الإسلامية والمسيحية. ولا يقتصر ذلك على سلوك أهل كل من الدينين تجاه أهل الدين الآخر، وإنما يعبر عن نفسه كذلك في وقوف الطرفين معًا ضد أي امتهان لمقدسات أيِّ منهما أيًا كان مصدره» [الفريق العربي للحوار الإسلامي ـ المسيحي، الحوار والعيش الواحد، بيروت 2001].

• وفي سنة 2008 أصدر الفريق العربي نفسه وثيقته الثانية بعنوان «وثيقة الاحترام المتبادل بين أهل الأديان». وقد نصت هذه الوثيقة في فقرتها رقم (7) على أنه: «ينبغي على أهل كل دين ألا يخوضوا في خصوصيات دين آخر. وينطبق هذا على أهل المذاهب المختلفة والفرق المتعددة في الدين الواحد... وإشاعة أمر التعارض أو التناقض، بين عقيدة وغيرها من العقائد، لا يؤدي إلا إلى البغضاء والشحناء وإغراء الناس بعضهم ببعض...».

• ونصت الوثيقة نفسها في فقرتها رقم (9) على أنه: «من حق أهل كل دين أو عقيدة أن يتوقعوا من مخالفيهم تصحيح ما يرتكب في حقهم من خطأ، والاعتذار عما يصدر من هؤلاء المخالفين أو بعضهم من إساءة أو إهانة أو قول أو فعل لا يليق. ولا يجوز لمن وقع منه الخطأ: غفلة أو هفوة أن يستكبر عن تصحيحه أو يبحث عن تأويله وتبريره» [الفريق العربي للحوار الإسلامي ـ المسيحي، وثيقة الاحترام المتبادل بين أهل الأديان، بيروت 2008].

• وهذه المبادئ التي صاغها الفريق العربي للحوار الإسلامي ـ المسيحي للتعبير عما تراه جموع المؤمنين بالدينين حافظًا لوحدتها الوطنية، وعاصمًا لها من الفرقة، وحائلا بينها وبين التعصب الممقوت، لو اتبعها رجال الكنيسة المصرية في تناولهم للمسائل المتعلقة بالإسلام والمسلمين لما وقعت فتن كثيرة اصطلى بنارها المصريون جميعًا أقباطًا ومسلمين. والفتن، وحوادث التعصب وما يصاحبها من تطورات حمقاء من أيِّ من الطرفين، مهما خمد أورُاها وأطفأت جهود (المصالحة) نارَها، واعتذر المتسبب فيها، أو من يتحدث باسم جهة ينتمي إليها، عما كان منه ــ مهما وقع ذلك كله فإن الفتن المتوالية تتراكم آثارها في النفوس، وينشأ على ذكريات كل منها جيل أو أجيال من أبناء الوطن وبناته يفتقدون صفاء النفس نحو المخالف لهم في الدين، وينظرون إليه نظرة العدو المتربص لا نظرة الشريك في الدار، ولا نظرة الأخ في الوطن.

• فإذا تكلم الأنبا بيشوي أسقف دمياط وكفر الشيخ والبراري (المصري اليوم: 15/9/2010) عن الجزية ضاربًا عُرض الحائط بكل ما انتهت إليه الدراسات الإسلامية في شأنها، وكأن شيئًا منها لم يكن، فإن هذا الحديث لا يؤدي إلى شيء إلا إلى إثارة ضغائن الأقباط على إخوانهم المسلمين، وبعث فتنة لا مسوغ لها، تعمل عملها في هدم بناء الوطن بتحطيم علاقات الأخوة فيه. سيذكر الأقباط كلام الأنبا بيشوي عن الجزية وهم لم يدفعوها ـ ولا هو دفعها ـ قط، وسينسون كل العلاقات الوادة الراحمة بينهم وبين المسلمين المعاصرين لهم وهم لم يقبضوا الجزية قط!! فما الذي يستفيده نيافة الأنبا من هذه المسألة؟ وما الذي يعود على الشعب المصري من ذكرها؟

• وعندما يتحدث عن الاستشهاد، ويؤيده فيما قال رأس الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، البابا شنودة، مفسرًا الاستشهاد بأنه في المفهوم المسيحي الموت في سبيل المبدأ أو العقيدة دون قتال لأن الاستشهاد في القتال موت وقتل وليس استشهادًا بالمعنى المسيحي. (حديثه مع الإعلامي عبد اللطيف المناوي، الحلقة الثانية، 27/9/2010).

أقول عندما يتحدث أنبا موقر والبابا نفسه عن هذا المفهوم فإن من واجبهما أن يراعيا، مع المفهوم المسيحي الذي يقولان به، المعنى العربي اللغوي، والمعنى الإسلامي، للاستشهاد، وهو الموت في سبيل الله؛ الذي قد يكون في قتال وقد لا يكون، كما في الرجل يقول كلمة حق عند سلطان جائر فيقتله، وقد سمي في الحديث النبوي (سيد الشهداء) وقرن بحمزة بن عبد المطلب ، فكيف غاب هذا عن الرجلين، وغيرهما، وهما يتحدثان عن الاستشهاد.

ثم إن هذا الذي يموت في سبيل العقيدة، بغير قتال، يموت بلا شك مظلومًا مضطهدًا، فأين هي مظاهر هذا الاضطهاد الذي سيصل بمن يقع عليهم إلى حد القتل في سبيل مبدئهم؟؟ إن الاعتذار عن التهديد بالاستشهاد بإيراد معناه في المسيحية لا يزيد الطين إلا بلة لأنه يتضمن اتهامًا للمسلمين باضطهاد الأقباط، وهو اتهام باطل قطعًا فلا المسلمون في مصر يضطهدون الأقباط ولا الأقباط يضطهدون المسلمين، لكنه التلاسن السياسي الذي لم يستطع أحد أن يدرك ماذا أراد منه الأنبا بيشوي عندما أورده خارج سياق حديث (المصري اليوم) معه، وعندما نبهته الصحفية التي كانت تحاوره إلى السياق الصحيح للسؤال ذكرنا بأحداث سبتمبر 1981 ولم يصحح جوابه عن سؤالها.

• وأحداث سبتمبر 1981، فيما يخص الكنيسة القبطية، قطع كل قول فيها حكم محكمة القضاء الإداري في الدعوى رقم 934 لسنة 36ق التي كانت مقامة من البابا شنودة الثالث ضد رئيس الجمهورية وآخرين، والعودة إلى أوراق هذه الدعوى، وأسباب حكمها، لا تفيد نيافة الأنبا بيشوي ولا تفيد البابا. والحكم منشور في مصادر كثيرة يستطيع الرجوع إليها من شاء، إذ ليس المقام هنا مقام تذكير بأخطاء الماضي، لكنه مقام تصويب لما لا يصح من مقولات الحاضر.

• كما أقحم الأنبا بيشوي أسقف دمياط وكفر الشيخ والبراري، سكرتير المجمع المقدس في حديثه مع (المصري اليوم) حكاية (الضيوف) وذكر أحداث 1981، أقحم في بحثه المعنون (الميديا وتأثيرها على الإيمان والعقيدة) فقرة من 4 صفحات كاملة تتحدث عن القرآن الكريم، ومعاني بعض آياته، ومدى تناسق ما تذكره بعضها مع ما تذكره آيات أخرى. والبحث أعده صاحبه ليلقيه في مؤتمر العقيدة الأرثوذكسية 13 الذي عرف إعلاميًا باسم مؤتمر تثبيت العقيدة. واعترض على كلمة (تثبيت) البابا شنودة في حديثه مع الأستاذ عبد اللطيف المناوي (26/9/2010).

• ومما اتخذتُه سبيلا في علاقتي بإخواني غير المسلمين جميعًا ألا أدخل معهم في نقاش حول ديني أو دينهم، لأنني أعتقد أن الأديان والمذاهب مُطْلقاتٌ عند أصحابها، لا تحتمل التبديل ولا التغيير، ولا يقبل المؤمنون بها احتمال خطئها، صغيرًا كان الخطأ أم كبيرًا. إن الجائز بين أهل الأديان هو الإجابة عن سؤال أو شرح مسألة لمن لم يعرفها، إذا وُجِّه ذلك السؤال أو طُلِبَ هذا الشرح. وما سوى ذلك لا يجوز. وهذا هو مضمون ما تقرره وثيقتا: العيش الواحد، والاحترام المتبادل اللتين ذكرتهما آنفًا.

لذلك لن أعيد ما قاله الأنبا بيشوي في بحثه المذكور عن القرآن الكريم، فاعتقادي أنه ليس من حقه مناقشة القرآن ولا الجدل في شأن كيفية تفسيره، ولا محاولة التوفيق بين معاني بعض آياته ومعاني العقيدة المسيحية كما يؤمن بها هو ومن يتبعون مذهبه.

• غير أن كلام الأنبا بيشوي عن القرآن الكريم فيه مسائل تحتاج إلى بيان. ولست أوجه هذا البيان له وحده، ولكنني أوجهه إلى كل من قرأ بحثه أو استمع إليه، أو تابع ما نشرته الصحف وأذاعته وسائل الإعلام عنه.

- المسألة الأولى: أن الأنبا بيشوي نقل كلامًا نسبه إلى الفخر الرازي (أبو الفضل محمد فخر الدين بن عمر بن الحسين الرازي المتوفى سنة 606) في كتابه: التفسير الكبير، قال الأنبا بيشوي إن الفخر الرازي يقول عن تفسير قوله تعالى: {وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبّه لهم} [النساء:157] بأن المصلوب شخص غير عيسى بن مريم عليه السلام: «إنها إهانة لله أن يجعل شخصًا شبهه يصلب بدلا منه، لأن هذا يعني أن الله غير قادر على أن ينجيه. وهكذا فقد أورد لنا أدلة لم نذكرها نحن من قبل... وقال أيضًا ما ذنب الذي صلب في هذه الحالة إن هذا يعتبر ظلم (كذا)....» [ص43 من بحث الأنبا بيشوي والنقاط الثلاث من أصل نصه].

- ولا يقتضي الأمر أكثر من الرجوع إلى التفسير الكبير ليتبين القارئ الكريم أمرين: الأول، أن الألفاظ التي زعم الأنبا بيشوي أنها من كلام الفخر الرازي لا توجد في كلامه قط. الثاني، أن الفخر الرازي أورد الأقوال في شأن قوله تعالى {ولكن شبه لهم} وردَّ عليها، واختار أصحها في نظره، وأنه لما ناقش كيفية إلقاء شبه المسيح عليه السلام على الشخص الذي صلبه اليهود والرومان ذكر أربعة أقوال في شرح تلك الكيفية وانتهى إلى أن «الله أعلم بحقائق الأمور». ولم يرد في كلامه في أي موضع تعبير (إن هذا يعتبر ظلمًا) ولا تعبير (أن هذا يعني أن الله غير قادر على أن ينجيه). [تفسير الفخر الرازي، ج11، ط المطبعة المصرية، القاهرة 1938، ص 99. ورقم الآية من سورة النساء هو 157 وليس 156 كما ذكره الأنبا بيشوي].

وأنا أترك للقارئ أن يحكم على هذا الصنيع ومدى صلته بالعلم، الذي من بركته عندنا الدقة في نسبة كل قول إلى قائله، ومدى صلته بواجب الأحبار والرهبان في حفظ أمانة الكلمة وتأديتها إلى الذين يتحدثون إليهم.



- المسألة الثانية: أن الأنبا بيشوي يحكي قصة حوار بينه وبين الملحق العسكري المصري في منزل سفير مصر في قبرص (لم يذكر اسم السفير ولا اسم الملحق العسكري) وينتهي منها إلى أن الملحق العسكري وافقه على تفسيره لقول الله تعالى {لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح عيسى بن مريم قل فمن يملك من الله شيئًا إن أراد أن يهلك المسيح ابن مريم وأمه ومن في الأرض جميعًا ولله ملك السموات والأرض وما بينهما يخلق ما يشاء والله على كل شيء قدير} [المائدة:17].

ودون دخول في تفصيلات الحوار الذي ذكره الأنبا بيشوي، أقول إنه حوار لا معنى له ولا جدوى منه، ودار ـ إن صحت الرواية ـ بينه وهو غير مختص ولا متخصص وبين رجال مثله غير مختصين ولا متخصصين، فكان حاصله صفرًا ، لا يقتضي تعقيبًا ولا يستحق ردًا. لكن المهم في الأمر كله أن محاولة إعادة فهم القرآن الكريم على خلاف ما فهم منه على مدى التاريخ الإسلامي كله محاولةٌ مآلها الإخفاق، ونتيجتها إثارة الفتنة بين الأقباط والمسلمين إذا ردد الأقباط فهم الأنبا بيشوي وفهم الملحق العسكري!! وقد كان حريًا بالأنبا بيشوي ألا يقتحم هذا المجال أصلا فليس هو من رجاله ولا أهله. ومما يحسُنُ بالمرء ألا يهرف بما لا يعرف وبخاصةٍ إذا ترتب على ذلك أن تحدث وقيعة بين أبناء الوطن الواحد يحمل وزرها الذين يجادلون فيما ليس لهم به علم.

- المسألة الثالثة: أن الأنبا بيشوي يتساءل عما إذا كانت الآية الكريمة (وصفها من عندي) «قيلت أثناء بعثة نبي الإسلام، أم أضيفت أثناء تجميع عثمان بن عفان للقرآن الشفوي وجعله تحريري(؟)، لمجرد وضع شيء ضد النصارى» ويتساءل قبل ذلك عما إذا «كانت قد قيلت وقتما قال نبي الإسلام القرآن أم أنها أضيفت فيما بعد، في زمن متأخر».

والتساؤلان غير مشروعين، وفي غير محلهما، ووجها إلى من لا شأن له في الجواب عليهما.

فالنبي  لم (يقل) القرآن, إنما تنزل عليه القرآن من لدن عليم حكيم. وأنا لا أريد من نيافة الأنبا، ولا من أي مسيحي، أن يقر لي بنبوة محمد  لأنه إن فعل ذلك خرج من عقيدته الحالية، وليس هذا مطلبي. لكنني أتوقع منه أن لا يهين كتابنا الكريم (القرآن) وينسبه إلى مخلوق، ولو كان هو النبي نفسه، لأن في ذلك إهانةً لا تقبل، ومساسًا لا يحتمل بالإسلام نفسه.

والخليفة الثالث، عثمان بن عفان، لم يحوّل القرآن من شفهي إلى تحريري. بل كان القرآن الكريم يكتب فور نزوله على النبي  آية آية، وقطعة قطعة، وسورة سورة، وهذا كله مبسوط في كتب علوم القرآن التي لو طالعها أي ملمٍ بالقراءة والكتابة لم يقل مثل الكلام الذي كتبه الأنبا بيشوي في بحثه.

وأخشى ما أخشاه أن يفهم المسلمون الذين يقرأون كلام الأنبا بيشوي أن المقصود هو التسوية بين النص القرآني المتواتر بلا خلاف وبين نصوص دينية أخرى لم تدون إلا بعد أكثر من مئتي سنة من انتهاء عصر الأنبياء المنسوبة إليهم.

ومثل هذه المحاولة تعني التشكيك في تواتر القرآن. والتساؤل عما إذا كانت آية ما أضيفت إلى القرآن الكريم «في زمن متأخر» تكذيب لا يقبله مسلم، بقول الله تعالى {إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون} [الحجر:9].

• ولذلك فقد أحسن البابا شنودة عندما قال في حديثه مع الأستاذ عبد اللطيف المناوي: «آسف إنه يحصل جرح لشعور المسلمين، ونحن مستعدون لأي ترضية» (الحلقة المذاعة في 26/9/2010).

والترضية الواجبة لا تكون إلا بأن يعتذر الأنبا بيشوي نفسه عما قال وفعل وكتب. إن البابا شنودة، وهو رأس الكنيسة لا يجوز أن يتحمل أوزار المنتسبين إليها. ولا يُسْتَغنى بأسفه الشخصي عن اعتذار المخطئ من رجال الكهنوت خطأً يثير الفتنة ويحتمل أن يدمر بسببه الوطن. والبابا شنودة أسِفَ وهو لم يقرأ كلام الأنبا بيشوي، ولا استمع إليه، ولا رأى الأنبا بيشوي نفسه منذ نشر كلامه المسيء إلى الإسلام والمسلمين (حلقة 26/9/2010 مع عبد اللطيف المناوي) فأسفه كان لمجرد مشاعر نقلها إليه، برقةٍ بالغةٍ ولطفٍ ملحوظٍ، الأستاذ عبد اللطيف المناوي، وهو أسَفٌ حسن لكنه لا يغني من المطلوب، الواجب، المستحق للمسلمين المواطنين عند الأنبا بيشوي نفسه، شيئًا. ولا يشك أحد في أن البابا بسلطته الروحية والإدارية على جميع رجال الكنيسة قادر على إلزام الأنبا بيشوي بإعلان اعتذاره بلا مواربة ولا التفاف حول الأمر بكلمات هي معاريض لا تسمن ولا تغني من جوع. وما لم يتم ذلك فإن الترضية التي أبدى البابا استعداده لها لا تكون قد تمت، ويبقى الجرح مفتوحًا حتى تتم فيلتئم، وتعود العلاقة مع الكنيسة سيرتها الأولى، ويتجنب الوطن زلزالا لا يبقي ولا يذر.

• فإذا أبى الأنبا بيشوي أسقف دمياط وكفر الشيخ والبراري، سكرتير المجمع المقدس ذلك، فإنه لا يبقى أمامنا إلا أن نطبق ما يأمرنا به قرآننا فنقول له:

{الحق من ربك فلا تكن من الممترين. فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين} [آل عمران: 60-61].

• لقد أحسن البابا شنودة ـ أيضًا ـ عندما قال للأستاذ المناوي: «الآية التي ذكرت كانت آية يعني مش أصول أن ندخل في مفهومها» (حلقة 26/9/2010) «مش عارف إزاي حصل سرد لحاجات زي دي، ربما كان المقصود أن يعرضوا آيات ليصلوا إلى حل للخلاف اللي فيها لكن ما كانش أصول إنها تعرض خالص، كما أنهم ظنوا أن هذا مؤتمر للكهنة فقط فكأنه ناس بيفحصوا بعض أمور جوه البيت مش للخارج. بعض الصحفيين حضروا وأخذوا الحاجات وبدأوا ينشروا» (الحلقة نفسها).

• وليس خفيًا أن الكهنة مهما علا كعبهم لا يستطيعون أن يصلوا إلى حلول للخلاف بين العقيدتين الإسلامية والمسيحية الذي تعبر عنه بعض آيات القرآن الكريم. فلا هم مؤهلون لهذا، ولا هو من علمهم أو شأنهم، ولن يستمع إلى ما يقولونه أحد من المسلمين. فلماذا يذكر القرآن أصلا في مثل هذا المؤتمر؟؟

والخلاف بين العقيدتين واقع أبدي لا يزول، فالبحث في التوفيق بينهما عبث يجب أن ينزه العقلاء أنفسهم عنه، ويصونوا أوقاتهم عن إضاعتها فيه.

وأن الأمر كان «داخل البيت» لا يسوغُ قبولُه مع ما نشرته الصحف التي ذكرت الموضوع من أن النص «وزع على الصحفيين».

وكم غضبت الكنيسة والأقباط كافة، من كلام كتب أو قيل داخل البيت الإسلامي، ومن كلام يقال داخل المساجد، بل من كلام قيل وكتب لمجمع البحوث الإسلامية في الأزهر الشريف (كلام الدكتور محمد عمارة في تقريره العلمي عن كتاب: مستعدون للمواجهة، الذي أحاله المجمع إليه لكتابة تقرير عنه فلما كتبه قامت الدنيا ولم تقعد ـ وكاتب هذا الكتاب ينتحل اسم سمير مرقس، وهو قطعًا لا علاقة له بهذا الاسم، فصاحبه المعروف هو صديقنا المهندس سمير مرقس، وهو رجل وحدة وطنية بامتياز).

لقد كان كلام الدكتور محمد عمارة داخل المجمع، ونشر ملحقًا بمجلة الأزهر، وكان ردًا ولم يكن كلامًا مبتدأً، ومع ذلك كله فقد ثارت الكنيسة على نشره وطلبت سحبه من التداول وفعل الأزهر ذلك، محافظة على مشاعر الأقباط، وحرصًا على وحدة أبناء الوطن. فهل يأمر البابا شنودة الأنبا بيشوي بأن يفعل مثل ما فعلت القيادة الدينية الرسمية للمسلمين؟ أرجو مخلصًا أن يفعل.

• سأل الإعلامي المعروف الأستاذ عبد اللطيف المناوي ضيفه البابا شنودة الثالث عما سبب تغيير الأجواء، التي كانت سائدة بين المسلمين والأقباط، من الحوار والأخوة الوطنية ونحوهما إلى التوتر والاحتقان الحاليين؟ وكان جواب البابا: «المسألة الأولى بدأت من مشكلات كاميليا... هل سيدة معينة يمكن توجد خلافًا على مستوى البلد كله... لماذا هذا الضجيج كله من أجل موضوع يمكن يكون شخصي خاص بها وبزوجها... المسألة تطورت من فرد معين إلى هياج كبير جدًا جدًا، استخدمت فيه شتائم وكلام صعب إلى أبعد الحدود، ونحن لم نتكلم وسكتنا... حدثت مظاهرات تؤذي مشاعر كل مسيحي.. لم تحدث مظاهرات من جانبنا» وعندما حاول الأستاذ المناوي تلطيف الجو بقوله «كان هناك جرح متبادل» رد عليه البابا بحزم: «الجرح مش متبادل.. أرجوك».

• والواقع أن الإجابة عن سؤال: ما الذي حدث فأدى إلى تغيير الأجواء؟ بأن المسألة «بدأت من مشكلات كاميليا» إجابة غير صحيحة جملة وتفصيلا. كاميليا وقصتها كانت آخر ما أثار مشاعر الجماهير المسلمة التي انفعلت لما أشيع من أنها أسلمت وأنها سُلِّمت إلى الكنيسة كسابقاتٍ لها في السنين السبع الأخيرة.

وأول هؤلاء اللاتي سلِّمن إلى الكنيسة كانت السيدة/ وفاء قسطنطين زوجة كاهن كنيسة (أبو المطامير) آنئذٍ. وواقعة السيدة وفاء قسطنطين حدثت في سنة 2004 وهي سلِّمت إلى الكنيسة التي أودعتها دير الأنبا مقار بوادي النطرون (حسبما أعلن في الشهر الحالي، سبتمبر 2010، الأسقف الأنبا باخوميوس أسقف البحيرة ومطروح والمدن السبع الغربية). وهي لا تزال تحيا فيه حبيسة ممنوعة من مغادرته حتى اليوم. وقد ثار شباب ورجال أقباط على بقاء السيدة/وفاء قسطنطين في حماية الدولة من أن تقع في قبضة من يقيد حريتها بغير سند من القانون، وتظاهروا في مقر الكاتدرائية بالعباسية، وألقوا حجارة على رجال الأمن فأصيب منهم (55) من بينهم خمسة ضباط، واعتُديَ بالضرب على الصحفي مصطفى سليمان، من صحيفة الأسبوع وانتُزِعَتَْ منه بطاقته الصحفية وآلة تصوير، واعتديَ بالتهديد على الصحفية نشوى الديب، من صحيفة العربي، ولولا حماية رجل قبطي، ذي مروءة، لها لكان نالها مثل ما نال زميلها. وقد نشرتْ تفاصيل مسألة وفاء قسطنطين منذ إسلامها إلى تسليمها جميع وسائل الإعلام المصرية، وكثير من وسائل الإعلام العربية والعالمية [كتابنا: للدين والوطن ص 207-275].

• وقد تزامن مع تسليم وفاء قسطنطين تسليم السيدة/ ماري عبد الله التي كانت زوجة لكاهن كنيسة بالزاوية الحمراء إلى الكنيسة، بعد أن أسلمت. وفي أعقاب هاتين الحادثتين المخزيتين سلمت إلى الكنيسة (مارس 2005) طبيبتي الامتياز ماريا مكرم جرجس بسخريوس، وتيريزا عياد إبراهيم في محافظة الفيوم وأعلن الأنبا أبرام وكيل مطرانية سمالوط أن الفتاتين «هما الآن تحت سيطرتنا» [المصدر السابق ص 277].

• وتبع هاتين الحادثتين تسليم بنات السيدة ثناء مسعد، التي كانت مسيحية وأسلمت ثم قتلت خطأ في حادث مرور، إلى زوجها المسيحي، بقرار من النيابة العامة ليس له سندٌ من صحيح القانون [التفاصيل في كتابنا سالف الذكر ص 258].

• كان تسليم المسْلِمات إلى الكنيسة، وإصرارها على ذلك، والمظاهرات العنيفة التي قامت في القاهرة والبحيرة والفيوم (وليتأمل القارئ كلام البابا شنودة لعبد اللطيف المناوي الذي يصطنع فيه تفرقة بين المظاهرات، التي يقوم بها المسلمون، والتجمعات الاحتجاجية التي يقوم بها الأقباط. ولمن شاء أن يسأل هل كان الاعتداء على رجال الشرطة، وجرح 55 منهم بينهم 5 ضباط، مجرد تجمع احتجاجي!!). كان ذلك التسليم هو بداية الاحتقان المستمر، حتى اليوم، بين الكنيسة من جانب وأهل الإسلام في مصر من جانب آخر.

• وهذا الاحتقان له سببه المشروع عند المسلمين. فذلك التسليم تم للمرة الأولى في تاريخ الإسلام (1444سنة)، لم يُسْبَقْ إليه شعب ولا دولة ولا حكومة. والقرآن الكريم ينهى عنه نهيًا قاطعًا {يا أيها الذين آمنوا إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات فامتحنوهن الله أعلم بإيمانهن فإن علمتموهن مؤمنات فلا ترجعوهن إلى الكفار لا هن حل لهم ولا هم يحلون لهن...} [الممتحنة:10].

• وقد طالب المسلمون، بألسنة مفكريهم وعلمائهم وأقلام كتابهم، بتصحيح هذه الأخطاء فلم يستمع إليهم أحد!! وأحدث هذا الإهمال لما يوجبه الدين تأثيره في جماهير المسلمين، وهو تأثير مستمر حتى اليوم، يزداد الشعور به كلما وقعت حادثة جديدة، أو أشيعت شائعة عن وقوعها، أو اتخذ موقف أو قيل كلام من جانب رجال الكنيسة يحرك حفيظة المسلمين.

فما يقوله البابا شنودة عن أن أصل المسألة هو موضوع كاميليا شحاتة كلام غير صحيح. إن أصل المسألة هو انتهاز الكنيسة فرصة ضعف الدولة بإزائها، وتغولها على النطاق المحفوظ بغير جدال لسلطاتها الرسمية، واتخاذها محابس لمن لا ترضى عنهم من الناس بغير سند من القانون، وبالمخالفة للدستور، مع سكوت الجهات المختصة في الدولة كافة على هذا السلوك العجيب. ويزداد الأمر شدة وصعوبة كلما ادعت الكنيسة على لسان قياداتها أن ما حدث، ويحدث، هو ممارسة لحقوقها وحماية لمن أسلمن ـ بزعم عودتهن عن هذا الإسلام ـ ممن قد يصيبهن بأذى!!

• لقد كان بيان هذا الأمر لازمًا لوضع الأمور في نصابها، ولتذكير الحَبر الجليل البابا شنودة الثالث بدور الكنيسة، تحت قيادته، في إحداث الاحتقانات المتتالية بين المسلمين وغير المسلمين. وقد كان آخر فصول هذا الدور هو تصريحات الأنبا بيشوي، ومن تبعه من الكهنة ذوي الرتب الكهنوتية الكبيرة والمتوسطة والصغيرة عن مسألة (ضيافة) الأقباط للمسلمين، وعن مسألة (الجزية) ثم تصريحات الأنبا بيشوي ـ التي نفى البابا شنودة علمه بها ـ عن تفسير آيات القرآن الكريم بما يوافق العقيدة المسيحية كما يعتنقها الأنبا بيشوي، وحديثه عما إذا كانت بعض آيات القرآن قد أضيفت في زمن متأخر في عهد الخليفة عثمان بن عفان .

* * * * *

• إن حياة المسلمين والمسيحيين على أرض مصر قدر لا فكاك منه لأحد الفريقين. والعمل من أجل تأكيد معاني العيش الواحد الذي يجمع بينهم في وطنهم الواحد، والتوعية بها، هو المخرج الوحيد من الفتن المتتالية التي نعاني منها منذ نحو أربعة عقود.

إن معنى العيش الواحد في الوطن الواحد أن يكون بين المختلفين، دينًا أو ملة أو طائفة أو أصلا عرقيًا أو هوية ثقافية، نوع احتمال لما لابد منه من الاختلاف بين الناس، ومعيار هذا الاحتمال الواجب أن ينزل كل طرف عن بعض حقه، الواجب له، رعاية لمرضاة أخيه في الوطن.

وفرق ما بين ذلك وما بين العيش المشترك الذي يضم المختلفين دينًا أو ملة أو طائفة أو أصلا عرقيًا أو هوية ثقافية ويعيشون في مناطق مختلفة من العالم، أن معيار التعامل في العيش المشترك هو الحقوق وحدها، تُطلب وتُؤدى على ما توجبه العقود أو الاتفاقات أو القوانين.

في العيش الواحد ليس بين الناس كرامات، وإنما بينهم أخوة وتعاون، ينزل هذا عن بعض ما يريد ويترك ذاك بعض ما يستحق، لأن الناس في العيش الواحد عائلة واحدة يحمل بعضها بعضًا، ويعين بعضها بعضًا، وينصر بعضها بعضًا. لكن في العيش المشترك يتقاسم الناس خيرات الأرض، وما خلق الله لهم فيها مما يسعهم جميعًا، فإذا زاحم أحدهم الآخر في حقه أو ملكه أو سيادته لم يقبل ذلك منه.

في العيش الواحد علاقات مودة وأخوة مصدرها قول الله تعالى: {لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلونكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين} [الممتحنة:8].

وفي العيش المشترك واجبات تؤدى وحقوق تُستأدى معيارها قول الله تبارك وتعالى: {هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعًا} [البقرة:29]، وقوله تعالى: {الله الذي سخر لكم البحر لتجري الفلك فيه بأمره ولتبتغوا من فضله ولعلكم تشكرون. وسخر لكم ما في السموات وما في الأرض جميعًا منه إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون} [الجاثية: 12-13].

* * * * *

• والذي ندعو إليه إخواننا المسلمين والأقباط جميعًا هو إدراك هذه الحقيقة الأزلية: أننا للعيش على أرض هذا الوطن الواحد خلقنا.

• وأن أحدًا منا لن يستطيع أن ينفي الآخر مهما كان له من القوة، أو ظن بنفسه من البأس، أو استشعر من مناصريه التصميم على ما يحرضونه عليه، أو يدفعونه إليه، أو يستحسنونه من قوله وفعله.

• والدين الحق حائل بين صاحبه وبين العدوان على غيره.

• والإمساك عن العدوان باللسان واجب كالإمساك عن العدوان بالسنان.

• والعود إلى داعي العقل أحمد.

• والعمل بموجب الرشد أسَدُّ.

• ومن نكث فإنما ينكث على نفسه، ومن أوفى بعهده فله الحسنيان، في الأولى والآخرة.

والله من وراء القصد.

الجمعة، 5 مارس 2010

المرأة والولاية العامة وولاية القضاء


د. حياة بنت سعيد با أخضر*
 
الحمد لله رب العالمين الذي خلقنا على نعمة الإسلام والحب فيه ولأجله، والصلاة والسلام على نبينا محمد الذي تركنا على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك.
لقد كثرت المقالات واللقاءات حول موضوع المرأة والدفاع عن قضاياها في أشكال عدة ومن الجنسين، وكل يدلي بدلوه ويطرح ما في جعبته من معلومات تتضارب أحياناً وتتشعب حتى تصل إلى حد التعصب الممقوت، والذي يدفع بصاحبه إلى المراء والرغبة في الانتصار للذات بليّ أعناق الأدلة واستدلالات العلماء، مما أوجد مناخاً خصباً لتفتيت الجهود وصرف الهمم عن الأَوْلى في وقت نحن أحوج ما نكون فيه إلى التمسك بديننا بقوة في الوقت الذي نرى أعداءنا مستمسكين بدينهم في حربنا فأشعلوا همم شعوبهم شيباً وشباباً بأرواحهم وأموالهم.
وكامرأة مسلمة تعتز دائماً وأبداً بخصائصها التي ميزها الخالق الحكيم بها عن باقي نساء العالمين خاصة وعن الرجال عامة، وإنني كامرأة مسلمة تفتخر بأنها ولدت وتربت وتنتسب لهذه البلاد المباركة مهبط الوحي والموطن الذي احتضن السلفية ومجددها، ووقف حكامها دائماً معه ومع علماء هذه الدعوة المباركة والمنهج الصحيح، أكتب هذه الورقات لا أخص بها أحداً بعينه بل أبتغي بها أن تقف على الحق الذي يسعى إليه الجميع من خلال قضية المرأة التي أنا وغيري من الغيورات على الدين أولى من يطرحها مع تقديري التام لكل علمائنا ودعاتنا الأفاضل الذين نافحوا وما زالوا عن المرأة المسلمة التي يريدها الله تعالى ورسوله –صلى الله عليه وسلم- وأتمنى ممن سيقرأ ورقاتي أن يعلم بل يتيقن أنني أقف من المسلم المخالف موقف الائتلاف الواجب بين المسلمين وأدعو الله له ولنفسي ولكافة المسلمين أن يرينا الحق حقاً ويرزقنا اتباعه ويرينا الباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه، وأن من أسس مذهب أهل السنة والجماعة أنهم يُخطَّئون ولا يُكفَّرون، ويرحمون المخطئ ولا يستخفون أو يشتمون به.
وسأجعل كلامي مرتباً على تمهيد ومقدمة وتفصيل، فأقول وبالله التوفيق:
أولاًالتمهيد: من المعلوم بداهة لدى كل المتابعين لأحداث العالم من حولنا أن هناك قضيتين أساسيتين هما قطبا الرحى التي يدور حولها أعداؤنا لتجفيف منابع الإسلام وإبقائه صورة لا حقيقة لها في واقع الحياة
وهما: دعوى القضاء على الإرهاب، ومن خلاله يتم تمييع المناهج والمؤسسات الدعوية والثوابت الدينية.
 والقضية الثانيةالمرأة، وقد انتهوا تقريباً من جميع النساء المسلمات، وبقيت نساء بلادنا الطاهرة، فطفقوا يشعلون حولها نيران وأبواق دعاوى سابقة أشعلت من قبل في ديار مسلمة فأحالت نساءها رماداً احترق من شدة احتكاكه بشياطين الإنس والجن، إنها دعاوى ظاهرها الرحمة وباطنها العذاب، فهم يرددون ذات الدعاوى التي طرحها الغربيون على قاسم أمين وأمثاله، والتي ترجموها إلى لغات عدة من رفع الظلم عن المرأة وأنها مهضومة الحقوق مغيبة عن التنمية الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والإعلامية، ومناقشة قضايا شرعية حُسمت من قبل كبار العلماء وجمهورهم على مر العصور الإسلامية كوجوب تغطية الوجه وعدم سفر المرأة إلا بمحرم وحرمة الاختلاط بين الجنسين... وغيرها من القضايا.
وها نحن نقرأ ونسمع من يدعو وبقوة لفتح باب الفتن والرسول –صلى الله عليه وسلم- يقول:
((تعوذوا من الفتن ما ظهر منها وما بطن)).
لنقرأ معاً مقاطع من كتابات قاسم أمين ولننظر كيف تطابقت مع كتابات المعاصرين.
يقول في كتابه تحرير المرأة: (هل يظن المصريون أن رجال أوروبا مع أنهم بلغوا من كمال العقل والشعور مبلغاً مكنهم من اكتشاف قوة البخار والكهرباء واستخدامها على ما نشاهده بأعيننا، وأن تلك النفوس التي تخاطر كل يوم بحياتها في طلب العلم والمعاني، وتفضل الشرف على لذة الحياة هل يظنون أن تلك العقول وتلك النفوس التي نعجب بآثارها يمكن أن يغيب عنها معرفة الوسائل لصيانة المرأة وحفظ عفتها؟ هل يظنون أن أولئك القوم يتركون الحجاب بعد تمكنه عندهم لو رأوا خيراً؟ كلا، وإنما الإفراط في الحجاب من الوسائل التي تبادر عقول السذج، وتركن إليها نفوسهم، ولكنها يمجها كل عقل مهذب وكل شعور رقيق... متى ما تهذّب العقل ورقَّ الشعور في الرجل عرف أن الحجاب إعدام لشخصها فلا تسمح له نفسه بعد ذلك أن يرتكب هذه الجريمة توسلاً إلى راحة بال واطمئنان قلب).
ويقول في كتابه المرأة الجديدة: (لو لم يكن في الحجاب عيب إلا أنه مناف للحرية الإنسانية لكفى وحده في مقته، وفي أنه ينفر منه كل طبع غرز فيه الميل إلى احترام الحقوق والشعور بلذة الحرية، ولكن الضرر الأعظم للحجاب -فوق ما سبق- هو أنه يحول بين المرأة واستكمال تربيتها).
ويقول في موضع آخر من كتابه: (أما الحجاب فضرره أنه يحرم المرأة من حريتها الفطرية"،ويقول: "بلغ من أمر احترام الرجل الغربي لحرية المرأة أن بنات في سن العشرين يتركن عائلاتهن ويسافرن من أمريكا إلى أبعد مكان في الأرض وحدهن أو مع خادمة، ويقضين الشهور والأعوام متغيبات في السياحة متنقلات من بلد إلى آخر، ولم يخطر على بال أحد من أقاربهن أن وحدتهن تعرضهن إلى خطر ما... أول جيل تظهر فيه حرية المرأة تكثر الشكوى منها، ويظن الناس أن بلاء عظيماً قد حل بهم؛ لأن المرأة تكون في دور التمرين على الحرية ثم مع مرور الزمن تتعود المرأة على استعمال حريتها وتشعر بواجباتها شيئاً فشيئاً وترقى ملكاتها العقلية والأدبية وكلما ظهر عيب في أخلاقها يداوى بالتربية حتى تصير إنساناً شاعراً بنفسه)، بل يقول: (بل الكل متفقون على أن حجاب النساء هو سبب انحطاط الشرق، وأن عدم الحجاب هو السر في تقدم الغرب... توجد وسيلة تخرجكم من الحالة السيئة التي تشتكون منها، وتصعد بكم إلى أعلى مراتب المدن كما تشتهون وفوق ما تشتهون ألا وهي تحرير نسائكم من قيود الجهل والحجاب).
 ويقول في مسألة تربية المرأة: (لا تجد من الصواب أن تنقص تربية المرأة عن تربية الرجل أما من جهة التربية الجسمية فلأن المرأة محتاجة إلى الصحة كالرجل، فيجب أن تتعود على الرياضة كما تفعل النساء الغربيات اللائي يشاركن أقاربهن الرجال في أغلب الرياضات البدنية، ويلزم أن تعتاد على ذلك من أول نشأتها وتستمر عليه من غير انقطاع، وإلا ضعفت صحتها وصارت عرضة للأمراض). [ثم نجده وبعد عدة أسطر يناقض نفسه لما يذكر تميز المرأة الريفية على المرأة المدنية، لأن المرأة الريفية متعودة على العمل البدني وتتعرض لأشعة الشمس والهواء النقي إذن لا دخل للرياضة في تفوقها].
ونجده يواصل حربه على دين الله –تعالى- فيقول عن أساليب تربية المرأة التي يلزم اتخاذها للمرأة: "ولابد هنا من استلفات النظر إلى وجوب الاعتناء بتربية الذوق عند المرأة وتنمية الميل في نفسها إلى الفنون الجميلة، وإني على يقين من أغلب القراء لا يستحسنون أن تتعلم بناتهم الموسيقى والرسم؛ لأن منهم من يعدها من الملاهي التي تنافي الحشمة والوقار، أو أنها لا فائدة منها، وقد ترتب على هذا الوهم الفاسد انحطاط درجة هذه الفنون في بلادنا إلى حد يأسف عليه كل من عرف مالها من الفائدة في ترقية أحوال الأمم".
هذا ما قاله كبيرهم الذي علمهم السحر، وهو قول متناقض متهافت لدى كل ذي بصيرة ولا أدل على ذلك من منعه زوجته من ممارسة كل ما سبق.
هذا هو كلام من ينفخ في نار هذه الفتن صباح مساء، بدلاً من إيضاح الضوابط الشرعية للرجال، وإقامة العقوبات الربانية على المقصرين منهم. والكلام في هذا يطول ولكن أختم هذا التمهيد بالدعوة إلى التبصر عامة والفقه لواقعنا والعلم التام بما يدور في العلن من خطط لسحق ثوابتنا نحو المرأة، والتي منها الحجاب الصحيح الذي ارتضته أمهات المؤمنين والصحابيات القائم على الفقه الحقيقي لنصوصه الصحيحة، ولو سمعتم مدى الغبطة التي تشعرها الطالبات الوافدات بجامعة أم القرى نحو النعم التي امتن الكريم –سبحانه- بها علينا والتي منها نعمة يسر الالتزام بالحجاب الصحيح بدون أي عقبات لتمسكت نساؤنا بحجابهن ودينهن.
إننا أمام ملامح حرب جديدة على المرأة المسلمة لتفكيك البنية الأساسية للمجتمع، فالمرأة هي نصف المجتمع وتلد وتربي النصف الآخر، فهي للمجتمع كله بل هو مخطط لتدمير الأسرة عامة والمسلمة على وجه الخصوص، من خلال ادعاء حقوق المرأة والطفل وحتمية الصراع بين الرجل والمرأة، وكم من المصائب ترتكب باسمك يا حقوق المرأة!
ثانياً: المقدمة: وسأتناول فيها موضوعين:
الموضوع الأول: التعالم:
يقول الإمام الشافعي –رحمه الله-: "فالواجب على العالمين ألا يقولوا إلا من حيث علموا، وقد تكلم في العلم من لو أمسك عن بعض ما تكلم فيه منه لكان الإمساك أولى به وأقرب من السلامة -إن شاء الله- .
وقال ابن عبد البر –رحمه الله- (لو سكت من لا يعلم لسقط الخلاف).
والمتعالم إنما هو ضعف ظاهر ودعوى عريضة؛ لأن من تكلم في غير فنه أتى بالعجائب، وإذا كثر الملاحون غرقت السفينة، والحجر لاستصلاح الأديان أولى من الحجر لاستصلاح الأموال والأبدان، فإن التعالم في الفتوى هي القاصمة لقوة الدين، ومن أفسدها تفسير كتاب الله وشرح السنة بلا زاد الفقه بأقوال الصحابة واللغة العربية وقواعد العلم بالصحيح من الضعيف، وغير ذلك مما هو معلوم بالضرورة لدى الحاذقين بهذه العلوم، قال ابن القيم –رحمه الله- قال بعض العلماء: (قل من يتجاسر على الفتيا وسابق إليها وثابر عليها إلا قل توفيقه واضطرب في أمره) ودخل رجل على ربيعة –رحمه الله- فوجده يبكي، فقال: ما يبكيك؟ أمصيبة دخلت عليك؟ وارتاع لبكائه، فقال: (لا ولكن استفتي من لا علم عنده، وظهر في الإسلام أمر عظيم)، وقال: (ولبعض من يفتي هاهنا أحق بالحبس من السراق) فكيف لو رأى ربيعة زماننا وتجرؤ الكثيرين على الفتيا بغير علم من الرجال والنساء، حتى تبارت الصحف والقنوات في عرض صنائع المتعالمين ويكفينا قول الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود –رضي الله عنه- "لا يزال الناس بخير ما أخذوا العلم من أكابرهم، فإذا أخذوه عن أصاغرهم وشرارهم هلكوا".
وخلاصة القول: إن التعالم هو عتبة الدخول على القول على الله تعالى بلا علم، والقول على الله تعالى بلا علم هو أصل الشرك والكفران، وأساس البدع والعصيان، وما هو أغلظ منها ومن جميع الفواحش والآثام والبغي والعدوان، والدليل قوله تعالى في سورة الأعراف "قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحق وأن تشركوا بالله مالم ينزل به سلطاناً وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون" يقول ابن قيم الجوزية –رحمه الله- في التعليق على الآية في كتابه: أعلام الموقعين (ج1ص31).
فرتب الله تعالى المحرمات على أربع مراتب، وبدأ بأسهلها وهو الفواحش، ثم ثنى بما هو أشد تحريماً منه وهو الإثم والظلم، ثم ثلث بما هو أعظم تحريماً منهما وهو الشرك به سبحانه، ثم ربع بما هو أشد تحريماً من ذلك كله وهو القول عليه بلا علم، وهذا يعم القول عليه بلا علم في أسمائه وصفاته وأفعاله وفي دينه وشرعه.
الموضوع الثاني: تتبع زلات العلماء وإظهارها على أنها أصل مذهبهم ومعتمده، وترك باقي علمهم مع عدم التحقق من نسبة هذه الأقوال لهم، أو فهمها على الوجه الذي أرادوه من هوادم الدين، فقد قال –صلى الله عليه وسلم- "أخاف على أمتي ثلاثاً: زلة عالم وجدال منافق بالقرآن والتكذيب بالقدر" ورحم الله الإمام الصنعاني لما قال: "وليس لأحد من أفراد العلماء إلا وله نادرة ينبغي أن تغمر في جنب فضله وتجتنب"، وقال أبو هلال العسكري: "ولا يضع من العالم الذي برع في علمه زلة إن كان على سبيل السهو والإغفال، فإنه لم يعف من الخطأ إلا من عصمه الله جل ذكره، وليتنا أدركنا بعض صوابهم أو كنا ممن يميز خطأهم".
ثالثاً: التفصيل: في قضية ولاية المرأة للولاية العامة أو القضاء، فأقول وبالله التوفيق:
أولاً: المناداة بأن للمرأة حقوقاً سياسية يعني أنها حُرمت منها وأخذت ظلماً وأن ذلك الظلم عليها مطرد منذ عهد الرسول –صلى الله عليه وسلم- فداه أبي وأمي وحاشاه عن الظلم –والصحابة –رضي الله عنهم- حاشاهم ذلك- ومن جاء بعدهم، حيث لم تتقلد المرأة أي منصب قيادي في كل الأزمنة الماضية، فهل يقول عاقل بذلك، وهل أهل هذا العصر من المسلمين وغيرهم أكثر عدلاً وإنصافاً ممن سبقهم؟ فلا يجوز بالتالي تأثيم الأمة بأنها مقصرة في حق المرأة.
ثانياً: حديث الرسول –صلى الله عليه وسلم- صحيح البخاري (لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة) ففي هذا الحديث ورد لفظ (قوم) و(امرأة) بصيغة العموم؛ ليدخل فيهما كل قوم ولو أمرهم امرأة، فهو عام يشمل كل الأقوام. ولم يثبت قط أن النبي –صلى الله عليه وسلم- ولى امرأة واحدة في أي ولاية، ولا أمر بأن تولى أي ولاية ولو في مستقبل الزمان.
ثالثاً: إذا كنتم تريدون إخراج المرأة لتعمل رئيسة دولة وقاضية وسائقة للسيارة ومهندسة وفي كل مجالات الرجل، فماذا بقي للرجال ليقوموا به وليحققوا القوامة الفطرية على نسائهم؟ أو ماذا بقي لنا معشر النساء من حقيقتنا الفطرية؟ فنحن نتحمل الحمل والولادة والرضاعة والاهتمام بشئون الأسرة، فإذا كنا سنخرج لكل الأعمال فمن سيرعى شئون المنزل؟ الرجال أم الخادمات؟!
رابعاًلا يصح القياس على حال النساء غير المتزوجات بأنهن لا مسؤوليات لديهن كالمتزوجات؛لأن هذا قياس على غير الأصل، ثم إن المسلمة غير المتزوجة مأمورة بالقرار في بيتها وبالعناية بوالديها إن كانا على قيد الحياة، أو الانشغال بطلب العلم النافع من قرآن وتفسير وحديث وفقه وتوحيد وسيرة، أو القيام على شئون الأيتام والأرامل في مدينتها في حدود استطاعتها بدون أن تكلف نفسها ما لا تطيق.
خامساً: دلت الإحصائيات على أن عدد النساء اللاتي تمكن من شغل منصب الولاية العامة كالرئاسة والمحافظة والنيابة العامة وقيادة الشرطة والمصانع والشركات في المجتمعات التي تمنح لهن هذا الحق وتضعهن على قدم المساواة مع الرجال يبدو ضئيلاً مقارنة بالرجال مع أن النسبة السكانية للنساء أكثر من الرجال فتكاد النسبة لا تزيد عن 1%، أما في الوزراء والمحافظين فلا تزيد على 5%، ورواتب النساء العاملات في هذه الدول أقل من رواتب الرجال، ولا يمكن أن نعزو هذا إلى القوانين والتربية، فإن القوانين والتربية في تلك البلاد لا تقيم اعتباراً لاختلاف الجنسين إنما يرجع السبب إلى الاختلاف الفطري بين الرجال والنساء والذي يتجاهله الكثير اتباعاً للأهواء أو مكابرة للفطرة التي أرغمتهم على التسليم بحقائقها ثم حتى النساء اللاتي تقلدن الحكم فإن حكمهن صوري فهن يملكن ولا يحكمن بل إن بعضهن وفي أثناء حكمها ظهر ضعفها الأنثوي الفطري لما ضاع ولدها في صحراء الجزائر أخذت تبكي، وأوقفت عملها لحين العثور عليه، والأخرى رئيسة الدولة لما تم القضاء على الانقلاب العسكري عليها خرجت من تحت السرير وأول ما طلبته إصلاح هندامها وشعرها لتظهر أمام الصحفيين، وهذا كله أوردته وسائل الإعلام.
سادساً: لا ينبغي طلب ولاية القضاء لما في ذلك من الخطر العظيم من أن يخطئ القاضي في الحكم فيكون في النار –نعوذ بالله- فقد ورد في الحديث: "القضاة ثلاثة اثنان في النار وواحد في الجنة" فإذا كان هذا حال القضاء فلماذا نقاتل للحصول عليه ألا تكفينا ذنوبنا؟
سابعاً الرد على شبهاتهم:
(1) النقل غير الصحيح لأقوال العلماء، يقول الشيخ الجليل بكر أبو زيد –شفاه الله- في كتابه القيم (التعالم): كما يُزجر عن الفتوى بالشاذ فكذلك يُزجر عن الأقاويل المغلوطة على الأئمة لعدم صحة النقل أو انقلاب الفهم، ومن أمثلة ذلك:
* شهرة النسبة إلى مذهب الإمام أبي حنيفة –رحمه الله تعالى- من القول بجواز تولي المرأة القضاء في غير الحدود، وهذا غلط عليه في مذهبه وصحة قوله: أن الإمام إذا ولى المرأة القضاء أثم ونفذ قضاؤها إلا في الحدود والقصاص فأصل التولية عنده المنع.
وقوله هذا إنما قيل على باب الافتراض والنظرية، وما أكثر ذلك في كتب الفقه ولم تطبق على أرض الواقع أبداً لا في عهد من سبقهم من العهود الزاهرة ولا في عهد المؤلف أو من جاء بعده.
وتفصيل مذهب الأحناف أنهم انقسموا في هذه المسألة إلى ثلاث فرق:
الفرقة الأولى: ترى أن المرأة لا يجوز لها أن تتولى القضاء مطلقاً، وإلى هذا ذهب زفر بن الهذيل وهو بذلك يوافق الجمهور.
الفرقة الثانية: ترى أن المرأة يجوز لها أن تتولى القضاء ابتداء فيما تجوز شهادتها فيه وهو ما عدا الحدود والقصاص وإليه ذهب بعض الحنفية.
الفرقة الثالثة: ترى أن المرأة لا يجوز لها أن تتولى القضاء ابتداء وأن الذكورة شرط في القاضي، لكنها إن وليت ممن له السلطة أو حكمها شخصان في نزاع بينهما فحكمت نفذ قضاؤها ضرورة وأثم مُوَلِّيهَا.
وهذا هو المذهب عند الحنفية الذي نصت عليه كتبهم المعتمدة في تأثيم مولي المرأة القضاء ولا إثم إلا بارتكاب المحظور.
 ومما يدل على ذلك أن قاضي القضاء في أكثر العصور حنفياً، وكان إليه تقليد القضاة في جميع أنحاء البلاد الإسلامية، ولم يؤثر عنه أنه قلد امرأة قط منصب القضاء.
* أما ما نقل عن ابن جرير الطبري في جواز تولي المرأة القضاء فموضوع، ولم يصح ذلك عنه خاصة، ولم يرو ذلك عنه بسند من الأسانيد، ومذهب الطبري مندثر لم يكتب له البقاء ولم يدونه عنه تلاميذه، وفي تفسيره المتواجد بين أيدينا لم نجد قوله المنسوب إليه كما أن كتبه في الفقه لم يُعثر عليها.
1- يقول المفسر الإمام ابن العربي –468-543 في تفسيره (أحكام القرآن م/3/ص/1457) [ونقل عن محمد بن جرير الطبري وإمام الدين أنه يجوز أن تكون المرأة، قاضية ولم يصح ذلك عنه، ولعله كما نقل عن أبي حنيفة أنها إنما تقضي فيما تشهد فيه المرأة وليس بأن تكون قاضية على الإطلاق، ولا بأن يكتب لها منشور بأن فلانة مقدمة في الحكم إلا في الدماء والنكاح، وإنما ذلك كسبيل التحكيم أو الاستبانة في القضية الواحدة، بدليل قوله –صلى الله عليه وسلم- "لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة" وهذا هو الظن بأبي حنيفة وابن جرير.
2- جزم بعدم صحة ذلك لابن جرير الطبري المفسر القرطبي –رحمه الله- حيث قال: ونقل عن محمد بن جرير الطبري أنه يجوز أن تكون المرأة قاضية، ولم يصح عنه ذلك.
3- إن صاحب الرأي دائماً ينافح عنه ويقدم عليه الأدلة كلما ناسبته الفرصة لذلك، وقد ناسب ذلك ابن جرير –رحمه الله- العديد من الفرص سواء في تفسيره أو في تاريخه لما تكلم عن قصة سليمان –عليه السلام- وعن توليه ابنة كسرى لما مات أبوها ولما ذكر حديث "لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة" ورغم ذلك لم يشر لولاية المرأة للقضاء أو عدمها كما هي عادة العلماء.
وخلاصة ما سبق أن الخلاف بين الفقهاء حول تولية المرأة القضاء لم يتعد مجرد إبداء الرأي، فلم يرشدنا تاريخ القضاء الإسلامي من عهد النبي –صلى الله عليه وسلم- حتى نهاية الخلافة العثمانية أن المرأة تقلدت ولاية.
(2) الاعتماد على قصة تعيين عمر –رضي الله عنه- للشفاء –رضي الله عنها- محتسبة في السوق:
1- ابن حزم –رحمه الله- لما ذكر الرواية في كتابه المحلى لم يسندها على خلاف صنيعه وذكرها بصيغه التمريض (رُوي) وهذا يدل على عدم صحتها، ثم إنه من العجب أن يستدل ابن حزم بفعل عمر –رضي الله عنه- مع أنه ينفي حجية رأي الصحابي، وأعجب من هذا أنه يستأنس بقول أبي حنيفة مع أنه أوسعه في غير هذا الموضع تشنيعاً وتجريحاً، والأعجب أنه يرى أن المرأة لا تزوج نفسها ولا غيرها، ثم يرى جواز تقليدها القضاء لتزوج غيرها بمقتضى ولاية القضاء.
انظر الاختصاص القضائي د. ناصر الغامدي.
2- يقول ابن العربي –رحمه الله- وقد رُوي أن عمر –رضي الله عنه- قدم امرأة على حسبة السوق ولم يصح، فلا تلتفتوا إليه فإنما هو من دسائس المبتدعة في الحديث.
3- الأثر المروي عن الشفاء –رضي الله عنها- ذكره ابن الجوزي في تاريخ عمر وابن عبد البر في الاستيعاب وتبعه ابن حجر في الإصابة كلهم بدون إسناد ولا عزو لأحد ولم يذكره ابن سعد في ترجمتها ولا ابن الأثير في أسد الغابة ولا الطبراني في المعجم الكبير، كما أنه ورد بصيغة التمريض كما أسلفت (رُوي).
4- لا تقبل هذه الرواية لأن عمر –رضي الله عنه- المعروف بغيرته على الإسلام والمسلمين وخاصة النساء، فكيف يولي امرأة ولاية تدعوها إلى الاختلاط مع الرجال ومزاحمتهم.
(3) الاحتجاج بقصة بلقيس ملكة سبأ، والرد على ذلك بالآتي:
1- أن الهدهد وهو طير استنكر من شأنها وقومها أمرين عظيمين: كون امرأة تملكهم، وكونهم يعبدون الشمس من دون الله؛ ولذلك عمل سليمان –عليه السلام- على إزالة هذين المنكرين العظيمين جميعاً، ولو كان متولي أمرهم رجلاً لأمرهم بالإسلام فقط وأقرهم على ملكهم إن أسلموا، وقد كان هذا في شريعته وشريعة نبينا محمد –صلى الله عليه وسلم- وسليمان –عليه السلام- لم يكن ليقر امرأة لو أسلمت ملكة على قومها؛ لأن هذا مخالف لأمر الله وحكمه لذلك دعاها وقومها إلى الإسلام وأن تأتي بنفسها مع قومها متجردة من ملكها قبل أن يرسل إليها من يخرجها وقومها، ولما علم بإعلام الله تعالى له بأنهم سيأتون إليه مسلمين نقل عرشها إليه لينهي وجود هذا المنكر، ولو لم يكن هذا منكراً لما حل له أن يأخذ عرشها غنيمة وهي مسلمة، كيف والغنائم لم تحل إلا لأمة محمد –صلى الله عليه وسلم-.
2- هل كان في القرآن إقرار لتملكها وترؤسها؟ لا بل إن هدهداً مؤمناً مع سليمان –عليه السلام- استنكر ملكها على قومها قبل أن يستنكر كفرها وسجودها للشمس، فقال لسليمان –عليه السلام- "وجئتك من سبأ بنبأ يقين إني وجدت امرأة تملكهم وأوتيت من كل شيء ولها عرش عظيم وجدتها وقومها يسجدون للشمس من دون الله وزين لهم الشيطان أعمالهم فصدهم عن السبيل فهم لا يهتدون" (النمل:22-24) فالعجب أن يتخذ هذا الدليل الصريح من القرآن على منع المرأة من الولاية العامة دليلاً عند المعاصرين على جواز أن تكون المرأة ملكة وأن تولى ولاية عامة.
3- كيف نتخذ من شرائع الكفار دليلاً في ديننا الخاتم؟! وهذا السؤال موجه لمن اتخذ من حكم بلقيس -وهي على الكفر- دليلاً ولم يتخذ من فعلها بعد إسلامها وهو ترك الحكم دليلاً.
(4) الاستدلال بخروج أم المؤمنين عائشة –رضي الله عنها- في موقعة الجمل: وبيان ذلك:
1- نقول لهؤلاء هل اقتديتم بأم المؤمنين في حجابها وحرصها على طلب العلم والعمل بالإسلام في كل حياتها والبعد عن مواطن الرجال وهي أمهم التي لا يحل لهم الزواج بها أبداً؟ فقد ورد في صحيح البخاري –رحمه الله- كتاب الحج أنها كانت –رضي الله عنها- تطوف معتزلة عن الرجال فدعتها امرأة إلى استلام الركن فأبت.
بل هي زجرت بشدة مولاة لها لما أخبرتها أنها استلمت الحجر الأسود مرتين أو ثلاثاً أثناء الطواف، فقالت لها: لا آجرك الله، لا آجرك الله، أتدافعين الرجال ألا كبرت ومررت؟ بل هي –رضي الله عنها- من أنكرت على المرأة التي تشبهت بالرجال بلبسها النعلين، فقالت: لعن رسول الله الرَّجلة من النساء.
فبعد كل هذا الإنكار يقول من يقول: إنها –رضي الله عنها- قد خرجت في أمور سياسية تؤدي إلى اختلاطها بالرجال؟!
2- أن عائشة –رضي الله عنها- لم تخرج ملكة ولا أميرة ولا متولية شئون هذه الجماعة وكان هؤلاء الصحابة قد بايعوا علياً –رضي الله عنه- بالخلافة، ولم يدعُ إلى خلافة أو ولاية غير ولاية أمير المؤمنين علي –رضي الله عنه- وقد عمد الزبير وطلحة –رضي الله عنهما- إلى إخراج أم المؤمنين –رضي الله عنها- لعله أن يسمع لها الناس، فهي أمهم والتي توفي عنها الرسول –صلى الله عليه وسلم- وهو راضٍ عنها، بل هي أحب الناس إليه فقد توفي ورأسه الشريفة بين حجرها ونحرها، وقد ظنا –رضي الله عنهما- أن الجميع سيسمع كلامهما وتجتمع الأمة ولا تتفرق، فقد كانت كما وصفها علي –رضي الله عنه- [أطوع الناس في الناس] ولكن كان ما لم يكن في الحسبان، وهو إشعال قتلة عثمان الحرب بين الفريقين حتى لا يصطلحا على قتلهم، فإذن لم يكن خروجها –رضي الله عنها- قط متولية شئون المسلمين، وإنما كان خروجها معنوياً لمنزلتها ومكانتها بين الجميع، ثم هي قد ندمت على خروجها.
(5) الاستدلال بشجرة الدر وغيرها من النساء
1- هذا من أقبح الأدلة؛ فإن الحجة الشرعية في كتاب الله تعالى وسنة رسوله –صلى الله عليه وسلم- الصحيحة وفعل الصحابة والخلفاء الراشدين –رضي الله عنهم- وإجماع الأمة، وليس الاستدلال بالأعمال الخاطئة في القرون المتأخرة.
2- أما أروى الصليحية فهي من أتباع المذهب الباطني الفاطمي، وزوجها قد كان في الأصل سنياً ثم تشيع على يد أحد أتباع الدولة الفاطمية التي كانت تسيطر على مصر وغيرها، فكيف تكون قدوة هي أو غيرها؟!
3- أما شجرة الدر أم خليل التركية فقصتها معلومة، فهي في الأصل كانت مملوكة محظية للملك الصالح نجم الدين أيوب –رحمه الله تعالى- وكانت لا تفارقه سفراً ولا حضراً من شدة محبته لها، ومات ولدها منه وهو صغير، وبعد مقتل ابنه توران شاه على أيدي المماليك بعد شهرين من توليه الحكم تولت الديار المصرية مدة ثلاثة أشهر، فكان يخطب لها وتضرب السكة باسمها، وقد تزوجت عز الدين التركماني وصار هو الملك، ولما علمت أنه يريد الزواج عليها بابنة صاحب الموصل أمرت جواريها أن يمسكنه لها فما زالت تضربه بقباقيبها والجواري يعركن في بطنه حتى مات وهو كذلك، ولما سمع مماليكه أقبلوا بصحبة مملوكه الأكبر سيف الدين قطز فقتلوها وألقوها على مزبلة. انظر البداية والنهاية/م/13/ص/208-209 فامرأة مثل هذه تتخذ قدوة لنا؟!
4- الاعتماد على كتب الأعلام التي تذكر الجميع بدون نقد وتمحيص لا يعد دليلاً، فهذه الكتب لا تحل حراماً أبداً.
(6) الاستدلال بما حدث في مصر وهو تولي المرأة القضاء.
1- والصحيح أنها فقط تولت وظيفة إدارية، ولم تقف على منصة قضاء أو تتولى ذلك بأي صورة.
2- رئاسة المرأة للحكم في مصر مرفوضة باتفاق عقلاء مصر -حرسها الله تعالى- فقد صرح المستشار د. البيومي محمد البيومي نائب رئيس مجلس الدولة بأنه في ضوء المادة الثانية من الدستور القائمة على الإسلام هو الدين الرسمي للدولة فإنه لابد أن يكون المرشح لرئاسة الدولة ذكراً؛ لأن المرأة بإجماع الفقهاء قديمهم وحديثهم لا تصلح للإمامة العظمى قديماً أو رئاسة الدولة حديثاً. وما قلناه ينطبق على منصب نائب رئيس الدولة.
3- القانون المصري يسير على عدم تولي المرأة القضاء [سواء الإداري أو العادي] فهذه المهمة قاصرة على الرجال فقط، كذلك لا تتولى مهمة النيابة العامة؛ لأنها تعتبر من الهيئات القضائية.
انظر تولية المرأة القضاء شرعاً وقانوناً. د. كامل شطيب الرأوي.
(7) الاستدلال ببعض الدول الإسلامية في تولي نسائها رئاسة دولهن ، والرد على ذلك:
1- أن هذه الدول بعضها يعلن صراحة أنها علمانية فلا دين رسمي لها، فكيف نتخذ أمثال هؤلاء قدوة لنا؟ ثم هؤلاء النسوة مخالفات للهدي النبوي، فهل نتبع أهل العصور الحاضرة أم نتبع ما كان عليه الرسول –صلى الله عليه وسلم- وصحابته الكرام؟!
2- لا يجوز الاستدلال بالواقع الذي تعيشه الأمة الإسلامية في زماننا؛ لأن أمر تولية المرأة قد حدث في غياب الإسلام عن واقع المجتمعات وعدم استفتاء العلماء الراسخين في العلم.
3- الفيصل في هذا الأمر الشرعي لا يكون في الإتيان بأمثلة من أناس مخالفين للهدي النبوي.
(8) الاستدلال بأن المرأة يصح أن تكون مفتية وتؤخذ عنها الفتوى:
قضية أن المرأة يصح أن تكون مفتية لا يردها عاقل، وهي تستطيع أن تفعل ذلك وهي في بيتها بدون خروج أو اختلاط بالرجال، وفرق بين الإفتاء وبين الخروج للقضاء الذي يقتضي الاختلاط والاستماع للخصوم ووضع مساعدين، والتعرف على ما يحدث في الخارج والسفر وغير ذلك.
والإفتاء ليس من باب الولايات؛ لأنه إخبار عن حكم شرعي ولا إلزام فيه .. أما القضاء فهو إخبار مع إلزام.
ثامناً: السبب في كل هذا التخبط هو الميل إلى ما عند غيرنا من الأمم الأخرى، والتشبه بهم، يقول شيخ الإسلام ابن تيمية –رحمه الله-: [إن المشاركة في الهدي الظاهر تورث تشابها وتشاكلاً بين المتشابهين يقود إلى موافقة ما في الأخلاق والأعمال وهذا أمر محسوس، فإن اللابس لثياب أهل العلم مثلاً يجد نفسه في نوع انضمام إليهم، واللابس لثياب الجند المقاتلة يجد نفسه في نوع تخلق بأخلاقهم، ويصير طبعهم متقاضياً لذلك...
إن المشابهة في الظاهر تورث نوع مودة ومحبة وموالاة في الباطن، كما أن المحبة في الباطن تورث المشابهة في الظاهر، وهذا أمر يشهد له الحس والتجربة.... فالمشابهة في الأمور الظاهرة توجب مشابهة في الأمور الباطنة على وجه المسارقة والتدريج الخفي...والمشاركة في الهدي الظاهر توجب أيضاً مناسبة وائتلافاً وإن بعد المكان والزمان فمشابهتهم –يقصد اليهود والنصارى- في الظاهر سبب ومظنة لمشابهتهم في عين الأخلاق والأفعال المذمومة بل في الاعتقادات. ثم يضرب مثالاً من واقع الناس، فيقول: لو اجتمع رجلان في سفر أو في بلد غريب وكانت بينهما مشابهة في العمامة أو في الثياب أو الشعر أو المركوب ونحو ذلك لكان بينهما من الائتلاف أكثر مما بين غيرهما، وكذلك تجد في أرباب الصناعات الدنيوية يألف بعضهم بعضا ما يألفون غيرهم حتى أن ذلك يكون مع المعاداة والمحاربة... ثم يقول: فإذا كانت المشابهة في أمور دنيوية تورث المحبة والموالاة فكيف بالمشابهة في أمور دينية؟ فإن إفضاءها إلى نوع من المولاة أكثر وأشد، والمحبة والموالاة لهم تنافي الإيمان] كتاب اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم تحقيق د. ناصر العقل /1/ص79/488-489.
الخاتمة :
وأختم ما سبق بأقوال للإمام ابن قيم الجوزية –رحمه الله- يقول في كتابه الفوائد: طالب الله والدار الآخرة لا يستقيم له سيرة إلا بحبسين: حبس قلبه في طلبه ومطلوبه، وحبسه عن الالتفات إلى غيره، وحبس لسانه عما لا يفيد وحبسه عن ذكر الله وما يزيد في إيمانه ومعرفته، وحبس جوارحه عن المعاصي والشهوات وحبسها على الواجبات والمندوبات، فلا يفارق الحبس حتى يلقى ربه فيخلصه من السجن إلى أوسع فضاء وأطيبه. ومتى لم يصبر على هذين الحبسين وفر منهما إلى قضاء الشهوات أعقبه ذلك الحبس الفظيع عند خروجه من الدنيا، فكل خارج من الدنيا إما متخلص من الحبس وإما ذاهب إلى الحبس.
وقال: عشرة لا ينتفع بها، وذكر منها: وفكر يجول فيما لا ينفع.
وكما قلت في البداية ما قصدت بكتابتي إلا توضيح الحق الذي نحبه جميعاً، وأوصي نفسي والمسلمين بهذا الدعاء المأثور: اللهم رب جبريل وميكائيل وإسرافيل فاطر السماوات والأرض عالم الغيب والشهادة أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون، اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم.
يقول الشيخ ابن عثيمين –رحمه الله- في شرحه لهذا الدعاء: الرسول –صلى الله عليه وسلم- يسأل الله عز وجل أن يهديه لما اختلف فيه من الحق، وهل نحن نسأل هذا؟ قليل، فيجب علينا ألا نعتد بأنفسنا وألا نغتز بعلومنا، ونسأل الله دائماً أن يهدينا لما اختلف فيه من الحق بإذنه.
كما نوصي أنفسنا بقفل باب الفتن والالتفاف حول علمائنا، وكفانا انشغالا بأمور قد كفلها لنا الشرع الحنيف، ولنلتفت لتنمية مجتمعنا والأخذ بأيدي شبابنا نحو معالي الأمور، ونكون نحن قدوة لغيرنا في التمسك القوي بديننا ذلك التمسك القائم على الأدلة الصحيحة المجمع عليها، فمن شذ فقد شذ في النار.
ــــــــــــــــــــــــــ
* أستاذ مساعد بمعهد اللغة العربية لغير الناطقين بها بجامعة أم القرى