‏إظهار الرسائل ذات التسميات مصر ليست أمي.. دي مرات أبويا. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات مصر ليست أمي.. دي مرات أبويا. إظهار كافة الرسائل

الجمعة، 30 يناير 2009

مهازل مصرية - مقتطفات


مقتطفات من كتابات أسامة غريب - المصري اليوم

فضيحة أخرى نشرت تفصيلاتها الصحف فى شهر أغسطس الماضى عن محام تم ضبطه متلبساً داخل لجنة الامتحان بكلية الحقوق يجلس على مقعد الطالب هشام سامح عاشور، ابن نقيب المحامين، وبحوزته رقم الجلوس الخاص بالطالب.

وقد اعترف المحامى الغشاش بأنه حضر لأداء الامتحان دون علم الطالب، فلما سألوه عن رقم جلوس الطالب وكيفية وصوله إليه، قال إنه استولى على رقم الجلوس من خلف ظهر ابن نقيب المحامين ودون علمه!

هذا وقد قامت الجامعة بفصل الطالب سنتين وتم تحويل الأمر إلى النيابة التى أفرجت عن المتهم بكفالة بعد أن اعترف على نفسه بالقيام بالتزوير وكذلك سرقة رقم جلوس الطالب.

وقد علل الأستاذ سامح عاشور وقتها الحدث بمؤامرة يقودها ضده خصومه فى النقابة، وهو الأمر الذى نفاه هؤلاء الخصوم وتساءلوا فى دهشة: إذا كنا نحن الذين حرضنا المحامى على أن يسرق رقم جلوس الطالب ودبرنا ذهابه إلى الامتحان فى يوم يتصادف غياب الطالب فيه، وفعلنا كل هذا لأجل إلصاق تهمة التزوير بابن النقيب فلماذا نفى المحامى أى علاقة للطالب بالموضوع ولم يكمل سيناريو المؤامرة وشال القضية لوحده؟

**********************

عند قدوم السيدة تسيبى ليفنى إلى القاهرة عشية العدوان الإسرائيلى على غزة.

يومها اجتمعت وزيرة الخارجية الإسرئيلية بالرئيس مبارك. وعلى الرغم من مصاحبة أحمد أبوالغيط المُناظر للوزيرة الإسرائيلية فى المنصب لضيفته، فإن أحداً لم يدْعه للحضور وطُلب منه الانتظار بالخارج.

وبعد أن فرغت ليفنى من مناقشة كل ما حضرت بشأنه خرجت لتعلن على الملأ قراراتها الدموية بتدمير غزة وإلى جوارها الوزير أبوالغيط. هذا وقد ربط الناس بين وقوف ليفنى بين يدى أبوالغيط ثم وقوعها بين يديه فى مشهد إنسانى مؤثر، وبين تصورهم أن أبوالغيط كان يعلم بكل تدبير إسرائيل ويوافق عليه، والله وحده يعلم أن الوزير المصرى كان «قاعد برة» ولم يسمع أى شىء.

وأتصور أن وزير خارجيتنا قد حمل فى صدره غضباً شديداً على السيدة ليفنى، حيث لم يجرؤ وزير خارجية قبلها أن يتركه بالصالون وحده.. صحيح أنها طلبت له عصيراً قبل أن تغادره، لكن هذا لا يشفع لها فعلتها.

وهو على أى حال لم يستقبل فعلتها بالصمت، لكن يقال إنه دعا عليها فى سره، ولعل صبره عليها راجع إلى ما عرف عن الرجل من سعة صدر، فضلاً عن أن «القمْصة» فى هذه الأمور قد تكلفه منصبه، وبهذا لا يعود قادراً على خدمة القضية الفلسطينية من على القهوة!

******************

وبالمناسبة فلست ألوم السيد أبوالغيط الذى تصرف كجنتلمان مع السيدة ليفنى حين أمسك يدها عندما كادت تزل، فهذه هى تقاليد مصر النابعة من حضارة كذا ألف سنة، لكن الأمر المحير هو الحوار الذى دار ويدها فى يده.. صرح بعض العارفين أن السيد أبوالغيط قال لها : تسيبى؟ فقالت له: عيون تسيبى، فرد مرتبكاً: أقصد تسيبى إيدى علشان كلام الناس!

******************

الوزير المصري والوزير الشومبونجي

 
 بقلم   أسامة غريب    ٢/ ١٠/ ٢٠٠٨

لم أصدق الخبر الذي طيرته وكالات الأنباء عن تحرير الرهائن الذين تم اختطافهم داخل الصحراء المصرية أثناء رحلة السفاري، ولم أشارك الألمان والطلاينة والرومان وقبلهم المصريون طبعاً فرحتهم بالنهاية السعيدة، وعودة المختطفين إلي ديارهم.

وذلك لسبب بسيط للغاية هو أنني قد سبق لي أن عشت هذه المشاعر من قبل، وخفق قلبي بالسعادة قبل أسبوع من الآن، عندما أعلن الوزير الفنان أحمد أبو الغيط وهو يقف بجوار كوندوليزا رايس في المؤتمر الصحفي بنيويورك أن جميع الرهائن تم تحريرهم، وأنهم جميعاً بخير وبصحة جيدة.

 في هذا اليوم أحسست بفرحة غامرة لم يقلل منها النفي القاطع الذي أصدرته ألمانيا وإيطاليا لهذا الخبر المضروب «طبقاً لتوصيفهم» ولم يشوش علي سعادتي النفي المصري أيضاً للخبر باعتباره عارياً تماماً ولا يرتدي، حتي، لباساً داخلياً.

فرحتي لم تتأثر لأن ثقتي بالوزير أحمد أبو الغيط لا حدود لها، ولو اجتمعت الدنيا كلها علي تكذيبه ما صدقتهم. وكنت أضحك طوال الأيام الماضية عندما أقرأ كل يوم أنباء كاذبة عن رصد عناصر الخاطفين علي الحدود السودانية.

 وفي اليوم التالي أقرأ عن دخول الخاطفين والرهائن إلي الأراضي الليبية، وبعدها يقولون إن الجميع قد انتقلوا الي تشاد، ويتخلل هذه الأخبار فاصل من الهمهمات عن مفاوضات بشأن الفدية والدولارات وقرب تحرير الرهائن..

كل هذا وهم لا يعلمون أن الطليان قد عادوا لبلادهم وربما يأكلون سباجيتي في روما، وأن الألمان قد عادوا لبلادهم وربما يأكلون جوتنمورجن بالكريمة في ميونخ، وأن السائحة الرومانية لا شك قد عادت إلي بوخارست وربما كانت تتناول فخفخينا قرب قلعة دراكولا.

هذا وقد آلمني أشد الألم ما قرأته للأستاذ وائل عبد الفتاح في عموده بصحيفة «الدستور» عندما وصف أبا الغيط بأنه وزير «شومبونجي» في محاولة منه للتشكيك في الخبر، وفي ظني أن التاريخ سيثبت لكل المشككين أن الرهائن تم تحريرهم يوم أعلن أبو الغيط ذلك، وأن تأجيل إعلان الخبر حتي يوم الاثنين ٢٩ سبتمبر قد تم لأسباب فنية!

نفس إساءة الفهم والنية السيئة التي تعامل بها الأشرار مع السيد أبو الغيط وتصريحه عادوا وتعاملوا بها مع الوزير الفنان أمين أباظة وزير الزراعة الذي كان قد أعلن منذ فترة عن اتفاق مصر مع أوغندا علي زراعة ٢ مليون فدان ستقوم مصر بتسلمها وزراعتها قمحاً، وقد أفاضت الصحف في الحديث عن التعاون المصري الأوغندي وعن أفريقيا، التي آن الأوان أن نعود إلي حضنها الدافئ بعد أن جربنا أحضاناً باردة كثيرة.

وقتها أحسست أن الأحلام ما زالت ممكنة ما دام الوزير علي كرسيه، ووجدتني أسرح بفكري مع الرغيف الأوغندي الذي ستخبزه الأفران في بلادي، واحترت كيف أستقبله وهو خارج من الفرن «مهفهف»؟ هل أجعل موزة ضاني تنتظره؟ هل أحشوه كفتة أم أملأه جمبري أم أغمس به خُبّيزة؟

 وحلمت بنهاية عصر الطوابير ورأيت مليارات الأجولة من الدقيق تتحول إلي مكرونة ولازانيا وبتي فور وبتي بان، غير العاشورة والبليلة وما يستجد. ولكن لأنه لا يطيب للغربان الناعقة أن تتركني في حالي فقد فُجعت بخبر علي لسان مسؤول رفيع في الحكومة الأوغندية ينفي جملة وتفصيلاً حكاية الاثنين مليون فدان ومشروع القمح والتعاون المشترك.

وقال إن زيارة وزير الزراعة مع وزير الخارجية أوغندا كانت زيارة مجاملة ولم تتطرق إلي أي كلام عن الزراعة أو القمح أو حتي الذرة العويجة!!.

 طبعاً كان يمكن لأي أحد في مكاني أن يستسهل ويتشكك في تصريح الوزير المصري ويسرح مع السارحين الذين تحدثوا حديثاً سخيفاً ذكروا فيه أسماء غريبة مثل أبو لمعة الأصلي والخواجة بيجو، لكن لأنني لست أي أحد فما زلت عند إيماني بأن الفدادين الأوغندية ستكون من نصيبنا، وسنكون كرماء للنهاية فلن نحرم الشامتين من رغيف كمبالا المُحسّن.

ويبدو أن للأشرار نصيباً وافراً في حديثنا اليوم، فقد تناولوا بسوء تصريح الوزير الفنان فاروق حسني بعد حريق المسرح القومي عندما تحدث سيادته عن كوبري الأزهر، وكيف أنه السبب في كل البلاوي التي تحدث لوزارة الثقافة وحمّل الكوبري مسؤولية الحريق. وأقول لكل من تندروا علي التصريح: اتقوا الله وكونوا منصفين.

 أنا شخصياً أشارك وزير الثقافة رأيه في كوبري الأزهر الذي تسبب في حرائق كثيرة، لم يكن أولها حريق المسرح القومي، فنفس هذا الكوبري سبق أن أحرق صينية المكرونة في فرن أم أحمد سالمة الصيف الماضي، وهو أيضاً الذي لسع طرف الجاكيتة عند سعفان المكوجي، كما تسبب برعونته في طلاق مسعدة وزغلول.

يجب أن نكف عن البطر الذي يذهب بالنعمة ونحمد الله علي وزرائنا، ونكف عن السخرية من وزراء جمهورية شومبونجو الذين لا يعرفون النتش والفشر والنخع!


*************

في شهر رمضان، وفي أحد بلدان الخليج، كنت أستمع إلي الراديو، عندما بدأ برنامج ديني واستمعت إلي الشيخ يرد علي أسئلة الجمهور. أنا بطبعي لا أتحمس كثيراً لفكرة طرح الأسئلة علي الشيوخ والقساوسة، وأري أن السائل في كثير من الأحيان يكون أصفي قلباً وأنقي سريرة وأكثر ورعاً وتقوي من المسؤول الذي يأكل بقلاوة علي حساب الناس الطيبين، عندما يستفتونه فيما لا يستحق الفتوي.

كان السؤال يقول: هل يجوز للفتاة الخليجية أن تتزوج من رجل من خارج الديار؟ وكانت الإجابة المفجعة تقول: نعم يجوز.. ولكن. وجدت نفسي مبهوتاً ولم أشأ أن أستمع إلي أي شئ آخر بعد أن قال الرجل: يجوز ولكن، وأغلقت الراديو في غضب. لم تكن كلمة (ولكن) هي التي أغضبتني، ما دفع الدماء حارة إلي نافوخي هي كلمة «نعم يجوز».

أغلقت الراديو وأنا أسب وألعن السائل التافه الجاهل الذي سمح لنفسه أن يسأل الشيخ عن جواز زواج المسلم بالمسلمة! وأخذت أدعو الله أن ينتقم من الشيخ العنصري الملعون الذي تلقي السؤال ببساطة وأجاب عنه ببساطة أشد دون أن ينهر السائل ويرده عن طرح السؤال الغبي والمعبأ بالعنصرية، التي تنسف الأسس التي قام عليها الإسلام ذاته.

**************

وما الحكم فيمن يتقاعس عن إنقاذ الناس وهي تصرخ طلباً للغوث من تحت الأنقاض؟ ومثل: ما حكم الدين فيمن يمنح أراضي مصر للمجرمين بالمجان ؟ وما قول الشرع فيمن يأخذون الأراضي ثم يحصلون بضمانها علي مليارات الجنيهات قروضاً من البنوك، ويبيعون المدن التي بنيت بأموال شعب مصر علي أرض المصريين ويقبضون ثمنها، ثم يتسلّون بمضاجعة النساء قبل أن ينحروهن في النهاية؟.

ومثل: ما حكم تصدير الغاز لإسرائيل؟ وهو السؤال الذي تم توجيهه فعلاً قبل رمضان للشيخ الكُبّارة فلم يجد سوي أن يقول: أنا غير متخصص والأمر يحتاج إلي فنيين يفهمون في مثل هذه المسائل، وهو الأمر الذي يدفعنا إلي المطالبة بإنشاء معاهد دينية تخصُّص مازوت!. عم الشيخ لا يفهم في المسائل الفنية.. هو يريد أسئلة من عينة حكم من يتحسس نعجة غاب تيسها!

في عصور الانحطاط يفسد الجميع، والمشتغلون بالدين ليسوا استثناء من هذا، فلعل الديمقراطية المرتجاة إذا ما انتزعناها في يوم من الأيام تعيد لبعض رجال الدين لسانهم الذي لم يعد ينطق إلا كفراً!


**************

 إن ما يثير دهشتى هو شعورى بالجهد الكبير الذى يبذله القائمون على القناة قناة «أو تى فى» من أجل استبعاد أى لفظ به رائحة اللغة العربية حتى لو كان سهلاً ومألوفاً وأكثر قرباً لأذن عموم المصريين فعلى سبيل المثال عند التنويه عما سيعرض تالياً لا يقولون «بعد قليل» لكن يقولون «كمان شوية»، مع أن «بعد قليل» أسهل كثيراً، لكنه الرفض المطلق للفصحي.

 لا أستطيع تجاهل أننى للمرة الأولى فى حياتى أسمع نشرة أخبار تقدم بالعامية!!.

 كذلك لا أستسيغ كلمة «شوف» الموجودة دائماً على شاشتهم، لأن كلمة «شاهد» أحلى وأكثر تعبيراً لأنها تعنى المشاهدة والشهادة معاً، أى «تفرّج وكن شاهداً» لكنهم يستبعدونها لحساب «شوف». والأمر العجيب أننى عندما تحريت الأمر قيل لى إن هذا ما هو إلا إخلاص شديد لمصريتنا!

 وهو الأمر الذى أذهلنى لأن اللغة العربية هى لغة المصريين وليست لغة الهكسوس، وإذا كان حال العرب اليوم لا يشجع على الانتساب إليهم فإن حالتنا لا تقل «وكسة» عنهم، وإذا كان البعض منا يبغض العرب ويتأفف منهم فما ذنب اللغة الجميلة بأشعارها وآدابها والتى ليس لنا لغة سواها؟.

 وإذا كان البعض يتصور أن العربية الفصحى هى لغة «المستعمر العربى» التى فرضها على المصريين، فلنا الحق أن نضحك حتى تنفجر أحشاؤنا، لأن عاميتنا الهابطة هى نفس لغة ذلك المستعمر!بعد أن أضفنا إليها لمسة خراب، ولم نذهب بعيداً عنها لكننا ذهبنا لأسفل!.

ولعل النظر الى شعوب أمريكا اللاتينية يوضح مقصدى، فهى شعوب تتحدث الاسبانية (لغة من كان مستعمراً فعلاً) ولا تجد فى ذلك مشكلة، بل إن روايات جارثيا ماركيز وإيزابيل الليندى وأشعار بابلو نيرودا مكتوبة بالإسبانية التى لا يعرفون سواها، ولا أظنهم كانوا سيستدعون لغة الأباتشى لإثبات كولومبيتهم أو فنزويليتهم وشيليتهم!


**********************

قلت: ألن تبدأوا بالفقرة التى سجلناها بالبيت: قالوا: معلش مافيش وقت سنكتفى بالهواء!!. كدت أبكى كمداً، وبدأ المذيع الشاب: مصر ليست أمك.. لماذا؟ قبل أن أفتح فمى كانت زميلته الرقيقة قد أجابت عن السؤال بدلاً منى واستمرت: نعلم أن مصر بها بعض المشكلات، لكن النماذج الإيجابية موجودة، ويكفى أن لدينا الدكتور زويل و.. و.. بعد أن فرغت من المونولوج الطويل قلت لها عامداً وضارباً كرسيًا فى الكلوب: نعم أنا أحب الدكتور زويل العالم الأمريكى العظيم. قال المذيع: الدكتور زويل مصرى ويفخر بمصريته.

قلت له وقد أخذ الغضب يزول وبدأت أنتشى: أنا أقصد أن الدكتور زويل حقق تفوقه العلمى ونجاحه بفضل فراره من مصر ولو كان قد بقى لما استطاع حتى أن يحصل على جائزة اتحاد الإذاعة والتليفزيون!

ثم أتبعت إجابتى بضحكة مجلجلة. امتقع وجه المذيع وتلعثمت المذيعة ووضح لى أنهما يستمعان فى سماعة الأذن إلى توبيخ وتعليمات فورية بإنهاء الحلقة. فقالا: نشكر الضيف ونرجو أن تكونوا... إلخ.


*****************

في ذلك الوقت قرأت حواراً لـ «صدر الدين أغاخان» زعيم الطائفة الإسماعيلية في إحدي المجلات، وكان السائل يستنكر عليه، وهو الرجل المثقف، أن يترك بعض أتباعه يعتقدون بألوهيته، ويتركهم يقدسونه ويتبركون به دون أن يحاول أن يفهمهم أنه مجرد إنسان لا يفترق عنهم، وأنه ليس مقدساً ولا محصناً. كان رد الأغاخان عجيباً.. قال للصحفي: لعلك تعلم أن كثيراً من الناس في منطقتنا الجغرافية يعبدون البقر ويقدسونه، وأتصور أنني أفضل قليلاً من البقرة!!.

هذا الحوار حسم الأمر عندي، وجعلني أفلسف الأمر وأبدأ في تقبّل اللقب لقب بك دون غضاضة، فشرعت في تعويد نفسي عليه دون أن أضحك عندما أسمع أحداً يناديني به، وكنت في هذا متأسياً بالأغاخان، وظللت أذكّر نفسي دائماً عندما ألمح منها شبهة تمرد بأنني في كل الأحوال.. أفضل من البقرة!.


********************************

منذ عدة أسابيع أثناء انعقاد منتدي دافوس الاقتصادي بشرم الشيخ أقيم حفل ساهر كبير بمناسبة الحدث قام بإحيائه تامر حسني. وقرأنا صباح اليوم التالي أن الدكتور أحمد نظيف رئيس الوزراء خاطب تامر أثناء الحفل وقال له: أنت قدوة للشباب ونحن فخورون بك. أردت بعدها أن أتصل بالدكتور نظيف لأؤكد له أننا نعتبره هو أيضاً قدوة للشباب وأننا فخورون بسيادته لأنه فعل بهذا الوطن أشياء لا يقدر عليها سواه، ويكفي أنه وصل الي أرفع المناصب السياسية في مصر دون أن يكون مهتماً بالسياسة في أي وقت حتي بعد أن أصبح رئيساً للوزراء!.


******************






كرباجك يا عم الحكيم


بقلم   أسامة غريب    ١١/ ١٢/ ٢٠٠٨

أشعر بالحزن عندما أرى إنساناً قد حظى بقدر كبير من التعليم وانفتحت أمامه الدنيا على مصراعيها، ورغم ذلك إذا تحدث تطاير منه الهراء فى الجو. ويضايقنى أكثر أن يكون محل ثقة الناس وقد يرددون كلامه، دون أن يتصوروا أبداً أن البعيد.. حمار.

كنت فى العيادة عند واحد من أكبر الأطباء صيتاً وشهرة، وتطرق الحديث بينه وبينى إلى أحوال البلد والانهيار الشامل الذى أصاب كل شىء. كان من رأى سيادته أن هذا الشعب (المصرى) هو شعب مدلل، والحل الوحيد حتى تنتظم الأمور وتعود الحياة إلى طبيعتها هو الكرباج!!. أجل.. كان هذا هو رأى الطبيب الكبير، الذى تطوع به دون أن أطلبه. الحل لكل مشاكل المصريين هو استعمال الكرباج معهم.

 اقشعر بدنى وأنا أستمع إلى روشتة حكيم الزمان من أجل علاج مصر من الفساد وتدنى الخدمات وانعدام الضمير وتهاوى الأخلاق وانهيار التعليم والعلاج والثقافة . والغريب أنه لم يقترح الكرباج علاجاً نقوّم به المجرمين، الذين نهبوا البلاد وأفسدوا العباد، وإنما يريد أن يضرب به الضحايا!.

قلت له: ألا ترى يا دكتور أنك تجنح نحو المبالغة بسبب ضيقك، الذى أفهمه من سلبية الناس واستكانتهم للظلم؟. قال: هذا الشعب الكسول لا أمل فيه، وقد أفسدته بالأساس مجانية التعليم وجعلت كل جربوع يريد أن يصبح طبيباً!. زادت دهشتى وقلت: يا دكتور هذا الكلام كان من الممكن أن يقال منذ ٣٠ سنة عندما كانت هناك لا تزال مجانية وكان هناك تعليم، ووقتها بالطبع كنت سأرد على كلامك وأفنّده..

 أما الآن فلا وجه لترديده من الأساس. لم تكن هذه هى المرة الأولى التى أستمع فيها إلى هذا الرأى الفاسد، سواء عن الشعب اللى عاوز ضرب الكرباج أو عن المجانية التى خربّت التعليم..استمعت إليه مرة من ماسح أحذية ومرة من سمكرى سيارات وأكثر من مرة من عجلاتى ومكوجى وقرداتى، مع إن الكرباج كلما لاح لا يطول سواهم، ومع أن المجانية الحقيقية هى أملهم الوحيد، لكن عذرهم أنهم أناس بسطاء لا تسمح لهم حصيلتهم المعرفية إلا برؤية الغابة التى يحيون فيها والعذاب الذى يصلون ناره، ويتطلع كل منهم إلى شىء من الإنصاف، ولا يتصور الحل إلا من خلال كرباج عادل ومعادل للكرباج الظالم الذى يلهبهم.

أما هذا الحكيم الذى لف وطاف وشاف وقرأ وسمع وتعلم فما عذره؟ ولماذا يمتلك نفساً شريرة إلى هذا الحد؟ ثم وهو الأهم كيف تصور أن هذا الكلام سيقع منى موقعاً طيباً، وكيف خطر بباله أننى قد أوافقه عليه. هل اعتاد فى عيادته الفخمة أن يلتقى المشتغلين بالكتابة والصحافة واعتاد أن يتداول معهم هذه الأفكار الفاسدة، وربما بعض الجاهلين منهم قد علموه هذا الكلام فأراد أن يبهرنى بثقافته؟.

هل تصور أن حاجتى إلى روشتته وعلاجه ستجعلنى أهز رأسى موافقاً على كلامه الفارغ؟. ربما كان محقاً إذا تصور هذا لأننى كثيراً ما أُعرض عن الجاهلين ولا أجادلهم، أما هذه المرة ومع هذا الجاهل بالذات، الذى لهف فى الكشف ٢٠٠ جنيه، فلم أشأ أن أتركه يسعد بتخاريفه.

قلت له: يا عم الحكيم ألا تكفينا كرابيج المملكة، فتريد أن تزيد إليها سياطاً جديدة؟ ثم من أخبرك أن المصرى لا يتم جلده كل يوم من صحوه عند شروق الشمس حتى إغمائه بعد منتصف الليل بالبطالة والغلاء والذل والهوان، فى المواصلات والمصالح الحكومية وطابور العيش وأقسام الشرطة والمدارس والمستشفيات.

 المصرى يتم جلده إذا دخل مستوصفاً أو عيادة طبيب أو معمل تحاليل، وتهدر كرامته إذا تعامل، ليس مع مخبر وأمين شرطة، وإنما إذا تعامل مع طبيب أو تومرجى أو ممرضة، ويتم سلخه من الثلاثى المرح السابق ذكره، كل بقدر اجتهاده. هل تعلم أن الممرضة التى تنظم الدخول اليك قد هبشت منى ٢٠ جنيهاً حتى لا تقذف بى لموعد مع سيادتك قرب الفجر. كل من يقدمون الخدمة الطبية يظهرون للمريض الوجه الخشب ولا يبتسمون له إلا بقدر امتلاء محفظته.

 وخدمتهم رغم ذلك متدنية وبدائية. وفى الغالب لا يتورع الطبيب الباطنى عن إرسال المريض لأصدقائه الجراح وإخصائى القلب وطبيب العظام والعيون والأسنان ومعمل التحاليل والأشعة ليأخذ كل منهم نصيبه من الغنيمة.

مصر هى البلد الوحيد الذى يموت الناس فيه من افتقاد العلاج فى الوقت الذى يعانى الدكاترة من البطالة، ويذهبون لبلاد الزفت والقطران، حيث يتم ضربهم فعلاً بالكرباج!! هذا الشعب يحتاج إلى الرحمة يا عم الدكتور لا إلى الكرباج.

خرجت من عنده أنظر الى الروشتة التى كتبها لى فى شك، ثم حسمت أمرى وقمت بتمزيقها لأننى بصراحة خفت منه، وعقدت العزم على أن آخذ عسل نحل وحبة البركة، فإذا استمر ألم المعدة فسأسافر إلى بلاد تحنو على الإنسان ولا يفكر كبار أطبائه فى ضرب الناس بالكرباج!.

شهادة هند رستم وشهادة مأمون عجمية

بقلم   أسامة غريب    ٢٤/ ٥/ ٢٠٠٧

أتابع بإعجاب ما يكتبه الأستاذ أحمد المسلماني من خلال حواراته لتدشين حركة المؤرخين الجدد، وتدهشني اختياراته لشخصيات قريبة من قلب الجمهور المصري، وتتسم في الوقت ذاته بالتلقائية والبعد عن التقعر أو ادعاء ما لا يعتقدون.. هذا بصرف النظر عن رأيي في شهاداتهم.

في الوقت نفسه تحظي هذه الشهادات بمتابعة دقيقة من رجل حرفته الأساسية هي التاريخ، ونكبته أيضا جلبها له هوسه بالتاريخ، ذلك هو الأستاذ مأمون عجمية مدرس التاريخ السابق، وقد صار الرجل سابقاً بعد أن دأب علي تنحية منهج الوزارة جانباً وتدريس ما يحلو له علي غير ما يذكر الكتاب المدرسي، الأمر الذي دفع بالوزارة إلي فصله نهائياً.

أخبرني الأستاذ مأمون أنه علّم تلاميذه أن التاريخ هو الحكايات الكاذبة المسلية التي تجعل أسافل الناس أبطالاً من خلال التواطؤ علي إخفاء الحقيقة من جانب أعوان المجرم، في ظل صمت الشهود الحقيقيين وكتمانهم للشهادة، وقال لي إن أحداً لا يمكنه أبداً أن يعرف حقيقة ما جري في أي عصر من العصور، حتي الأحداث التي تقع أمامنا ونحن علي القهوة جلوس، سوف تتعدد الروايات بشأنها ولن يبقي منها سوي رواية أشدنا بأساً وأوسعنا نفوذاً،

وبناء علي هذا التصور أخذ الأستاذ مأمون يروي للأولاد في حصة التاريخ عن أخبار دولة المماليك الجوية التي حكمت مصر في العصر الحديث تمييزاً لها عن دولة المماليك البحرية التي عرفت سلاطين عظاماً خاضوا أعظم المعارك مثل السلطان «وحشُمُرالبندقداري» صاحب الضربة البحرية الذي انتصر علي السلطان «البيكيكي» وأغرق أسطوله في موقعة «متشخرمين».. هذا وقد حاول مفتش المادة أن يفهم من الأستاذ عجمية أين قرأ عن موقعة متشخرمين هذه، وأي المراجع استند إليها..فلم يصل إلي شيء، مما عجل بقرار الرفت والجلوس الأبدي علي القهوة.

ولهذا كانت سعادته بالغة عندما بدأ يقرأ شهادات أناس بعيدين عن منهج الوزارة عما حدث في مصر خلال الخمسين سنة الماضية، وقد أسّر لي بعد قراءته لشهادة السيدة فاتن حمامة والسيدة هند رستم أنه سعيد بما قرأه لأنهما خرجتا علي الكتاب وأدليتا برأيهما الحقيقي (رغم اختلافه التام مع مجمل شهادتيهما)،

 لكن نبرة حزينة تبدت في صوته وهو يقول: هند رستم ابنة باشوات كانت تذهب إلي العزبة وتستمتع بفرحة الفلاحين لظهور الباشوات بطلعتهم البهية، وفاتن حمامة ابنة بكوات يتبرؤون من مصر عند الهزيمة ويدّعون أنهم أتراك، سألته وما الذي يحزنك إلي هذه الدرجة فقال لي بحدة: يعني ماحدّش أمه غسّالة غيري؟!

 قلت له :بلي هم كُثر ولكن لا يعترفون.. و لمن لا يعرف الأستاذ مأمون، هو أحد أبناء ثورة يوليو المخلصين الذين استفادوا من أهم إنجازاتها وهو إشاعة التعليم علي نطاق واسع وإتاحته بالمجان، الأمر الذي مكنه من الالتحاق بالجامعة والحصول علي ليسانس التاريخ، وقد ظل علي ولائه للثورة ولم ينتقص من هذا الولاء إدراكه أن بعض رجالها كانت لهم أهداف أخري علاوة علي الأهداف الست المعلنة.. من بينها الحصول علي شاليهات المنتزه، وشقق في عمارات الإيموبيليا ويعقوبيان وإستراند، والاستيلاء علي نساء الطبقة الراقية،

كما أن بعض الثوار تفرغ للحصول علي نصيبه من الراقصات والمغنيات، وإذا كانت السيدة هند رستم تنفي أن أحداً قد حاول استغلال الفنانين علي نحو سيئ، كما ورد في مذكرات البعض، فإن الأستاذ عجمية يري أن الثورة التي كرمت الفن والفنانين، قد أوغل بعض رجالها في التكريم إلي درجة أن الفنان محمد عبدالوهاب الذي مدح الحكام من أول السلطان حسين كامل حتي الرئيس مبارك كان يغني في منزل أحد الثوار وفرائصه ترتعد من الخوف!.

كل هذا غفره لهم قياساً بالإنجازات التي تحققت والتحديات التي واجهتها الثورة في الداخل و الخارج، لكن ما لم يغفره أبداً هو رحلة صعود الواد «شولح» الذي كان زميلاً له بالمدرسة و كانت أمه الست مُحبات تبيع نبوت الغفير علي باب المدرسة، ولأنه كان متوسط المستوي فلم يستطع سوي الالتحاق بكلية الشرطة أيام أن كانت تقبل أبناء المصريين! ـ علي حد قوله ـ تخرج شولح وصار ضابطاً،

ولكنه لم يستطع أن يشعر بالسيادة إلا علي حساب الفقراء من أمثاله، وماتت الست محبات وهي تدعو علي البطن التي أنجبت جاحداً مثله، ثم ترقي شولح وصار محافظاً فجعلت الناس تتحسر علي أيام السلطان «بشاميل»، حيث كانت السرقة بالمعقول!.

مشكلة الأستاذ مأمون الوجودية الحارقة هي: أيهما أشد فتكاً بالمصريين.. حكم الباشوات ذوي الأصول الأرستوقراطية الذين لا يعرفون عن مصر سوي أنها منجم للعمالة والخدم بأجر بخس، أولئك الذين تري السيدة هند رستم أنهم كانوا محبوبين من أقنان الأرض.. أم حكم المصريين أبناء من كان يسرح بقرد، ومن كان يبيع أم الخلول فلما أوصلته تضحيات المصريين لأعلي السلم ركل السلم بقدمه ليمنع صعود غيره وصار أشد غلظة علي أهله من الأعداء..

والدليل أن كل الذين يعادون مجانية التعليم اليوم هم الذين تعلموا حتي الدكتوراه من كندا وأمريكا علي حساب فقراء المصريين، وهم أمثال شولح زميل الأستاذ مأمون الذي عصف بما تبقي للرجل من عقل وجعله يدرك أن كل تضحيات مصر بلا مرجوع!

http://www.almasry-alyoum.com/article2.aspx?ArticleID=61923