السبت، 13 فبراير 2010

الحجم الحقيقي لأقباط مصر؟!!


تقارير رئيسية :عام :الأربعاء 16 ذي الحجة 1425هـ - 26 يناير 2005 م 

مفكرة الإسلام : يحظى موضوع تعداد الأقباط بأهمية كبيرة في إثارة النزاع الطائفي المتجدد في مصر وفي إعطاء صورة كبيرة للمشكلة, بينما يسعى الأقباط لإبراز عددهم كبيرًا وذلك للحصول على امتيازات وجعل مطالبهم ذات وزن سواء على المستوى العالمي أو الداخلي, بل نجدهم يشككون دائمًا في البيانات الرسمية الحكومية كما سيتضح, ويبقى عدد الأقباط بالفعل هو المحك الأساسي لمعرفة هل هناك ظلم واقع عليهم بالفعل في الوظائف العامة وغيرها في غياب المنهج الرباني في التعامل معهم.
أقوال الأقباط:
[1]
أثناء زيارة الأنبا شنودة عام 1977م للبيت الأبيض أعلن كارتر أنه يستقبل بابا ثمانية ملايين قبطيًا[1].
[2]
ذكر ميلاد حنا: قررت الأجهزة والتنظيمات الشعبية والدينية للأقباط الأرثوذكس إجراء تعداد لهم بأنفسهم, وجندت لذلك حملة من الشباب كانت تمر على البيوت المعروفة لديهم من خلال أوراق وتنظيمات الكنائس والكهنة والقسس لكي يتم إحصاء العدد اسمًا باسم, غير أن هذا المشروع لم يكتب له أن يصل إلى غايته لأسباب كثيرة, وظل أمر تعداد الأقباط الفعلي الحقيقي أمرًا مخفيًا[2].
[3] [
كانت بعض القيادات الكنسية الأرثوذكسية قد قدرت عدد القبط عام 86 بأربعة ملايين][3].
[4]
في بيان أصدره المجمع المقدس للكنيسة القبطية الأرثوذكسية في منتصف السبعينات نجد رقم عشرة ملايين.
[5]
استنادًا إلى مصادر الكنيسة القبطية عدد المسيحيين في مصر لعام 75 هو: 6.844.89 نسمة، أي بنسبة 18%.[4]
[6]
في عام 1993 سئل شنودة: [كم يبلغ عدد الأقباط؟ فأجاب: لا يقل عن ثمانية ملايين][5].
[7]
في عام 93 سئل أيضًا: [كم مسيحيًا في مصر؟ ما تعدادكم بالتقريب يعني؟ فأجاب: لا أعرف بالضبط، نحن لا نقوم بعمل تعداد ولكن التعداد الموجود لا يناسب الواقع، مرة قابلني أحد رجال المباحث وأظن كان سنة 73 وقال: إن عدد الأقباط 2.3 مليون, فقال لي: إيه رأيك في الكلام ده؟ إيه شعورنا – الأقباط-؟ قلت له: في الواقع الأقباط ضحكوا وفكروها نكتة، واستغربوا أنها جاءت في الصفحة الأولى من الأهرام][6].
[8]
في عام 68 صرح الأنبا صموئيل بأسف الذي قتل في حادثة المنصة عام 81 بأن عدد الأقباط 4 ملايين نسمة أي ضعف التعداد الرسمي.
[9]
تقول الكنيسة: [على أساس سجلات التعميد يوجد 11 مليون من الأقباط][7].
البيانات الرسمية سنعرض لها منذ أن حدث أول تعداد رسمي:
[1]
جرى أول تعداد رسمي في مصر على أسس علمية نظامية في أول يونيه 1897 الموافق غرة المحرم عام 1315هـ بتشجيع وإشراف من دولة الاحتلال البريطاني للتعرف على التركيب الحقيقي للمجتمع المصري, وأشرف على عملية الإحصاء المستشار المالي البريطاني مستر ألبرت بوانه وساعده في متابعة العملية مفتشو وزارتي المالية والداخلية الإنجليز وكانت النتيجة كالتالي:
بلغ مجموع سكان مصر 9.734.405, منهم 8.977.702 مسلمون بنسبة 92.23%, والباقي من المسيحيين واليهود, والمسيحيون ينقسمون إلى أقباط مصريين وإلى مسيحيين من أصول غير مصرية, وينقسم الأقباط المصريون أرثوذكس [592.347] وأقباط بروتستانت [12.507] وأقباط كاثوليك [4.620] أي أن نسبة الأقباط الأرثوذكس 6.085% من السكان, ونسبة الأقباط المصريين هي 6.26%, ونسبة جميع المسيحيين 7.77%.
[2]
وفي تعداد عام 1907 كانت نسبة جميع المسيحيين 7.87%.
[3]
وفي تعداد 1917 أشرف على التعداد مستر كريج والدكتور أ. ليفي، وهو إنجليزي يهودي, وبلغت نسبة المسيحيين 8.06%.
[4]
وفي عام 1927 أجري التعداد الرابع وأشرف عليه أول مصري بعد الاستقلال وتمصير الوظائف, وكان قبطيًا أرثوذكسيًا هو حنين بك حنين بمعاونة المستر كريج, وبلغت نسبة المسيحيين بطوائفهم المختلفة 8.33% مع ملاحظة ارتفاع عدد الأقباط الكاثوليك من 4.620 في التعداد الأول إلى 24.015, والأقباط البروتستانت من 12.57 إلى 66.080, وبلغت نسبة الأقباط في هذا التعداد 7%.
[5]
وفي عام 1937 بلغت نسبة المسيحيين 8.19% ونسبة الأقباط الأرثوذكس 6.7%.
[6]
وفي عام 1947 بلغت نسبة المسيحيين 7.91% ونسبة الأقباط الأرثوذكس 6.7%.
[7]
وفي عام 1957 بلغت نسبة المسيحيين 7.88% ونسبة الأقباط الأرثوذكس 6.7%.
[8]
وفي عام 1960 بلغت نسبة المسيحيين 7.33% ونسبة الأقباط الأرثوذكس 6.49%.
[9]
وفي عام 1976 بلغت نسبة المسيحيين 6.32% ونسبة الأقباط الأرثوذكس 5.68%.
[10]
وفي عام 1986 بلغت نسبة المسيحيين 6.4% ونسبة الأقباط الأرثوذكس 5.7%.[8]
[11]
وذكر جمال حمدان في كتابه شخصية مصر أن متوسط تعداد الأقباط من عام 1907 حتى 1966 يتراوح بين [6%، 8%][9].
[12]
صرح جمال هلودة رئيس الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء في عام 1985 أن نسبة الأقباط ما بين 7% و10%.
[13]
وفي الإحصاء الأخير عام 1997 أظهر النتائج أن عدد سكان مصر يصل إلى 62 مليون نسمة ولم يعلن عدد الأقباط.[10]
[14]
في بداية عام 1997 ذكر الرئيس حسني مبارك في أكثر من حديث صحفي أن عدد الأقباط 6مليون من 60 مليون أي بنسبة 10%.[11]
ومن هذا السرد الطويل لمختلف الآراء فإننا بكل اطمئنان وثقة نقول: إن الإحصاءات الرسمية الحكومية هي الأقرب للصحة وذلك لما يلي:
[1]
إن الإحصاءات الرسمية مستمرة منذ عام 1882 بمعدل تقريبي مرة كل عشر سنوات، وهي إحصاءات كان يقدم عليها في البداية إنجليز ثم قبط مصريون وبالتالي لا يتهمهم أحد بالتزوير, وليس من مصلحتهم تقليل نسبة الأقباط, كذلك بعض هذه الإحصاءات قامت بها حكومات وفدية وهي حكومات اشتهرت بتحالفاتها مع الأقباط ومشاركة الأقباط بها كانت كبيرة.
[2]
الدليل الأكثر حسمًا هو نسبة المواليد:
نأخذ مثلاً عفويًا هو عام 1974، ففيه بلغت جملة المواليد في مصر 1.287.614 منهم 1.223.300 مسلم، 64.364 مسيحيًا، وقد بلغت جملة الوفيات في نفس العام 457.62 منهم 430.122 مسلميًا، و27.498 غيرهم، أي أن الزيادة الحقيقية التي هي الفرق بين المواليد والوفيات بلغت 793.178 مسلمًا، و36.816 من غيرهم، أي نسبة غير المسلمين تدور في جميع الحالات حول 6.22% وهو ما يؤكد صحة التعدادات المباشرة.
إذن فإن نسبة النصارى تتراوح بين 5.7% و8% من العدد الإجمالي من شعب مصر, وهي لن تزيد في أحسن الأحوال عن 10%.
ومما ينبغي التأكيد عليه أن الأقباط الأرثوذكس الذين تمثلهم كنيسة الإسكندرية ليسوا هم عدد مسيحيي مصر جميعًا، بل هناك طوائف مسيحية أخرى, ولقد قفز عدد الأقباط الذين تحولوا إلى المذهب الإنجيلي من 600 عام 1875 إلى 4554 عام 1895 إلى 29 ألفًا عام 1904.[12]
ولكن الأقباط أو قل: زعماؤهم دائمو الشكوى من أن التعداد لا يعبر عن عددهم الحقيقي، فهم يوردون أمثلة: القس الذي بطاقته مدون عليها في خانة الديانة أنه مسلم.
ويقول الأستاذ جلال كشك تعليقًا على هذه الواقعة: [لا يمكن القول بأن الكاهن جاهل لا يعرف دينه أو أنه يخاف من الاضطهاد, فهو يمارس وظيفته في الكنيسة ويتجول بالزي الديني الأكثر من معروف, فلابد أن للكاهن هذا هدفًا غير مشروع في انتحال صفة المسلم].[13]
ويتساءل فيليب فارج وهو باحث فرنسي مسيحي: [إن من يقول: إن موظفي التعداد يخفون الهوية القبطية ويسجلون بدلاً منها الهوية الإسلامية كيف يمكن لهذا الإخفاء أن يؤثر بتواتر واحد وعلى الأجل الطويل على عمليتين مستقلتين هما عملية التعداد الدوري للسكان وعملية تسجيل المواليد، إن الاضمحلال البطيء لأقباط مصر ليس في الواقع نتيجة لأية مؤامرة إحصائية، إنه النتيجة الديموجرافية لأشكال التقدم الاجتماعي التي حققتها طائفتهم].[14] 
و ذكر التقرير السنوي لعام 1993 لمركز ابن خلدون [وهو مركز يقف دائمًا في صف الأقباط]:
تتعرض الديموجرافية الاجتماعية للقبط لمتغيرات رئيسة هي:
1
ـ تفوّق معدلات مواليد المسلمين.
2
ـ التحولات الدينية إلى الإسلام, فتذكر بعض المصادر الغربية أن أكثرية معتنقي الإسلام من بين المسيحيين في مصر هم من الأقباط الأرثوذكس، وذلك بمعدل سنوي بلغ سبعة آلاف شخص.
3
ـ هجرة القبط.
و بذلك تتضح لنا الصورة النهائية والوضع الطبيعي لأقباط مصر داخل المجتمع المصري.
---------
[1]
ألا في الفتنة سقطوا – جلال كشك : 41
[2]
المصدر السابق صفحة 40
[3]
هموم الأقليات ص20
[4]
المصدر السابق 27
[5]
البابا شنودة و أقباط المهجر :142
[6]
البابا والمعارضة في الكنيسة :15
[7]
المسيحيون و اليهود في التاريخ الإسلامي العربي و التركي - فيليب فارج 
[8]
أغلب الأرقام في الإحصائيات السابقة عن مجلة الدعوة عدد [5]يولية 1980،و عدد [4] يونية 1980 نقلا عن بيانات الحالة المدنية و التعدادات المصرية
[9]
صحيفة الدستور 21/1/98
[10]
الدستور 21/1/98
[11]
الدستور :21 /1/ 98
[12]
ألا في الفتنة سقطوا : 292
[13]
ألا في الفتنة سقطوا :42
[14]
المسيحيون و اليهود :267

تأكيدًا لإحصاء مركز "بيو" الأمريكي.. الفاتيكان: عدد الأقباط المصريين أربعة ملايين ونصف مليون.. ودراسة بريطانية تؤكد تناقص النسبة 2 % كل قرن

لبالغ 80 مليون نسمة، وهى نسبة تتقارب بشدة مع الإحصائية التي أصدرها مركز "بيو" الأمريكي للأبحاث في أكتوبر الماضي.

وأثارت الإحصائية حالة من الصدمة داخل الكنيسة، خاصة وأن تقديرات العديد من القيادات الكنسية تشير إلى أن عدد الأقباط في مصر تتراوح ما بين 10 ملايين و 15 مليون قبطي، فيما أعلن البابا شنودة أن عدد الأقباط 12 مليونا، وقال الأنبا أرميا الأسقف العام وسكرتير البابا شنودة في تعقيبه ن عدد الأقباط تجاوز الــ 11 مليونا وطالب الفاتيكان بعدم التدخل في شؤون الأقباط المصريين.

من جانبه، أكد الباحث والمفكر الدكتور رفيق حبيب أن إحصاء الفاتيكان هو الأقرب إلى الواقع لأنه يستند إلى العديد من الإحصائيات والدراسات العلمية، لافتا إلى أن معظم الإحصائيات الرسمية السابقة التي أجريت في مصر منذ الخمسينيات تؤكد أن نسبة الأقباط من إجمالي تعداد المصريين تتراوح ما بين 6 و 8 %، كما أن العديد من الجهات العلمية الخارجية أكدت هذه النسبة.

وقال استنادا إلى دراسة علمية لجامعة "أكسفورد" البريطانية إن فروق المواليد بين المسلمين والمسيحيين في مصر تؤدي إلى تناقص نسبة المسيحيين بمقدار 2 % كل مائة عام نظرا لتزايد مواليد المسلمين على مواليد الأقباط، وأضاف: لو افترضنا أن نسبة الأقباط في مصر في مطلع القرن العشرين كانت تبلغ 8 % من سكان مصر فإنها الآن تصل إلى 6 % وهو ما يجعل تلك الإحصائية اقرب إلى الصواب.

وأشار إلى إحصائية مركز "بيو" الأمريكي سبق التي أكدت أن نسبة الأقباط 5, 4 % من نسبة السكان، موضحا أن كافة الأرقام والإحصائيات والدراسات تظهر أن نسبة عدد الأقباط إلى المسلمين تدور في إطار النسبة التي أعلنها الفاتيكان، ولا توجد أي مؤشرات عن أن نسبة الأقباط تتجاوز أكثر من 6 % من إجمالي تعداد السكان في مصر.

لكنه قال إن تلك النسبة لا يجب أن تكون سببا في حرمان القبطي من حقوقه المختلفة كمواطن مصري يعيش جنبا إلى جنب مع المسلم في وطن واحد، فقلة العدد أو كثرته لا يجب ربطها بالحصول على الحقوق.

وحول رفض الكنيسة الأرثوذكسية لهذه الإحصائيات، قال حبيب إن ذلك ليس جديدا لأن الكنيسة وقياداتها لم يعترفوا في يوم من الأيام بأي إحصاء حول أعداد الأقباط في مصر، حتى أنه عندما أجرت بريطانيا إحصائية عن عدد المسيحيين أثناء احتلالها لمصر ورغم أنها محايدة إلا أنها رفضتها، مثلما رفضت الإحصائية التي أجريت في عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، وحتى التي أجريت في التعداد السكاني عام 1986.

وقال إن التقديرات الكبيرة التي تعلنها الكنيسة وقياداتها حول عدد الأقباط قائمة على شقين، الأول هو أن الإحصائيات التي تعلنها الجهات الأخرى غير دقيقة وقائمة على تزوير الأرقام والإحصائيات، أما الشق الثاني فهو الادعاء بأن الكثير من الأقباط لا يحملون بطاقات الرقم القومي خاصة في الأرياف، مرجعا ذلك إلى الرغبة في الحفاظ على مكاسب سياسية أو المطالبة بـ "كوتة سياسية"، لأن قيادات الكنيسة عندما تؤكد أن نسبة الأقباط 10 % يترتب عليه المطالبة بتخصيص نفس النسبة مناصب ومقاعد برلمانية للأقباط. 



http://www.almesryoon.com/news.aspx?id=24594

السبت، 16 يناير 2010

الشريعة الإسلامية





الشريعة الإسلامية - بقلم أبو العلا ماضي
جرى في الفترة الأخيرة ومازال جدل كبير حول "الشريعة الإسلامية" ، ساهم فيه كثير من الناس ولكن المتجادلون أنواع فمنهم من دافع بحق عن الشريعة الغراء وكيفية فهمها وتطبيقها في حياة الناس باجتهاد يناسب العصر ، ومنهم من دافع عنها بفهم ضيق الأفق ويرفض الاجتهاد ، والفريق الثالث وهو الذي يعنينا في هذا المقال من هاجم "الشريعة" أو انتقدها أو طالب بإلغاء المادة الثانية من الدستور المصري الدائم التي تنص على أن ( دين الدولة الرسمي هو الإسلام ولغتها هي اللغة العربية ومبادئ الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع ) ، وأغلب المنادين بإلغاء هذه المادة أو تعديلها بطريقة فيها قدر من السذاجة أكثر ما فيها من الجدية يحملون شعوراً معادياً للدين وخاصة الإسلام ولشريعته أكثر مما يحملون من قلق موضوعي من بعض تطبيقات للشريعة الإسلامية في أماكن مختلفة من العالم الإسلامي ، ولذلك كان نقدهم للشريعة ومطالبتهم بإلغاء هذا النص مستفز للأغلبية الكاسحة من المصريين المسلمين ولكل العقلاء في هذا الوطن ، والمادة الثانية في الدستور تعني بثلاث قضايا وهي دين الدولة وهو الإسلام ، ولغتها الرسمية وهي العربية ، والشريعة المصدر الرئيسي للتشريع.
دين الدولة الإسلام
ولنبدأ بدين الدولة وهو الإسلام لقد كان دين الدولة ونظامها مستمد من الإسلام منذ الفتح الإسلامي لمصر على يد عمرو بن العاص وبعد التحول السلمي لغالبية المصريين من المسيحية إلى الإسلام برضاء تام ، وظل الأمر على ما هو عليه دون كتابة دستور حيث لم يوجد دستور وحتى ومصر تحت الاحتلال الإنجليزي كان الإسلام هو محور الدولة والمجتمع حتى كتابة أول دستور في العصر الحديث وهو دستور عام 1923 ، الذي صاغته لجنة من المسلمين والمسيحيين وكان منصوص فيه على دين الدولة هو الإسلام ، والحقيقة أن هذا النص موجود بشكل مباشر وبأشكال غير مباشرة في دساتير الدنيا ومنها دول في أوربا الغربية يُشار إليها كنموذج في الحضارة والديمقراطية تنص على ديانة الدولة ، ويكفي كمثال ما ورد في دراسة الدكتور/ خالد القاضي رئيس المحكمة والمنشورة في أهرام الجمعة 23 فبراير 2007 وهذا نصه "فنجد على سبيل المثال في المادة رقم (1) من دستور اليونان: (المذهب الرسمي لأمة اليونان هو مذهب الكنيسة الأرثوذكسية الشرقية) ، وفي المادة رقم (47) ( كل من يعتلي عرش اليونان يجب أن يكون من أتباع الكنيسة الأرثوذكسية الشرقية )، أما دستور الدنمارك فينص في المادة رقم (1) بند (5) (على أن يكون الملك من أتباع الكنيسة

الإنجيلية اللوثرية) وفي المادة (1) بند (3) (أن الكنيسة الإنجيلية اللوثرية هي الكنيسة المعترف بها في الدنمارك) بينما تنص المادة (9) من الدستور الأسباني على أنه ( يجب أن يكون رئيس الدولة من رعايا الكنيسة الكاثوليكية) وفي المادة (6) (على الدولة رسمياً حماية اعتناق وممارسة شعائر المذهب الكاثوليكي باعتباره المذهب الرسمي لها) ، وفي الدستور السويدي المادة (4) (يجب أن يكون الملك من أتباع المذهب الإنجيلي الخالص ) ، كما ينص على ذلك بالنسبة لأعضاء المجلس الوطني ، وبالنسبة لانجلترا نجد في المادة (3) من قانون التسوية ( على كل شخص يتولى الملك أن يكون من رعايا كنيسة انجلترا ، ولا يسمح بتاتاً لغير المسيحيين ولا لغير البروتستانتيين أن يكونوا أعضاء في مجلس اللوردات " أنتهى الاقتباس للدكتور خالد القاضي ، فلقد وجدنا في الأمثلة السابقة نص على دين الدولة بل ومذهبها الديني وكلها أمثلة مسيحية سواء أرثوذكسية أو كاثوليكية أو برتستانتية ، وهناك دول أخرى تنص على دينها ولن نضرب المثل بإسرائيل كدولة دينية ولكن مملكة نيبال هناك في الشرق تنص على أن البوذية هي دين الدولة فلهذا في بلد كمصر تاريخياً منذ الفتح الإسلامي وحتى الآن لا توجد مبرر للنقاش حول دين الدولة بكل المعايير.
اللغة العربية هي اللغة الرسمية :
وكذلك الجزء الخاص باللغة العربية فمنذ دخول العرب مع الإسلام إلى مصر تحول اللسان المصري إلى العربية وأتقنها وظهر بلغاء للعربية من مصر وصارت مصر جزء لا يتجزأ بل والقلب للوطن العربي الكبير ، واللسان العربي هو لسان القرآن والقرآن الدستور المعبر عن الإسلام فتلازم الجميع للتعبير عن الكل ، وأيضاً لم ينازع أحد قديماً منذ الفتح الإسلامي ولا حديثاً حول اللغة العربية كونها هي اللغة الرسمية.
مبادئ الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع :
هذه هي الجزئية الثالثة من نص المادة الثانية من الدستور ، وهذه المادة كُتبت بهذا النص بغير حروف التعريف (ال) في دستور عام 1971 ، ثم عدلها الرئيس السادات في مايو عام 1981 ليضيف لها حروف "ال" ، فقد كانت "مبادئ الشريعة الإسلامية هي مصدر رئيسي للتشريع" فجعلها بعد التعديل "مبادئ الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع" ، ولقد كانت مصر تحكم وتنظم قوانينها من الشريعة الإسلامية الغراء طوال قرون من غير نص حيث لم تكن هناك نصوص دستورية كما هو الحال بالنسبة لدين الدولة الرسمي وهو الإسلام والذي كُتب كما ذكرت في دستور عام 1923 ، الذي صاغته لجنة من ثلاثين عضواً منهم حوالي

20 % أقباط وواحد يهودي وأغلب المسلمين لم يكونوا ممن يمكن وصفهم الآن بالتيار الإسلامي السياسي كما ذكر المؤرخ العظيم المستشار طارق البشري في مقاله حول هذا

الموضوع في أهرام الأربعاء الماضي 28 فبراير 2007 ، وكون دين الدولة الرسمي الإسلام يتضمن كون الشريعة الإسلامية مصدراً "التشريع" كما ذكر المستشار طارق البشري في مقال الخميس 1/3/2007 في الأهرام حول نفس الموضوع حيث قال نصاً "معنى أن يكون دين الدولة الرسمي أن تكون مرجعيتها الفكرية إسلامية ، وأن تكون هذه المرجعية إنما تترجح من داخلها الأراء والاجتهادات كما أورده الدستور من مبادئ أخرى تتعلق بالمساواة والحقوق والحريات ، وذلك كله في إطار ما تسميه المرجعية الشرعية ، وما تتقبله بأي من وجوه الاجتهاد والفقه المعتبر مما يلائم أوضاع الزمان والمكان وتغير المصالح العامة للأمة . ومعناه أيضاً أن يكون النظام العام الذي تشير إليه القوانين مشمولاً بهذه المبادئ والقيم وما تتوافق عليه الجماعة . وسنلاحظ تاريخياً أن النص على أن الإسلام هو الدين الرسمي للدولة، إنما يتضمن إقرار اً بأن تكون مبادئ الشريعة الإسلامية هي مصدر التشريع ، ومصدرية التشريع تعني مرجعيته وتشير إلى المورد الذي تستقى منها الأحكام ، لأن دين الهيئة إنما يعني مصدريتها ، وإلا كان النص لغواً " انتهى نص المستشار طارق البشري ، وهو يقصد بتعبير دين الهيئة أنه دين الدولة وكان قد رد في المقال الأول على الذين يقولون كيف يكون للدولة وهي شخص معنوي دين وأثبت أن لها دين وهوية ، وقد نقلنا نحن في بداية هذا المقال عن أن دولاً عدة مسيحية في أوربا تنص على دين الدولة ، بل على مذهبها المسيحي فالأمر ليس بدعاً في عالم الدول المتحضرة !!
السؤال المحير لماذا هذه الحملة الآن على المادة الثانية للدستور وخاصة الجزء الخاص بالشريعة الإسلامية ، لماذا صمت كل هؤلاء هذه السنين إن كان هناك مشكلة تثير حفيظتهم ، وما هي هذه المشكلة ؟ وهل استجدت هذه المشاكل بعد كل هذه السنين أو قل القرون إن شئت !!!
هل الأمر يتعلق بشعور عند البعض أن هناك ضغط أوربي وأمريكي للتدخل في ثقافتنا وهويتنا، والدولة في حالة ضعف ، فظنوا أن الوقت مناسب لطمس هوية هذه الأمة واستفزاز مشاعرها ، وإظهار العداء غير المبرر للإسلام كهوية للدولة المصرية وللشريعة كمصدر كان وظل وسيظل بإذن الله مصدراً للتشريع ؟ وكم حجم هؤلاء في الشعب المصري؟ أليس عجيباً أن مسئولي الدولة المصرية رغم سوء تصرفهم في مواد كثيرة من الدستور

يرفضون بشدة المساس بهذه المادة ؟ بالطبع بحكم قرون استشعار الدولة للخطر هم يعلمون أن هذا الأمر هو لعب بالنار ، وقد يلهب فتنة تقضي على الأخضر واليابس.
ولعل تصريح رمز من الكتاب الذي احترمه وهو الدكتور محمد السيد سعيد بإعادة صياغة المادة الثانية من الدستور لتكون (الشريعة الإسلامية والشريعة المسيحية ومبادئ الإعلان العالمي لحقوق الإنسان هي المصدر الرئيسي للتشريع) أصابني بالدهشة فأنا أظن أن

الدكتور محمد يعلم أنه لا توجد شريعة مسيحية حتى يطالب بوضعها في الدستور ، والأغرب من ذلك تلقف قيادة كنسية كبيرة لهذه المقولة وإعادتها مرة أخرى منسوبة للدكتور محمد السيد سعيد ، فإذا كان د. محمد - وأنا أستبعد ذلك - لا يعرف أنه لا توجد شريعة مسيحية فهل هذه القيادة الكنسية لا تعرف ذلك أيضاً ؟ !! ثم عودة لكلام د. محمد فهو يعلم بيقين حيث أنه نائب مدير مركز لحقوق الإنسان أن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان هو وثيقة دولية للدول التي تصدق عليها أن تقرها إذا أرادت بقرار من برلمانها أو حكومتها ليكون في أحسن الدرجات قانون ، ويعلم أيضاً أن كل الدول العربية والإسلامية حينما صدقت على هذا الاعلان أضافت عبارة بما لا يتعارض مع مبادئ الشريعة الإسلامية ، لأن هذا الإعلان به بعض النصوص التي تتعارض مع الشريعة ، وهو يعلم أيضاً أن الترتيب التشريعي لأي دولة يبدأ بالدستور وهو أبو القوانين وأن المواد الأولى من أي دستور هي مبادئ تهيمن حتى على باقي الدستور وأن الدستور كله أعلى من القانون وأن القانون أعلى من اللائحة .... إلخ.
فكيف يريد أن يجعل اتفاقية دولية عليها تحفظ من كل الدول العربية والإسلامية فإن يجعلها ليس فقط في الدستور ولكن في مادته الثانية التي هي بمثابة مبدأ دستوري ، مهيمن على باقي نصوص الدستور وموجهة له .
كنت أفهم لو أن البعض طرح تساؤلات أو تخوفات من مواد محددة تؤدي إلى شكوك في أي موقف سواء كانت من ناحية المواطنة أو التساوي في الحقوق والواجبات ، بين أبناء الوطن جميعاً بغير تفرقة على أساس الجنس أو اللون أو العرق أو الدين أو المذهب وحيث أن مادار كله بعيد كل البعد عن ذلك فإن هذه الحملة تثير الشك في نوايا من يقف وراءها ، بالرغم من يقيني بأنهم لن يصلوا إلى شيء ، لكنهم يخسرون الأغلبية الساحقة من الرأي العام المصري .